معالجة نفسية

من هو الوافد؟

1 يناير 1970 07:07 ص

تعالت الصيحات في السنوات الأخيرة في دول الخليج وكذلك في الدول الأوروبية والأميركية وكندا، على المهاجرين والوافدين، وذلك من جهة، بسبب الازدياد الفجائي في الكثافة السكانية حول العالم وما يترتب عليه من تقليل فرص العمل للمواطنين والوافدين، ومن جهة أخرى بسبب ميكنة العديد من الوظائف ما قلل الاحتياج الى الايدي العاملة، وبالتالي مرة أخرى البطالة وتقليل فرص العمل، ما أدى الى الاعتراض على وجود المهاجرين والوافدين لأداء المهن، وأبناء الوطن عاطلون عن العمل.
لكن إذا كان الحل الذي يقوم به الشعب هو الصراخ والاعتراض على وجود الوافدين، هل يصح ذلك من الطبقة العليا... الطبقة التي تتخذ القرار والطبقة التي تنفذ القرارات؟!
إذا كان الناس جاهلين او منفعلين او يتصرفون تجاه الموضوع بانفعالية، هل الطبقة العليا ايضاً لا تعلم من الوافد؟
حسناً الوافد هو الخباز الذي يقف امام التنور في حرارة الصيف التي تعلو على 50 درجة مئوية، ويخبز لك الخبز وانت حتى لا تستطيع ان تنزل من سيارتك لتأخذه منه، فترسل السائق الوافد او الخادمة الوافدة. وهو الموظف الذي يعمل في الشركات المتعددة ستة أيام في الأسبوع و12 ساعة في اليوم. وهو عامل النظافة في الشارع وفي أماكن العمل. وهو الذي يخدمك بابتسامة لا تفارق شفتيه في المطعم في الساعة الحادية عشرة مساء.
وهو أخوالي وأخوالك، حيث اشتهى آباؤنا الكويتيون ان ينوعوا في نسائهم، فتزوجوا من دول العالم كافة. وهم ابناء ابنتنا الكويتية حين تزوجت من غير كويتي، فأصبح أبناؤها، وافدين، وأبناء الكويتي من زوجته الوافدة كويتيون بالتأسيس (وهذا جرح اخر). وهم اخوال وخالات ابنائنا الكويتيين حين تزوج ابوهم من غير كويتية تسكن في الكويت هي وأهلها.
وهو الطبيب الذي يعالجك. والمعلم الذي يدرس ابناءك. والمهندس المدني الذي يعمل في الصيف والشتاء في المشروع، بينما يجلس المهندس الكويتي في مكتبه او يغيب عن عمله.
حسناً ربما تقول، لماذا المدرس يكون وافداً ولا يكون كويتياً؟ اظن أنك يجب أن تسأل السؤال من نفسك، حين قالوا لك اذهب الى كلية التربية لتصبح معلماً، فقلت اخر ما يمكن ان افعله هو ان أكون معلما! والمعلمة تتذمر من وجود معلمات أجانب، لكن كلما رأت فتاة كويتية تريد أن تتخصص في كلية التربية قالت لها: «اشفيج مينونة بتصيرين معلمة !!!»... يعني لا ترحمون ولا تخلون رحمة الله تنزل!
سابقاً كان ولاء الوافد للدولة التي عاش فيها وعمل فيها وتزوج فيها وكبر أبناؤه فيها، اكثر من ولائه لوطنه الذي لفظه ولم يؤوه... لكن بفضل العنصرية الجديدة والتصرفات غير المثمنة والحلول الطفولية لأزمة البطالة، اصبح الوافد، وهو طبيبنا ومعلم ابنائنا ومهندسنا، يعمل لنا وهو يكرهنا ويكره عنصريتنا! هل بهذا الشكل حللتم لنا الأزمة؟
نعم توجد عمالة سائبة تخل في الامن وتتحول إلى عصابات وتثير المشاكل لكن من هو الكفيل؟ هل تقدرون عليه؟ ما الذي يمنع الدولة من تنظيمهم واستخدامهم بدل الاستقطاب اليومي للعمالة؟
نعم يستطيع المهندس الكويتي وبجدارة ان يصمم ويبدع ويعمل ويذهب الى المشروع في الحر والبرد، لكن من الذي كلف الشركة الخارجية بذلك، ومنع الكويتي من ان يبدع؟ هل وجدتم حلا لهذه «الشربكة»؟
نعم الكويت لديها شباب وراشدون يستطيعون ان يؤدوا الاعمال الحكومية في الوزارات بأحسن وجه. وفي الكثير من القطاعات الحكومية قد لا يحتاجون الى غير الكويتي لكن من الذي وظفهم؟ هل عرفتم السبب في وجود مستشار غير مواطن في أخطر الوزارات؟
هل انتبهتم إلى ما تثيره خطاباتكم من أضرار نفسية في شريحة كبيرة من أعضاء المجتمع تعيش معنا في كل لحظة؟ هل انتبهتم إلى أن الكثير منهم هم ابناؤنا وفي بيوتنا؟ وهل يخلو بيت كويتي لم يتزوج احد أفراده من غير كويتي؟ هل فكرتم في نفسية الشاب الذي تفوق على أبناء خالاته واخواله في الدراسة، لكنه غير كويتي... فهو كائن غير مطلوب؟

[email protected]