ديرة آمنة مستقرة سكن أهلها في مهد الله وأمانه يوم الثاني من اغسطس 1990 فاستيقظوا على دخان دامس وأصوات لمدافع وازيز لطائرات وانفجار هنا وهناك... ماذا حدث؟
إنها لمصيبة كبرى عدوان عراقي آثم أحدثه هولاكو العراق، فجاء بجنوده واعوانه واتباعه ومناصريه ومعاونيه كي يفتك ويقتل ويسلب ويدمر جاره.
مصيبة طامة اذا استقرأ المرء حوادثها واحداثها وما مر على اهل هذه الديرة الهادئة والمسالمة وما تجرعه اهلها من ظلم وجور وبطش خلال مدة الاحتلال البغيض.
كم من شيخ عذب؟
كم من شهيدة قضت بنيران البغي والبطش والظلم، فلاقت ربها صابرة محتسبة حتى الرضع لم يسلموا من بغيهم وجرمهم فقد منع الهواء عنهم... اما الشباب الذين بذلوا كل ما يملكون في سبيل تحدي الطغاة والوقوف بوجههم وهم يمتلئون عزيمة واصرارا وتمتلئ قلوبهم نشوة بحب الكويت.
هذا الحب الذي يغمر جميع اطياف المجتمع صغارا وكبارا شيباً وكهولاً وشباباً، شباب في عمر الورد اقتيدوا الى منازلهم وأخبروا امهاتهم وآباءهم بأن ابناءكم قادمون فلما خرجوا لاستقبالهم فاجأهم قساة القلوب وعديمو الضمير بطلقات انطلقت من بنادق الخزي والعار والذل والاستكانة لتسدد نحو نحور الصابرين المحتسبين المحبين لأمهم الكويت.
ما أجملك أيتها الديرة
إنك سكنت في القلوب والكل يهتف
في ذلك الوقت وفي كل وقت
أحب الكويت لأن الكويت وجودي
وكيف لا احبها لانني درجت في احضانها ورشفت من مائها وتنعمت في خيراتها وحباني الله صنوف النعم وانا في كنفها.
ديرة عزيزة تسكن في القلوب، كل الافئدة سور لها والذي يعتدي عليها فإنه سينال مصير ما اقترفت يداه لأن جميع الاحرار والذين تنعموا بخيرات هذه الديرة وتلمسوا انسانية اهلها سيدعون على المعتدين عليها والله الكريم يستجيب دعاء المخلصين الصالحين.
عزيزي القارئ، في هذه الذكرى الأليمة على القلوب لا يسعنا الا ان نرفع أكف الضراعة إلى المولى القدير بأن يتغمد جميع الشهداء برحمته الواسعة الذين روت دماؤهم ارض هذه الديرة العزيزة، لتنبت ازهاراً فواحة العطر باسمة الوجه تتطلع إلى آمال مشرقة كريم يبذل به الجميع جهوداً مخلصة من أجل بناء صرح أمهم الكويت وردع جميع الذين يعتدون على هذه الديرة بالقول او العمل الذي يعمل على تأخر البناء وصد التنمية وتشجيع الهمم الوقادة والقدرات البناءة والاستعدادات المتمكنة حتى تسير الكويت محملاً يمخر عُباب الدنيا وتكون البحار كلها لها مجرى.
وصدق الأديب يعقوب السبيعي إذ يقول في رائعته:
علمتنا الكويت كيف نغالي في هواها
وكيف تحلو المنية
علمتنا الكويت كيف نجازي مَن يعادي
وكيف نردع غيه
عامرات قلوب أهلي وقومي بكويت
على الطغاة أبيّة
ساطعات بيوتها في الدياجي بشموس
على الظلام عصيّة
ولعين الكويت نبذل روحاً
ملأتها كرامة وحمية
فحرامٌ على الطواغيت شبرٌ من بلادي
وفي النفوس بقيّة