نسمات

لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله!

1 يناير 1970 01:32 ص

تخطينا نصف هذا الشهر الفضيل بسرعة فائقة، ولم نستطع متابعة تأثير الصوم في نفوسنا.
شعرنا بالتوتر قليلاً خلال منتصف النهار، فأجسامنا قد تعودت على أن تكون قريبة من موائد الطعام والشراب، ويصعب عليها أن تقتنع بأنه لا مجال للأكل والشرب حتى يحين وقت آذان المغرب، ولكن الله تعالى ينزل علينا من رحماته وبركاته ما يلهمنا الصبر والاحتساب.
عندما أشاهد أحفادي الذين لم يتجاوزوا السنوات السبع أشد صبراً مني ويحتملون مشقة الصيام من دون كلل أشعر بالخجل من نفسي، وأعلم بأن الخلل في نفسي، حيث أطلقت لها العنان طوال العام ولم أعودها على احتمال صيام ساعات قليلة من النهار!
تفكرت في جنودنا البواسل على الحدود يتصدون لأعدائنا ويمنعونهم من البغي علينا، فها هم في اليمن يقومون بالتصدي للمجرمين الحوثيين ويصلون إلى ميناء الحديدة الاستراتيجي، وقد أصبح سقوط هذه المدينة قاب قوسين أو أدنى بإذن الله، وبعدها ستتم محاصرة صنعاء ثم تقويض حكم أولئك البغاة وتطهير الجزيرة من رجسهم!!
لقد فعلها جند الله سابقاً وأنجزوا الانتصارات على الأعداء في شهر رمضان المبارك.
لاتحسبن المجد تمراً أنت آكله...
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقال الشاعر:
تريدين إدراك المعالي رخيصة...
ولابد دون الشهد من إبر النحل
وقال:
لولا المشقة ساد الناس كلهم...
الجود يفقر والإقدام قتال
وقال:
وما استعصى على قوم منالا...
إذا الإقدام كان لهم ركابا
رمضان ما هو إلا ورشة عمل كبيرة قد لا نشعر بأهميتها ولكنها تعمل خلال شهر كامل على تنقية أجسامنا من السموم وتنقية أرواحنا من الأغلال التي جثمت عليها طوال العام!!
سمعت العديد من الناس يقول: لقد تعبنا من رمضان، من صيامه ومن المشاغل المرتبطة به، والحقيقة أن كثيراً من تلك المشاغل هي من صنع أيدينا ومن مبالغتنا في أمور لا أهمية لها!
دعونا نتذكر قول الله تعالى: «أياما معدودات»، فلو زادت عن شهر لشعرنا بالملل ولو كانت بضعة أيام لما شعرنا بفائدتها، فالحمدلله على نعمته، ونسأل الله تعالى أن يحقق لنا الثمرة من الصيام «لعلكم تتقون».