«مذكّرة تذكيرية» من مجموعة الدعم ترسم «خريطة الطريق» الدولية للحكومة العتيدة

لبنان ينتظر ميركل غداً على وقع التباين الداخلي بشأن «النازحين»

1 يناير 1970 07:48 ص

رغم أن ملفّ النازحين سيطغى على الزيارة التي تبدأها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لبيروت غداً وتستمرّ حتى الجمعة، فإن بُعداً بالغ الأهمية تعبّر عنه هذه المحطة البارزة لجهة تأكيد استمرار المعاينة الدولية اللصيقة للواقع اللبناني القابعِ في مرحلةٍ انتقاليةٍ دقيقةٍ في الطريقِ إلى تشكيل حكومةٍ جديدةٍ بعد الانتخابات النيابية (في 6 مايو الماضي) التي أعطتْ إشاراتٍ واضحة إلى انتهاء حقبةٍ استمرّت منذ سنة 2005 وقامتْ على إمساك خصوم «حزب الله» الذين كانوا ينضوون في ما عُرف بقوى «14 آذار» بالشرعية، انطلاقاً من حيازتهم الغالبية في البرلمان، كـ«عنصرِ توازنٍ» داخلي بامتداد إقليمي بوجه الحزب ومن خلفه المحور الإيراني - السوري.
وفيما يغرق ملف تشكيل الحكومة بتوقعاتٍ متناقضة بدأت تثير علامات استفهامٍ حول مَن يُمْسِك بخيوط هذا المسار وحقيقة «القطب المخفية» فيه وحدودها، تأتي المحادثات التي ستجريها ميركل مع كبار المسؤولين والتي ستتناول أوضاع المنطقة ولبنان وصولاً إلى ملف النازحين، محمَّلةً بأكثر من «رسالة».
وفي رأي مصادر مواكِبة لهذه الزيارة أنها تضع في جانب منها لبنان الرسمي أمام اختبار مدى القدرة على تظهير موقف موحّد من قضية النزوح في ظلّ اندفاع وزارة الخارجية مدعومة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على خط الدفْع باتجاه تفعيل عودة النازحين «الآن» بمعزل عن مآل الحلّ السياسي، مقابل حرصٍ من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري على مقاربةٍ ترتكز على شراكةٍ مع الأمم المتحدة وبمعزل عن أي تنسيق مع النظام السوري وتتفادى «انفجار» هذا الملف في علاقات لبنان مع المجتمع الدولي أو في الداخل انطلاقاً مما عبّر عنه المسار الصِدامي الذي تفرّد فيه الوزير (الخارجية) جبران باسيل مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وتشير هذه المصادر إلى أنه إذا كان مسلَّماً به أن زيارة المستشارة الألمانية تحمل رسالة دعْم لما يشّكله وجود الحريري على رأس الحكومة من اطمئنان للمجتمع الدولي، فإن الأكيد أن ترسيخ هذا الاطمئنان يكون بولادة حكومةٍ توفّر، بتوازناتها وعدم جنوحها نحو تظهيرِ كونها «حكومة مقاومة» كما وصفها الجنرال الإيراني قاسم سليماني، لأن هذا سيشكّل المدخل لترجمة مقررات مؤتمر «سيدر 1» الذي عُقد قبل نحو شهرين في باريس.
وفي رأي المصادر نفسها أن ألمانيا التي تشكّل عضواً في مجموعة الدعم الدولية للبنان، ورغم خلافها مع الولايات المتّحدة حيال الاتفاق النووي مع طهران ورفْضها التخلي عنه، إلا أنها تلتقي مع واشنطن على عنوان احتواء نفوذ إيران في المنطقة تحت سقف هذا الاتفاق الذي اعتبرته الولايات المتحدة «الجسر» الذي عبَرت عليه طهران للفوز بـ«الدور» في المنطقة، وهذا يعني حسب المصادر أنه يتعيّن على لبنان أن يقيس بعنايةٍ خطواته سواء في ملف الحكومة أو التعاطي مع قضية النازحين التي لا يمكن فصل وجود جانب إقليمي فيها يَخدم المحور الإيراني من خلال إعادة أفواج من اللاجئين بما يوفّر«احتياطياً بشرياً» لجيش النظام يسمح له بالتركيز على جبهات أخرى.
وتوقفت المصادر عند ما كُشف أمس من مذكرة سلّمها سفراء مجموعة الدعم للبنان الأسبوع الماضي للرئيس عون ذكّرت (وفق وكالة الأنباء المركزية) بالمبادئ التي تتمنى المجموعة أن تعتمدها الحكومة العتيدة والتي كانت وردت في آخر اجتماع للمجموعة عُقد في باريس في ديسمبر الماضي، معتبرةً أن «الجيش اللبناني هو القوة المسلحة الشرعية الوحيدة في لبنان بحسب ما كرّسه الدستور واتفاق الطائف»، وداعية إلى استئناف المناقشات حول الاستراتيجية الدفاعية بعد تشكيل الحكومة وفق ما كان أعلن عون، ومكررة الموقف بضرورة جمْع سلاح الميليشات وتطبيق القرار 1559 و 1701 لجهة ضبْط الحدود.
وفي حين ترى الأوساط عيْنها أن المجتمع الدولي يشجّع على ولادة سريعة للحكومة للبدء بورشة الإصلاحات التي نصّ عليها مؤتمر «سيدر» تمهيداً لتسييل القروض الميسرة والمساعدات، على أن تكون هذه الحكومة بمعايير المجتمع الدولي، تنتظر بيروت ما ستحمله الساعات الفاصلة عن وصول ميركل لجهة تبيان إذا كانت محركات التأليف ستنطلق بأقصى قوة بعدما ترك الحريري فسحة كافية لتبريد الأرضية السياسية في البلاد كما لـ «استيعاب» الخطوط الحمر التي رسمها من خلال مسودّة التشكيلة التي قدّمها إلى عون قبل عيد الفطر.
ومن المرتقب أن يقوم الحريري، العائد من عطلة العيد في السعودية، بحركة مكثفة لتذليل العقبات أمام ولادة حكومته، وسط ملاحظة دوائر سياسية أن أوساط رئيس الحكومة أشاعت أنه سيلتقي عون للتشاور «تمهيداً لوضع اللمسات الأخيرة على خريطة توزيع الحصص والحقائب على مختلف المكونات الحكومية»، مشددة على كون الحريري يرفض أي شريك لـ «تيار المستقبل» في «التمثيل السُنّي» تماماً كما يرفض إلزامه بأي تشكيلة وزارية غير مقتنع بها طالما أنه الرئيس المكلف لإنجاز هذه التشكيلة، من دون أن تستبعد موافقته على انضمام وزير سُنّي إلى كتلة رئيس الجمهورية مقابل أن يحصل على وزير مسيحي.
وفيما بدا الردّ على «فيتو» الحريري على تمثيل خصومه السنّة من خلال اجتماعٍ عُقد في دارة النائب عبد الرحيم مراد (ضمّه الى 5 نواب سنّة آخرين) الذي أعلن ان «من حق النواب العشرة السنّة من خارج (تيار المستقبل) التمثل بوزيرين في الحكومة العتيدة»، فإن إشارات متزايدة تبرز حيال مرونة في عقدة تمثيل كتلة «القوات اللبنانية» على قاعدة إمكان قبول عون وتكتل «لبنان القوي» بمنْحها حقيبة سيادية مع 3 وزارات أخرى «على أن يحصل تكتلنا على 6 وزراء، عدا حصة رئيس الجمهورية» وفق ما أعلن النائب ماريو عون «أمّا نيابة رئاسة الحكومة فتعود لرئيس الجمهورية».
وإذ تبقى العقدة الدرزية على حالها وسط تَمسُك رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بأن تكون كامل الحصة الوزارية الدرزية لكتلة «اللقاء الديموقراطي» وإصرار فريق عون على تمثيل النائب طلال إرسلان، كان معبّراً النفَس التشاؤمي الذي عبّر عنه الرئيس نبيه بري بإعلانه «بدل أن نتقدم الى الامام، فإن الامور تسير الى الوراء»، متحدثاً عن «أسباب داخلية وخارجية تؤخر التأليف. ولا مؤشرات إيجابية تشير إلى الجدية المطلوبة. وإذا تأخّرت في الأيام العشرة المقبلة نصبح بوضع أصعب».