هناك مفاهيم وأفكار نفهمها من خلال العقل وليس الحواس، نعرفها ونعقلها ونفهمها بفلسفة ربانية، لم ولن نستطيع أن نتلقاها أو نتبناها إلا في وقت معين ومحدد، هي من تؤدبنا وتقومنا وتكسبنا المبادئ والقيم التي تجعلنا أفراداً صالحين مصلحين، لدينا رغبات وطموحات وأهداف، أعظمها وأجلّها الوصول للجنان.
وكلنا يعلم أن هناك أهدافا مرحلية في دار الاختيار بل دار الاختبار، وهي عبارة عن وسائل وأدوات تؤهلنا وتمهد لنا الطريق للوصول إلى غاية الهدف، ومن الضروري أن يكون لدينا زاد ومؤنة تغذينا وتعيننا على المضي بالسير من دون عقبات وعثرات وأهمها وضوح وشفافية المنهاج الذي نسير عليه. إن الهدف يفتح الذهن، ويستثير الخيال، ويجعلنا دائمي التفكر بكيفية بلوغ الأهداف، ويستنهض فضولنا، ويعيننا على صنع حالة عدم الرضا الصحي عن وضعنا الراهن، لنبحث عما هو أفضل وأرقى، وحتما سنتعرف على الأشياء التي نريدها في الحياة ونضع خطة بمجموعة الأفعال اللازمة للحصول عليها، ومن أهم إيجابيات مسيرنا ضمن أهداف هو إيقاظ ذلك العملاق النائم بداخلنا لنكتشف أنفسنا ونتعرف على ذواتنا، ومن ثَم مؤكدا سنتعرف على نقاط ضعفنا وترهلنا، حتى نتغلب عليها ونستبدلها بنقاط قوتنا.
إن النظرة المتعمقة للمواقف والأحداث والأشياء تكشف أكثر بكثير مما تكشفه النظرة العابرة، لأن معظم الناس يحتاجون أحياناً إلى شخص آخر يوضح لهم ما هو واضح، وكثيراً ليوضح لهم ما هو أقل وضوحاً، وذلك بسبب النظرة السطحية التي صورها الإنسان في ذهنه عن شخص أو مكان أو زمان أو حدث من دون أن يقرأ أو يسمع عنه، ويستند على تلك الصورة ويشخص ويفند وينظر لواقع وهمي من صنع صورته الذهنية، إن الفلسفة التي تحتويها الكلمات التي نقرأها أو نسمعها من مصادرها الحقيقية يمكن أن تصنع اختلافاً كبيرا في حياتنا، فالكلمات أبلغ من الصور، صحيح هي مجرد كلمات ولكنها ذات وقع فغيرت مصائر شعوب ومعتقدات بشر ومسار تاريخ وحياة ملايين الناس.
لا تكن إنساناً تافهاً خاوياً كل ما يقال يمر عليك مرور الكرام، من دون أن تقف عنده وتحلله وتفنده بطرح التساؤلات التي توصلك إلى عمق العمق في الأحداث والمواقف والأشياء التي تمر بك، تعلم كثيرا وطويلا، إن التعلم هو استخراج أفضل ما فيك، ولن تجد بيئة خصبة وصحية للتعلم أكثر من شهر رمضان، الشهر الذي أنزل فيه القرآن العظيم، فلنستغله بكل ما نملك من قدرات وإمكانات لنستمتع بنفحات ورحمات وبركات الرحمن، ونعزز إيجابياتنا، ونعيش مبادئنا وقناعاتنا بنكهة رمضانية تساعدنا على إكمال مشوارنا بتحقيق أهدافنا.
mona_alwohaib@
[email protected]