آلية مصرفية جديدة في التعامل مع المبالغ المهملة لفترة سنة

بنوك تودع في حسابات عملائها أموالاً... «منسية»

1 يناير 1970 09:27 م
  • البنوك لا تستطيع  إغلاق الحسابات المتضمنة لأي مبالغ 
  • ترحيل الأموال «النائمة»  إلى محفظة عامة  في حال لم يكن هناك حساب نشط 
  • إدارة العمليات نظّمت التعامل مع هذه الأصول لتخفيف الضغط التشغيلي والتكلفة 
  • حساسية مصرفية من أن يؤدي التواصل عبر البيانات القديمة  إلى مخالفة قانون السرية

إذا تلقيت رسالة نصية من بنكك، تفيد بأن هناك مبالغ أودعت فجأة في حسابك، دون أن تعرف مصدرها، فلا يفترض أن «تشطح» بخيالك بعيداً جداً، وتعتقد بأنك أحد فائزي السحوبات البنكية التي تسمع عنها، فالمسألة بكل بساطة أن هناك تغيراً طرأ أخيراً على آلية تعامل إدارة عمليات بعض البنوك مع الحسابات الخاملة.
ومصرفياً، يمكن أن يكون للعميل نفسه أكثر من حساب «منسي»، إلا أنه وفقاً لقواعد حماية أموال العميل، لا يستطيع البنك إغلاق الحسابات المتضمنة لأي مبالغ ولو ربع دينار، وكل ما يمكن القيام به تجميدها في حال مر عليها 6 أشهر دون إجراء أي عملية مصرفية، سواء إيداع أو سحب، ما أدى إلى وجود طبقات متتالية من الحسابات الخاملة لدى البنوك تضم مئات الآلاف.
ولحلحلة هذه الإشكالية، لجأت بعض البنوك إلى إقرار آلية جديدة في التعامل مع الأموال المهملة لفترة متواصلة تصل لسنة، حيث تم الاتفاق على ترحيلها إلى حساب آخر للعميل على أن يكون فاعلاً، فيما تنشأ محفظة تضم حسابات عامة لهذه الأموال، حفاظاً على حقوق العملاء إذا ظهروا مستقبلاً وطالبوا بحقوقهم، وبذلك يمكن للبنك إغلاق هذه الحسابات، وتجنب الكلفة التشغيلية التي كان يضطر إلى تحملها خلال السنوات الماضية حفاظاً على الحساب.
ونتاجاً لهذه الآلية، تلقى العديد من العملاء من بنوكهم في الفترة الأخيرة رسائل تفيد بارتفاع أرصدتهم فجأة، قبل أن يعلموا أن هذه المبالغ المودعة في حساباتهم، عبارة عن تجميع لأموالهم «المنسية» في حساباتهم المجمدة، وبالطبع هذه المبالغ متباينة القيمة من عميل لآخر، كما أن سبب فتح الحساب يعد أحد اعتبارات تحديد القيمة المجمعة.
وعملياً، هناك أعداد كبيرة من الحسابات الخاملة محتفظ بها في البنوك، بعضها بسبب الاكتتابات العامة في الشركات المساهمة التي طرحت الدولة حصة منها للمواطنين، حيث لجأت شريحة كبيرة منهم إلى فتح حسابات عديدة لهذه الملكيات، قبل أن ينقطع اتصالهم بالبنك لبيع هذه الملكيات في مرحلة لاحقة.
وهنا قد تكون المبالغ المجمعة بحدود معينة، علاوة على أن هناك حسابات المغادرين من غير الكويتيين، الذين ارتفعت أعدادهم في الآونة الأخيرة، إما لترحيلهم إلى بلدانهم، أو لانتهاء فترة عملهم، ما زاد نسبة الحسابات المفتوحة، التي تشكل ضغطاً تشغيلياً على البنوك غير مستحق، ولا يحمل أي عوائد لهذه المصارف.
وبالطبع تختلف معدلات الأموال الموجودة في مثل هذه الحسابات عن الودائع «النائمة» في البنوك منذ سنوات طويلة، بسبب موت أصحابها منذ فترة طويلة، بعضها يتجاوز المليون دينار، إذ إن مثل هذه الحسابات لا تزال تشكل تحدياً كبيراً للبنوك التي لا تستطيع إغلاقها، أو تجميعها، على أساس أن جميع الحسابات المرتبطة بها مجمدة.
وفي غالبية الأحول يصعب على المصارف التواصل مع أصحاب الحسابات المجمدة أو الخاملة، وذلك لاحتمال تغيير بياناتهم المدنية، ولجهة تغيير العنوان الذي سجلوا عليه فتح حسابهم في السابق أو بيانات التواصل معهم هاتفياً وعبر الإنترنت.
كما أن هناك حساسية مصرفية من أن يؤدي التواصل مع العملاء من خلال بياناتهم القديمة إلى مخالفة القانون في ما يتعلق بسرية المعلومات، حيث إنه قد تصل بياناتهم المصرفية إلى آخرين غير معنيين من دون قصد.
وتعد البنوك قديمة التأسيس أكثر عرضة من المؤسسة بعد العام 2000 للاحتفاظ بحسابات مجمدة، فشريحة من عملائها ربما يكونون من مواليد 1900، كما أن غالبية المؤسسات الكبرى مرتبطة بملفات حسابات لموظفيها مع البنوك الكبيرة، مع الأخذ بالاعتبار أن ذلك قد يقلل فقط من نسبة وحجم الودائع النائمة في البنوك الصغرى لمصلحة الكبرى، لكن بالنسبة للحسابات المجمدة بعد 6 أشهر تكاد تكون المعاناة واحدة.
ولعل ما ساعد إدارات عمليات بعض البنوك في تبني هذا المستجد التنظيمي، أن الحسابات المصرفية المهملة تستغل في مخالفات قانونية عديدة، من أهمها عمليات غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، التي دفعت بنك الكويت المركزي قبل فترة إلى وضع معايير للتعامل مع الحسابات غير النشطة لفترات معينة، في وقت اشتكت فيه المصارف من تحمل كلفة حسابات غير فاعلة.
وتنظيمياً، أقرّ «المركزي» ضوابط، سمحت للبنوك بتجميد حسابات التوفير و«الراتب» و«الجارية»، الخالية من أي أموال «زيرو رصيد»، إذا لم يجر عليها أي حركة خلال 180 يوماً، وغلق حسابات التوفير والراتب والجارية، التي تتضمن أموالاً مهملة لفترة متواصلة تصل لـ 913 يوماً، على أن يتم ترحيل أصولها إلى حسابات أخرى خاصة، حفاظاً على حقوق العملاء إذا ظهروا.
ولفتت المصادرإلى أن الحسابات المرتبطة بودائع، يتم تجميدها في حال تجاوزت المهلة المحددة، لكن لا يغلقها البنك، كونها مخزناً للعوائد، موضحة أن التنظيمات التي استجدتها البنوك، وكذلك «المركزي» في التعامل مع الحسابات المهملة، سيساعد في تخفيض أعدادها إلى مستويات معقولة، دون أن تضع توقعاً محدداً في هذا الخصوص.