هل نحن مقيدون اجتماعياً من قول الحقيقة؟
هل نحن مقيدون وظيفياً من قول الحقيقة؟
هل تساومنا وظيفتنا وأعراف المجتمع على قول الحقيقة وتلوح لنا بالفصل والعزل والإقصاء ؟
هل يهددنا المجتمع بعصا التقاليد حتى لاننطق بالحق؟
هل وصلنا للدرك الأسفل من العدل والأمان؟!
هل يعقل أن يكون ولاء الانسان وصمته وخضوعه، في مقابل فكره ورأيه ومصداقيته الأخلاقية في ما يخص مبادئه وقناعاته أمام ذاته وأمام العالم!
هل نحن مضطرون للمجاملة على حساب أخلاقنا، لمجرد خوفنا من الفصل او فقدان وظائفنا. أي أن نطبق مقولة «لا نسمع، لا نتكلم، لا نرى» من أجل ألّا نصبح في الشارع. شارع الهامش والإهمال المجتمعي.
وهل هذا هو سبب انهيار الشعوب لأن الرزق على المحك والوظيفة معلقة برأي أو تغريدة وكبسة زر. ثم تعلق مشنقة التحقيق والنيابة والمحاكمة وربما السجن حول رقبته وبيته وكيانه ولقمة عيشه وطمأنينة أسرته ومستقبل أولاده.
لاشك أن المقياس يختلف من إنسان لآخر. خصوصا الذي يتحمل العديد من المسؤوليات. مثل زوجة، أولاد وأسرة. ويكون مصدر رزقه الوحيد هذه الوظيفة. قد نجده منكسرا على نفسه وقد يصمت او يجامل حتى يعيش ابناؤه بكرامة. ولو كان تحت ضغط ألم الندم ومرارة التضحية بقول الحق.
أما من لا يتحمل سوى مسؤولية نفسه فأعتقد أنه يرضى بالنوم على الرصيف على أن يتنازل عن قناعاته.
هناك جدلية واضحة بين مفهومين في هذا السياق:
1 - مفهوم التنميط الفكري و 2 - مفهوم الإجماع، فكلما أغرق المجتمع في الأمية والتخلف والجهل وكلما غالت السلطة في ممارسة القهر والظلم، ومال الحكم إلى الديكتاتورية والجبر والاستفراد بالحكم والرأي، أفرز هذا الواقع دعاة وحواريين يدعون إلى فكر أحادي إقصائي منمط ويجبرون المجتمع الغارق في سلوك القطيع على التسليم به تحت يافطة الإجماع.
هي بمعنى آخر جدلية «الفكر الصنمي والسلوك الغنمي». وحيثما يسود الفقر والعوز والظلم ينزل سقف الحاجات الثقافية من سماء المبادئ والأفكار إلى أرض الهم اليومي المنشغل بالحصول على كسرة خبز.
من يملك جوعك يملك رأيك وعقيدتك، رغم أنه في بعض الاستثناءات القليلة لا يعيش المرء دائماً بالخبز وحده.