في ختام فعاليات الموسم الأول من الأنشطة الثقافية والفنية الراقية التي يقدمها مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، ضمن رسالته النبيلة للتنمية الثقافية، كان الجمهور الكبير الباحث عن اجتهادات إبداعية مغايرة على موعد، أول من أمس، مع عرض فني ضخم عاد بهم إلى حقبة الثمانينات من القرن العشرين، وحمل عنوان «أين تذهب هذا المساء؟»، وهو عرض يستجيب لنزعة الإنسان عموماً إلى الحقب والمواقف التي سبق أن مرّ بها، ولأن أكثر ذكرياتنا مرتبطة في وجداننا بأعمال فنية عُرضت على شاشة التلفزيون غالباً، ومن هنا جاءت أهمية هذا العرض الذي أنعش الذاكرة وعزز الحنين إلى ماضٍ صار بعيداً، لكنه لا يزال حياً في وجدان الجمهور، لأن الإبداع لا تخبو شعلته أبداً!
العرض بكل فقراته الموسيقية المعزوفة والمرئية أيضاً، عكس الجهود الكبيرة التي بذلها القيمون عليه، لكي يصل إلى عيون المشاهدين وقلوبهم بأبهى صورة، وهو ركز على موسيقات شكلت الذاكرة السمعية الجمعية للكويتيين وربما لكثير من الخليجيين أيضاً، فهي تضم برامج ومسلسلات وألعاباً ومناسبات كويتية وطنية ودينية ورياضية وغيرها منذ الثمانينات، وقد بدت على الجمهور ملامح السعادة بالعرض الباهر الذي تمثل في رحلة ممتعة عكس اتجاه الزمن!
وعلى المسرح الوطني في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي قُدِّم العمل على مدار أربعة أيام متتالية. بعدما كان مقرراً لثلاثة أيام فقط، لكن مسؤولي المركز لم يكن في وسعهم إلا تمديد العرض يوماً رابعاً استجابةً لرغبات كثيفة من الجمهور من مختلف الأعمار الذي توافد للاستمتاع بالعرض التاريخي، الذي كان حافلاً بالمفاجآت الجميلة.
وأدى الديكور وأداء الفرقة الموسيقية بالمركز وإبداع المخرج والإضاءة وبقية العناصر دوراً مهماً في هذا الحدث الفني والثقافي، وشكل الجميع فريقاً متجانساً على قلب واحد من خلال أداء الفرقة الموسيقية في المركز مع المايسترو الدكتور محمد باقر والمخرج جاسم القامس وأحمد بودهام، وفريق أوركسترا مكون من قرابة ثمانين عازفاً ومؤدياً... بجانب الفريق الفني والإداري.
البرنامج الاستعادي كان حافلاً بكل الأيقونات الفنية في حقبة الثمانينات، كالأعمال الدرامية المهمة، ومقدماتها الموسيقية، والأغاني التي رافقت مناسبات رياضية مهمة منها أغنية «هايدوه» لمنتخبنا الوطني لكرة القدم، بجانب البرامج التوعوية ومنها «سلامتك»، و«هيا إلى المناهل»، وأبرز المسلسلات المحلية «خرج ولم يعد»، و«رقية وسبيكة»، وكذلك أعمال مصرية شهيرة منها «ليالي الحلمية»، وبجانب أعمال كرتونية وثقافية، وباقة مختارة أخرى من الأعمال التي توهجت معها ذاكرة الجمهور الذي تمتع من دون شك، بهذه الرحلة الاستثنائية عبر الزمن.