د. وائل الحساوي / نسمات / من قال بأننا ضعفاء؟!

1 يناير 1970 01:32 ص
لو أن جميع الدول العربية والإسلامية فعلت ما فعلته ليبيا من ارسال سفينة شحن محملة بالمواد التموينية الى قطاع غزة حتى وان منعتها القوات الاسرائيلية من تفريغ شحنتها وتوزيع المساعدات على سكان القطاع، لأصبح لدينا 54 سفينة تمثل جميع تلك الدول، ثم تظل تلك السفن راسية قرب ميناء غزة لفترة طويلة ما يشكل ضغطاً اعلامياً رهيباً على الكيان الصهيوني، ويرى الناس بأم أعينهم حقيقة التعنت الاسرائيلي وقسوته!
ولو أن المسيرة التي قادها الشعب المصري لفك الحصار عن قطاع غزة قد تكررت في أماكن عدة في مصر ووصلت الى قرب الحدود مع غزة حتى لو منعتها الحكومة المصرية أو الصهيونية، ولو أن القوات المصرية تركت الابواب لقطاع رفح مفتوحة لدخول سكان القطاع الى داخل مصر أو تساهلت في صد من يدخل مصر، لو أن تلك الوسائل وغيرها قد تم تبنيها وتفعيلها لتغيرت أحوال قطاع غزة تغيراً كبيراً ولما تجرأت اسرائيل على الاستمرار في الحصار بالرغم من بشاعته!!
إن أوضاع الشعب الفلسطيني اليوم والحصار المرير عليه من دولة يقف وراءها أقوى دول العالم يتطلب اصراراً كبيراً من جانبنا واللجوء الى طريقة «المقاومة من دون عنف» التي لجأ اليها الرئيس الهندي غاندي والعديد من القادة السياسيين في العالم، والتي أثبتت بأنها اقوى سلاحاً من المقاومة المسلحة، فعندما أراد غاندي مقاومة الإنكليز لجأ الى اسلوب المقاومة السلبية ما جعل بريطانيا يجن جنونها وتحتار في مقاومته، فبعد ان أطلق الجيش الانكليزي الذي يحتل الهند النار على تجمع للهنود في البنجاب كان يحتفل بعيد الهندوس وعددهم عشرة آلاف فقتل منهم وجرح 1650 هندياً، قرر غاندي بأن يتبع طريقة المقاطعة الاقتصادية والاستغناء عن الانكليز في كل شيء، فطلب من الهنود التقشف والاعتماد على النفس وصناعة كل ما يحتاجونه، ومقاطعة البضائع الإنكليزية ليتحول الحصار إلى عقر دارهم، فرفض الهنود دفع الضرائب للإنكليز لا سيما الضريبة على الملح التي كانت بريطانيا تجني من ورائها الكثير، وقاد غاندي آلاف الهنود من مسقط رأسه في أحمد أباد في مسيرة بلغت 400 كيلومتر الى البحر حيث بدأوا في انتاج الملح من البحر والاستغناء عن الملح البريطاني.
كما كان الهنود يرفضون بيع أي بضاعة للإنكليز ويقفلون متاجرهم حتى لا يأخذها منهم الإنكليز، وقد قام آلاف الهنود بالنوم على قضبان محطة السكة الحديد لمنع القطارات الإنكليزية من المرور وهكذا.
نحن نملك أسلحة كثيرة لكننا نبرر لأنفسنا تارة بأن أعداءنا أقوى منا ولا نستطيع مقاومتهم، وتارة بأن الأمر في يد قادتنا وما لم يتحركوا فلن نتحرك، فمتى نلقي قفاز الضعف من أيدينا ونمسك بسلاح القوة الذي لا يقف أمامه عدو؟!
يقول الشاعر أبوالقاسم الشابي
في قصيدته: يقولون صوت المستذلين خافت
يقولون صوت المستذلين خافت
وسمع طغاة الأرض أطرش أضخم
إذا التف حول الحق قوم فإنه
يُصرم أحداث الزمان ويُبرم
لك الويل يا صرح المظالم من غد
إذا نهض المستضعفون، وصمموا!
إذا حطم المستعبدون قيودهم
وصبوا حميم السخط أيان تعلم!
أغرك أن الشعب مُغضٍ على قذى
وأن الفضاء الرحب وسنان، مُظلم؟
ألا إن أحلام البلاد دفينة
تجمجم في أعماقها ما تجمجم
هو الحق يغفى... ثم ينهض ساخطاً
فيهدم ما شاد الظلام ويحطّم


د. وائل الحساوي
[email protected]