كتبت مقالاً في العام 2008 بعنوان «مشروع مدينة الحرير»... والاسبوع المقبل بإذن الله، سأكتب مقالة بالعنوان نفسه، ولكن المحتوى وبعد مرور عشر سنوات، هل سيختلف كثيرا عن مقالة اليوم؟ هل التحديات الداخلية والخارجية التي واجهت الكويت من 2008 هي نفسها التحديات في 2008؟ هل هناك تغيرات وتطورات ستواجه تنفيذ مشروع مدينة الحرير؟ هل مشروع مدينة الحرير هو الحل لحفظ الأمن والاستقرار الداخلي والخارجي لدولة الكويت؟ الاسبوع المقبل سيكون المقال خاصاً عن رؤية مدينة الحرير ورؤية الكويت الجديدة.
إليكم ما جاء في مقالة 2008: الكويت جغرافيا صغيرة المساحة، واستراتيجياً تقع دولة الكويت بين دول كبيرة المساحة ذات نفوذ سياسي وعسكري واقتصادي. والحقيقة أن الكويت ليس لديها إمكانات هذه الدول... وديموغرافيا الكويت دولة يبلغ عدد سكانها من المواطنين أقل من مليونين، وهذا العدد لا يشكّل قوة عسكرية كبيرة لصد أي مطامع أو اعتداء خارجي، وتجربة الغزو الغاشم على دولة الكويت، وهي أكبر تجربة مريرة ومؤلمة مرت بها، تؤكد هذه الحقيقة.
واقتصادياً لدى دولة الكويت، عوائد نفطية وغير نفطية أكبر بكثير من حجمها المكاني... وهذا بحد ذاته مطمع لكثير من دول الجوار، فاذن جميع المعطيات التي تواجه الكويت، تعتبر تحديات وعقبات يجب أن تجد لها الدولة حلاً من أجل حماية أمنها ومكانتها. وهنا السؤال: كيف تكون الكويت قوة سياسية واقتصادية مؤثرة، ويكون لها ثقل دولي وعالمي يمنع المطامع وفكرة الاعتداء على أرضها ويجبر الجميع على عدم التعرض لها واحترام سيادتها وكيانها؟
? ولو رجعنا إلى تاريخ الكويت، نجد أن هذه الدولة الصغيرة بمساحتها، كانت تشكّل ثقلا اقتصاديا كبيرا عندما كانت مسيطرة على طريق الحرير، حيث لعبت في ذلك الوقت دورا محورياً، كحلقة ربط ما بين الشرق والغرب، ما اعطاها ثقلا اقتصاديا كبيرا رغم صغر المساحة.
من هنا، جاءت فكرة مشروع انشاء مدينة الحرير... هذا المشروع الذي سيعيد الكويت إلى الصدارة الاقتصادية والتي فقدناها لأسباب داخلية وانشغالنا بصراعات وفتن وغيرها... وأسباب خارجية، مثل الحرب العراقية - الإيرانية وبعدها الغزو العراقي الغاشم وحرب تحرير الكويت وحرب تحرير العراق وسقوط نظام الطاغية... هذه كلها كانت قيود خارجية أمام تحرك النشاط الاقتصادي في الكويت، وأشبه بالعصا التي وضعت في دولاب التحرك الاقتصادي.
إن إجابة السؤال السابق، تبلورت في مشروع اقتصادي ضخم يؤكد للعالم أنه لم يعد العامل الجغرافي من مساحة الدولة، ولا العامل الديموغرافي من حيث قلة اعداد السكان، يلعب دورا مهما في حمايتها وصد أي اعتداء عليها، وحتى العلاقات الدولية بين الدول الجيران والصديقة لم يعد موثوقا بها. ولكن الضمان الوحيد حالياً، يكمن في المصالح الاقتصادية التي تربط الدول...
فالكويت الدولة الصغيرة عندما تكون شريانا اقتصاديا ضخما وممرا تجاريا عالميا، ستعيد الكثير من الدول الصديقة والقريبة حساباتها مع الكويت وسينظر لها بمنظار آخر. وستعيد الكثير من الدول حساباتها بعد مشروع طريق الحرير أو مدينة الحرير.
وهذا العام والمقصود 2008، امتدت الأيادي الكويتية الحكيمة لرفع العصا عن الدولاب لإعادة دوران العجلة الاقتصادية السياسية لكويت المستقبل، واستثمرت الفائض والطفرة المالية لارتفاع سعر البترول في الوقت الحاضر من أجل مستقبل الكويت في مشروع مدينة الحرير والذي سيقام في شمال الكويت في منطقة الصبية... ويهدف مشروع مدينة الحرير لمواجهة التحديات وتحويلها إلى نقاط قوة من خلال انشاء مدينة نموذجية يحتذى بها في العالم ووضع الكويت في مكانة مرموقة على خارطة المراكز المالية والتجارية المهمة.
آن الأوان للنظر وبكل جدية إلى جيل الشباب القادم والذي بيده سيمسك زمام البلد لا بأيدينا نحن... فنحن فقط نرسم لهم خريطة الطريق وهم من سيسيرون عليها، فيجب النظر من الآن إلى المناهج الدراسية، فكويت المستقبل هي كويت العلم والفكر والتكنولوجيا والدين والأخلاق كويت المستقبل هي كويت شباب الغد...
[email protected]