تقرير / انتقاماً لجده... متمرد «الماو الماو»

تحذيرات من ضغائن كامنة في نفس أوباما ضد بريطانيا

1 يناير 1970 01:28 ص
|لندن - من الياس نصرالله|
تعالت أمس في بريطانيا أصوات تحذيرية، من احتمال أن يكون الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما حاملاً معه ضغائن دفينة ضد بريطانيا، نتيجة لما ارتكبته من خطايا أيام استعمارها الكولونيالي في القارة الأفريقية، ومن ضمنها التعذيب الذي تعرّض له جدّه الكيني حسين أونيانغو أوباما، الذي كشف عنه الرئيس المنتخب في مذكراته الجديدة التي تصدر قريباً تحت اسم «أحلام من جدي» والتي قدّمت صحيفة «التايمز» أمس، عرضاً لها.
وكتبت «التايمز»، حسب مذكراته، «فأوباما ليس معجباً بالكولونيالية البريطانية، بل من المحتمل أن يؤدي اكتشافه أن السلطات البريطانية عذبت جده إلى تعميق العداء» لبريطانيا. وأضافت أن «أوباما لم يخف كرهه للإمبريالية البريطانية وغضبه على ما يراه كوحشية من جانب الحكم الكولونيالي في كينيا». وأكدت أن «كل الإشارات لبريطانيا وللبريطانيين في الكتاب جاءت سلبية» على الإطلاق. وتابعت أن «أوباما قدّم وصفاً مقتضباً لاعتقال جده من جانب البريطانيين، إما لأنه لم يعرف التفاصيل كاملة أو لأنه لم يرغب في الكشف عن مدى المعاناة التي عاناها جده على يد البريطانيين».
ووفقاً لمذكرات أوباما، توفي جده عام 1979، أي قبل الزيارة التي قام بها أوباما لمسقط رأس والده في كينيا، غير أن تفاصيل حياة الجد في ظل الحكم الكولونيالي البريطاني، طغت على حديث أوباما عن هذه الزيارة. وكان البريطانيون اعتقلوا جد أوباما وأخضعوه للتعذيب لانتمائه إلى المتمردين «الماو الماو» الذين بطشت بهم بريطانيا للحيلولة دون حصول كينيا على استقلالها. وأبرز في المذكرات مقطعاً من أوراق جده الذي عمل خادماً لدى الموظفين البريطانيين، تحدث فيه عن أن موظفاً أبيض، أي بريطاني، وجد أن الجد «غير مناسب للعمل ولا يستحق راتب 60 شيلينغ في الشهر». وقال أوباما انه خلال زيارته لكينيا سافر في القطار من مومباسا إلى بحيرة فيكتوريا، لكنه أضاف معلقاً أن مدّ هذا الخط من السكك الحديد كلف «أرواح بضع مئات من العمال المستقدمين من الهند».
واوردت «التايمز» أن أوباما لم يجد كلمة واحدة طيبة ليقولها في الكتاب عن الحقبة الكولونيالية البريطانية، بل انه لخصها بقوله انها «استغلال للسلطة الكولونيالية، والتشريد، والاعتقال، والتحقير على كل المستويات». حتى أنه قال ان الرجل البريطاني الذي كان جالساً إلى جانبه في الطائرة التي سافر فيها إلى كينيا كان عنصرياً اعتيادياً في حديثه عن البلدان الأفريقية «الملعونة». واضاف: «ببساطة غضبت، لأن الرجل تحدث إلي كأنه يعرفني جيداً، مفترضاً أنني أميركي، بل أميركي أسود، معتقداً أنني سأشاركه وجهة نظره حول أفريقيا».
ومشيراً إلى منطقة الوادي السعيد الواقعة في كينيا التي تعتبر مركز جذب شديد للسياحة الغربية، قال أوباما: «قدّمت كينيا، من دون خجل، تسهيلات لتوفير عصر تتكئ فيه حياة البيض في بلاد غريبة بارتياح شديد على ظهور العنصر الأسود». وأضاف: «في هذا البلد يمكن لرجل أبيض أن يتلقى الخدمة من رجل أسود من دون شعور بالذنب. وإذا حصل أنه شعر بسوء هضم خفيف نتيجة مشاهدته خارج الفندق لشحاذ مصاب بالجذام، بإمكانه دائماً السيطرة على ذلك بشراب التونيك الجاهز». ويعلق أوباما على هذا الكلام، قائلاً «الحكم الأسود جاء في النهاية. وهذا هو وطنهم. أما نحن فلسنا سوى زائرين».
وكتبت «التايمز» أن كتاب أوباما لم يتضمن صورة لجده، لكنه في المقابل أورد وصفاً له استقاه من سجلات النفوس الكولونيالية البريطانية للتدليل على الطريقة العنصرية التي نظر بها البريطانيون إلى السود كالتالي، «المظهر الخارجي: أسود غامق، الأنف: أفطس، الفم: واسع، الشعر: أجعد: الأسنان: ستة أسنان ناقصة». وتابعت أن هذا الوصف حتماً يُذّكر أوباما بالطريقة التي كانت تجري بها عمليات تصنيف العبيد الذين كان يتم استقدامهم في الماضي من أفريقيا إلى القارة الأميركية.
من جهتها، حذرت «الغارديان» من أن يشكل ما تعرّض له جد أوباما خطراً على العلاقات البريطانية - الأميركية. وربطت بين خلفية أوباما العائلية وإعلانه عن عزمه على إغلاق معسكر غوانتانامو وسحب القوات الأميركية من العراق. واضافت أن «من المحتمل أن ينتقم أوباما لجده من بريطانيا».