نص

خواطر من رفوف ليلة الشتاء

1 يناير 1970 10:53 ص

في ليلة من ليالي الشتاء الباردة الجميلة، وأنا أداعب مخيلتي لأستفزها لكتابة موضوع قد تجود بها علي ذاكرتي، أخذت موقد النار لأنعش جسمي بناره الدافئة، فوضعته بجوار الكرسي امام الطاولة لأكمل الجلسة الشاعرية.
 متذللا لفكري وذهني، أعددت له فنجانا من القهوة العربية، وعلى رشفات القهوة المتعاقبة لشفتي أخذ القلم يداعب أناملي واحدا تلو الاخر... وأنا أتجول في رفوف الذكريات والليالي من عمري وصوره تتوالي أمامي كشريط سينمائي.
 عملت القهوة عملها حيث راحت الكلمات تنساب وتتدافع مع بعضها، لتسطر الاحرف على الورق المبعثرة على الطاولة، حينها تناولت الفنجان فاذا هو مقلوب، أخذته أتفرس فيه لاحظت خطوطا ورسوما مبعثرة على جدرانه، تجبرني على التمعن فيه، لملمت الرسوم والخطوط المرسومة.
آه تلك الفتاة التي كنت أعرفها وأكن لها الاحترام والتقدير والمحبة، بلون بشرتها البيضاء وعينيها العسليتين وشعرها الاسيل، الذي يتمايل على الكتفين كأنه أمواج البحر وبابتسامتها المشرقة على محياها.
هنا بدأ الصراع... حقيقة هذه الصورة أم خيال، هل قراءة الفنجان حقيقية أم وهم؟!، باطنيا أقول كذب المنجمون ولو صدقوا، لأن الصورة ملأت فراغ الفنجان، كأني أتفرس صورة على الجدار، صدق عقلي القاصر المشتت. هل أني أراها حقيقة أم هي ذكرى مستوطنة في عقلي وذاكرتي وما هي الا لحظات وإذا بجرس الباب يرن ليعلن عن وصول ضيف قادم الينا ذاك الوجه حقيقة على الباب بكل روعته وجماله، ليس خيالا ولا ماردا يتجلى من زوبعة الفنجان.
 عندها وقفت ساعتي البايولوجية وجمد الدم في العروق، وانعقد اللسان ووقف التفكير غير عيني ترمقان الطرف بنظراتيها التفتيشيتين حولهما، كأني مصاب بصدمة.
عندما أفقت لم أجد شيئا غير ذكريات الموقف، لأني لن أستطيع أن أعرف كيف؟ وأين؟ ولماذا؟ كل هذه الاسئلة بددتها صدمتي، لكن السؤال الوحيد الذي استنتجته هل قراءة الفنجان حقيقة أم خيال؟!