شهر أشرق على الدنيا ونفحاته كلما إشراق إنها تدعو إلى الخير بجميع صنوفه وانواعه وأشكاله وتشير إلى الهدوء والاستقرار والسكينة من أجل التذكر والتفكر والعبادة وقراءة كتاب الله الكريم والعمل بما جاء فيه واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
إنه شهر الأمل واغتنام الفرصة، فلابد للانسان أن يغتنم الفرص فإنها تمر مر السحاب.
كما أشار أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب، عليه السلام، في خطبته البليغة وكل خطبة كذلك والتي تخلو من حرف الألف: وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه وشبيبته قبل هرمه وسعته قبل فقره وفرغته قبل شغله وحضرة قبل سفره قبل تكبرٍ وتهرمٍ وتسقمٍ يمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه وينقطع غمده ويتغير عقله.
ما اجملها من فسحة للخير في هذا الشهر أن يغتنمها المرء...
فهنيئاً للخيرين الذين يشيرون إلى الخير وينبذون كل فرقة ويصفون قلوبهم ويصلون أرحامهم ويسألون عن أهاليهم وجيرانهم واحبائهم ويقدمون كل صنوف المساعدة على اختلاف أنواعها... شهر فيه النوم عبادة والأنفاس تسبيح والدعوات مقبولة.
فما أجمل أن يغوص المرء بدعوات صادقات بأن يفرج الله عن جميع المهمومين والمكروبين والمرضى وأن يفرح عن كل الاطفال الذين يأنون من ويلات الدمار والتنكيل في جميع اصقاع الدنيا وأن يجعل رحابهم تسودها الاستقرار والأمن والطمأنينة.
عزيزي القارئ، ان لأهل هذه الديرة الطيبة تراثا جميلا وعادات رائعة في هذا الشهر المبارك.
فإذا أقبل الشهر قال قائلهم:
أقبل رمضان بو القرع والبيديان يشيدون إلى الاكلة المفضلة التي يتناولونها في الفطور، وهي التشريب، وقبل أن تثور الواردة ترى الفريج كخلية نحل تتداول بين البيوت صحون الهريس واليريش والخبيص وصب القفشة واللقيمات.
وجميع أهل الفريج يستبشرون وقلوبهم مطمئنة وهم متفاؤلون على قلة ما يمتلكونه حيث يهرعون قبيل الفطور إلى بائع الثلج ليشتروا قليلا منه كي يرووا عطش الصيام بماء بارد تشوبه رائحة اللقاح.
فلنشكر الله على نعمة الخير وكثرة النعم ولنتذكر الفقراء والمحتاجين ولنقنن في مأكلنا ولا نسرف لأن الله لا يحب المسرفين.
شهر عظيم أقبل علينا فلنغتنم الفرصة فيه ولنجد ونجتهد ونجعله شهر عمل وإصرار واكتساب الخير من جميع مناهله وتقديم الخير إلى الناس من دون حدود...
لأن خير الناس من نفع الناس
اذا كان شكري نعمة الله نعمه
عليّ له في مثلها يجب الشكرُ
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله
وإن طالت الأيام واتصل العمرُ
مبارك عليكم الشهر