غريبٌ في وطنه...!

1 يناير 1970 01:47 ص

السويد أنشأت وزارة تابعة لرئيس الوزراء للاهتمام بالمستقبل، وذلك منذ عام 1973، كما أنه بلغ عدد المؤسسات المهتمة بالدراسات المستقبلية في أميركا وحدها نحو 600 مؤسسة. ويذكر بعضهم أن الدراسات المستقبلية تشكل حالياً نحواً من 415 مقرراً دراسياً موزعة على 18 ولاية أميركية.
لن نقول أين نحن من هذا كله؟! أو ندّعي أنهم سبقونا بالاهتمامات المستقبلية، وذلك لأن النظر إلى الأمور بعيون مستقبلية منهج إسلامي صميم، وان المسلم يضبط إيقاع حركته في الحياة وفق متطلبات الآخرة في دار القرار. فكان من المأمول أن يتولد من هذا المنهج نظر مستقبلي فريد ومميز لدى الفرد المسلم في كل أمور الحياة، لكن يبدو أن انتفاع المرء بمبادئه لا يتأتى بطريقة عفوية، وإنما يحتاج إلى نوع من الفاعلية الذهنية والشعورية.
إن المعرفة المستقبلية تعني مزيداً من الفهم للحاضر، لأنه سوف يظهر في المستقبل بصورة من الصور. والنقص في فهم الحاضر سوف ينعكس على فهم المستقبل بصورة مكبّرة، وإن الواقع الذي نعيشه على درجة عالية من التعقيد بحيث لا يمكن فهمه من غير تفتيت وإعمال للإحصاءات والدراسات فيه. العالم اليوم مشغول بالمستقبل، وهو يخطط لاستيعاب الأحداث المتوقعة فيه، واحتلال مواقع متقدمة كلما كان ذلك ممكناً.
السؤال الملحّ الذي يفرض نفسه على المربين والمعلمين والعلماء والمفكرين وكل من يهتم بالمعرفة المستقبلية.. ما نوعية المسائل والمشكلات المحورية التي علينا أن ننمي بها معارف أطفالنا وشبابنا حولها؛ حتى يتمكنوا من خلالها من معايشة المستقبل بطريقة فاعلة ومؤثرة؟ مع أن لكل مجتمع إسلامي همومه الضاغطة، والتي يوليها أهمية خاصة، إلا أن المحاور والهموم المشتركة كثيرة جداً. يجب أن يتمحور تفكيرنا المستقبلي حول موضوع أساسي، هو كيفية توفير الشروط النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تجعل الفرد يحيا حياة كريمة، تمكنه من القيام بواجباته تجاه نفسه ودينه ووطنه.
وها هو الفرد الكويتي يشعر بالغربة في وطنه بسبب تخبط الحكومة بالقرارات والقوانين التي تتناقض مع نفسية المواطن، ومعيشته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، إذا أردنا استشراف المستقبل بصدق وشفافية ووضوح، لابد أن تدرك الحكومة أن خير ما تفعله هو تحسين قرارات الحاضر، وتحسّن من أداء أجهزتها المختلفة، وتوفر الأجواء التي تمكّن الفرد الكويتي من العيش عيشة كريمة في بلده.
لزاماً على الحكومة أن تعي بأن المواطن الكويتي يعاني من مشكلات الغزو الثقافي الخارجي والبطالة وضعف أداء النظم، فلا تتجاهل الحكومة تطلعات الفرد الكويتي ومشكلاته وهمومه وتضعه في صف عابر السبيل أو المقيم موقتاً، يجب أن يكون للحكومة قرون الاستشعار الممدودة في جوف المستقبل وعلى مقدار تحسسها له والتصاقها به تكون كفاءتها وصلاحيتها لخدمة الوطن والمواطن بخدمات متميزة تليق وترقى بالوطن والمواطن.

[email protected]
mona_alwohaib@