في المقال الأخير عن العولمة، نقدم بعض المقترحات الخاصة بالبيئة الأسرية والمجتمعية، من أجل التقليل من الآثار السلبية للعولمة، ونقترح ما يلي:
- وضع خطة استراتيجية للأسرة من قبل الدولة للتغيير، من أجل التأكيد على إصلاح واقع الأسرة، لكونها الكيان الأساسي الأول في بلورة الاتجاهات والميول والأفكار.
- العمل على دعم الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وطرح المشروعات التنموية والاقتصادية التي تعزز مكانتهما وتعالج مشاكلهما بشكل جذري.
- العمل على تفعيل قانون أحكام الأسرة، والأحوال الشخصية، وتطبيق القانون فعليا.
- إعطاء الشباب الأهمية القصوى، لتوفير احتياجاتهم في الوظائف المناسبة لهم والسكن الكريم، لكي يصبح في مقدورهم تكوين أسرة مستقرة وآمنة.
يقول الباحث فاروق أمين: لقد طال التغييرُ الاجتماعيُّ الأبناءَ، فكانَ لهُ دورٌ في إحداثِ حراكٍ مهنيٍّ للأبناء عن آبائهم، فنلاحظ التغيير الواضح في مهن الأبناء وكيف اختلفت عن مهن الآباء، فمثلاً أغلب من امتهنَ الصّيد والزراعة أصبح أبناؤهم موظفون يمارسون العمل الإداري والمكتبي، وقد ازدادت نسبة العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، وبالأخص الخدماتي والمصرفي. ففي عام 1971 كانت نسبة العاملين 74 في المئة، وارتفعت إلى 78 في المئة عام 1981، وبلغت عام 1991 نحو 82 في المئة، لكن منذ نهاية التسعينات وحتى الآن ازدادت نسبة البطالة والعمالة الأجنبية.
* تكاتف التربية والإعلام ومؤسسات الدولة، للعمل على:
- توعية الوالدين لاستخدام أسلوب الحوار لحل المشكلات الأسرية، حتى يتحقق الجو الأسري المناسب، وإبداء الرعاية والتعاطف مع أفراد الأسرة، والابتعاد عن أسلوب القسوة والعنف والضرب، والابتعاد أيضا عن أسلوب التدليل المفرط مع الأبناء.
- أهمية أن تكون العلاقات داخل الأسرة بين الوالدين وبين الأخوة قائمة على التعاطف والثقة والمساواة في المعاملة، حتى يتحقق الجو النفسي المناسب للأبناء.
- تشجيع أفراد الأسرة على الانخراط في العمل التطوعي منذ الصغر، لأنه يقوي الشخصية ويعطي الثقة بالنفس ويكسب المرء خبرات شتى، ولأنه يزيد من الانتماء والوطنية.
- توعية أفراد الأسرة بالسلوكيات الخاطئة، مثل حب المظاهر، والتبذير، وضرورة تعويدهم على كيفية الانفاق باعتدال، والبعد عن الإسراف، وتوجيه أولياء الأمور إلى ضرورة التخطيط المالي، وأهمية مناقشة الوضع الاقتصادي مع الزوجة والأبناء، لتحقيق التوازن بين الدخل والمصروفات، ووضع ميزانية شهرية توضح دخل الأسرة وأوجه الانفاق ومقدار التوفير.
- ضرورة توعية الأسرة بأهمية البيئة واحترامها، البيئة الطبيعية التي تشمل البر والبحر والجو، وعدم رمي المخلفات والفضلات في الشوارع والحدائق والسواحل والبحر، وخطورة المخلفات البلاستيكية على الإنسان والحيوان، واحترام جميع الكائنات من نبات وحيوان وإنسان، لأنها سلسلة غذائية متكاملة، فكل كائن يؤثر على الآخر، من أجل خلق البيئة الاجتماعية والتربوية والصحية والأسرية الصالحة.
- توعية الأسرة بأهمية الوقت وكيفية تنظيمه، وتوجيه الأبناء إلى كيفية الاستفادة من الوقت، بالعمل على توفير الأدوات والوسائل الثقافية، بحسب الإمكانيات المادية المتاحة للأسرة مثل: الكتب والمجلات الثقافية والأشرطة التعليمية والحاسب الآلي والانترنت، التي تمكّن الأبناء من الاستفادة من وقت فراغهم بشكل جيد.
- ضرورة تعزيز احترام اللغة العربية، فكل العرقيات والأجناس والقوميات تحترم لغتها، ولا يمكن أن تقوم لأي أمة قائمة إذا تجاهلت لغتها القومية، فاللغة وعاء الثقافة والحضارة، وهذا الأمر يتطلب وضع خطة استراتيجية رسمية لإعادة هيبة اللغة العربية، بالتعاون مع كافة الجهات الرسمية والأهلية والخاصة، تشمل العديد من الجهات الرسمية، فمثلا: على وزراة التربية فرض شروط على المدارس الحكومية والخاصة بعدد الحصص المقررة للغة العربية، وعلى وزارة الإعلام بث البرامج التي تعزز قيمة اللغة وتحترمها، وعلى وزارة العمل وضع اللغة العربية من الشروط الأساسية لقبول المتقدم في طلب أي وظيفة حكومية، وعلى وزارة البلديات ووزارة التجارة متابعة الأخطاء التي لا عدّ لها بحق اللغة في الشوارع والأسواق ويافطات المحلات التجارية، وغيرها من المؤسسات الحكومية والأهلية ذات العلاقة.
ختاما نؤكد ان موضوع العولمة طويل ومتشعب، ولقد حاولنا فتح نافذة على كل مفهوم له علاقة بالأسرة، وحاولنا تشخيص الواقع في المجتمع البحريني والخليجي عامة، كما قدمنا بعض المقترحات التي نتمنى أن تجد الآذان الصاغية لدى كل مسؤول، ونأمل أن نكون قد وفقنا في إلقاء الضوء على العولمة وأثرها على ثقافة الأسرة، فالعولمة كظاهرة لا يمكن قياس أثرها وتأثيراتها ونتائجها على الأسرة إلا بعد عقود.
aalsaalaam@gmail.com