كانت وصية موسى عليه السلام لأتباعه المؤمنين من بني إسرائيل لمّا توعّدهم فرعون بالقتل أو التعذيب هي قوله: «استعينوا بالله واصبروا. إن الأرض لله يورِثُها من يشاء من عباده. والعاقبة للمتّقين».
ما أجمل لو أخذ بهذه الوصية العظيمة أصحاب الحق ممن يقفون في وجه الباطل.
هذه الوصية التي نقدمها لإخواننا المرابطين على أرض فلسطين، الذين يقارعون اليهود، ويتعرضون للقتل والتهجير والاعتقال من قبل الصهاينة، الذين تهدم بيوتهم وتقصف مستشفياتهم، وتقطع عنهم الكهرباء، ويحرمون من رواتبهم ويحاصرون لأكثر من 11 عاما - كما في غزة - ويصابون بخيبة الأمل من تخاذل الأقربين قبل البعيدين لعدم الوقوف في صفهم من أجل تحرير بلادهم.
هذه الوصية التي ينبغي أن يأخذ بها أهل الشام الذين يتعرضون لعدوان وحشي يشترك فيه النظام السوري والجيش الروسي والنظام الإيراني وميليشيا «حزب الله»... سُفِكت فيه دماؤهم، واعتُدِي فيه على أعراضهم، وتم تهجيرهم من أراضيهم.
وزاد من معاناتهم الصمت الدولي والتخاذل العربي.
لذا كان على أهل الشام استشعار المعاني العظيمة في هذه الوصية، ليكملوا مسيرة النضال من أجل الحصول على حقوقهم، واسترجاع حريتهم وكرامتهم.
هذه الوصية مهمة جدا لكل من تم إقصاؤهم عنوة من مراكز قيادية سيادية وصلوها عبر صناديق الاقتراع، لتكون بارقة أمل لهم بعودة الحق إلى أصحابه، وبزوال الظلم ولو بعد حين.
هذه الوصية نُذكّر بها كل عالم وداعية ومصلح تم إيذاؤه بالسجن أو التعذيب أو التهجير، بأنّ عليه ألا ييأس أو يقنط أو يستسلم، وإنما يصبر ويحتسب، ويعمل جاهدا من أجل نصرة الحق، متفائلا بقرب الفرج من الله تعالى.
لقد مكّن الله تعالى لموسى عليه السلام في الأرض بعد هلاك فرعون، ومكّن لمحمد - صلى الله عليه وسلم - في الجزيرة العربية بعد سنوات من المعاناة والمواجهات مع المشركين. ومكّن في العصر الحديث لدعاة العدالة والحرية كما في تركيا وبعض البلاد العربية والإسلامية، بعد صراع مرير مع المؤسسات العسكرية، ودعاة العلمانية، وبعض الأنظمة الديكتاتورية.
لذلك نقول: يا أهل فلسطين والشام، ويا أيها الدعاة والمصلحون، ويا أيها المضطهدون في الأرض أينما كنتم «اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تُفلحون» وتذكروا هذه الحقيقة الثابتة التي لا تتغير أو تتبدّل «إن الأرض لله يورِثُها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين».
Twitter:@abdulaziz2002