أقامت رابطة مبدعي مصر في الكويت، أمسية شعرية نقدية لشعراء مصر والكويت، نسقها الشاعران رئيس الرابطة هشام الرفاعي، ورئيس العلاقات العامة نائب رئيس الرابطة محمد صبري علام، وذلك في المسرح الكبير في مكتبة الكويت الوطنية.
شارك في الأمسية كوكبة من القامات من شعراء الفصحى وشعراء العامية وهم، الأستاذ الدكتور سالم عباس خدادة، والأستاذ الدكتور سعيد شوارب، والشاعر محمود عثمان، كما شارك اثنان من شعراء العامية المصرية، وهما: رئيس رابطة مبدعي مصر الشاعر هشام الرفاعي، والشاعر شامل العزيزي، وشارك من النقاد الاستاذ الدكتور مصطفى عطية جمعة، والناقد الاستاذ الدكتور عبدالتواب محمود، وأدار الندوة الأستاذ الدكتور راشد جراري.
وشهدت الندوة حضورا حاشدا، يتقدمهم رئيس مكتبة الكويت الوطنية الدكتور كامل عبدالجليل.
وأشار مقدم الأمسية الدكتور جراري إلى أن الندوة جمعت بين عدد من الشعراء الكبار والشعراء الشباب، وبين شعر الفصحى والعامية، وبين الإبداع والنقد، ومن ثم راح يقدم شعراء الأمسية تباعا بنبذة عن منجز كل مبدع، وأبرز إنتاجه، وكذلك قرأ أبياتا من أشعارهم.
وألقى خدادة في الأمسية عددا من قصائد ديوانه الأخير «رثاء القمر» الذي يمثل تجربة رائدة في رثاء الأب لابنه، حيث فاضت قصائده بالحزن الشفيف، والشوق إلى ابنه الفقيد، بأبيات تحمل اللوعة والتسليم بقضاء الله، ومنها قصيدته الرائعة «مرارة كل الدنى في فمي»، حيث يقول فيها:
بني حبيبي ماذا أقول؟
وقلبي شظايا وعقلي ذهولُ
تمنيت فيك الأماني الغوالي
فكان نصيبي عيـنا تسيل
وإن نظرت بين دمع ودمع
فإن الذي تلتقيه الطلول
كما ألقى شوارب عددا من قصائده، منها قصيدته المعارضة لقصيدة أبي فراس الحمداني، «أراك عصي الدمعة شيمتك الصبر»، بقصيدة عنوانها «رسالة إلى أبي فراس»، يقول فيها:
أراك عصي الصبر أضلاعك الجمر
وجفناك قفر ليس يطفئه قمر
نصحتك تبكي اليوم لا أدمع غدا
غدا قدر الحادثات غد أمر
وألقى الشاعر محمود عثمان عددا من قصائده البديعة، ومنها قصيدته «الحجاب»...
وجوهرك العتيق بكل درب
فما أبهاه من فوق الثياب
وما أحلى البروج عليه يعلو
ليرسم لوحة بين الضباب
هو التاج الذي ينساب فخرا
ويزهو فيه بستان الشباب
وألقى الشاعر شامل العزيزي عددا من قصائده، منها قصيدته «فنجان القهوة اللي قصادك»...
الحضن الواقع من حضنك
الكيكة الدايبة في أوجاعك
القلق الباين في سكونك
الدفتر الوردة الدمعة الشاردة بقوا عنوانك
فاشربي فنجانك
القهوة اللي استلمت وعدك
من طول القعدة في أحزانك
صبحت زي الناس باردة
أما الرفاعي، فألقى قصائد عديدة، منها: قصيدة «المزاد»، وفيها يقول:
ألا أونا الا دو الا تري
قرب يالا تعالى يا بيه
قرب جرب يالا وشوف
اشتري لحمة وزحمة
وأرض العز بخمس خروف
كما ألقى في ختام الندوة قصيدة «انعطاف»...
ليه الدنيا بتشرخ صوتي
وأنا عايش فيها بشروطي
أنا حقيقة وكدبة صريحة
عايشة صراع في حياتي وموتي
بعد انتهاء الإبداع، قدم عريف الأمسية فقرة النقد، بادئا بالدكتور مصطفى عطية جمعة، الذي أشار إلى تميز الندوة بجمعها بين شعرية الفصحى والعامية، وأن الاتجاهات الحديثة في النقد تحتفي بما يسمى ببلاغة الجمهور، والتي يمثلها شعر العامية خير مثال، مشيرا إلى أن إبداع العامية متطور وعالي المستوى في العالم العربي. ثم تطرق إلى الشعر الملقى، فتناول تجربة خدادة، متوقفا عند كونها عاطفة منثالة بالكلمات، ناطقة بالإبداع الشفاف، وجماليات البلاغة من صور واستفهامات ومحسنات بديعية، في صدق وشجن عال.
وأشار إلى جنوح شوارب - الشاعر المخضرم - في تنويع شعره ما بين الكلاسيكية والتفعيلة، وكانت قصيدته معارضة ناطقة بالإبداع مع أبي فراس، وفيها الكثير من عواطف الإنسانية وتمسكها بالصبر.
وأن عثمان شاعر غزير الإنتاج، عاشق للكلاسيكية وجمالياتها، تناول في قصائده موضوعات عديدة، منها مجد المسلمين في الأندلس وقرطبة، وامتداح الحجاب في زي المرأة المسلمة بصور جميلة.
وأن شعر العامية كان إبداعا مغايرا، بداية من شعرية الأشياء في قصائد شامل العزيزي، وتوظيف المزاد وألفاظه في قصيدة «المزاد» للرفاعي، والعزف على الهم الإنساني والوطني في قصيدة انعطاف.
أما الناقد محمود، فشدد على تميز التجارب الشعرية المقدمة، وكيف أنها تعبر عن مستوى راق للشعراء، الذين خاضوا مضامين عديدة، كلها إنسانية شفافة عميقة، مؤكدا أن تجربة خدادة كانت متميزة في حزنها وصدقها مما يجعلها ذات مكانة شعرية متميزة، وكذلك تجربة شوارب بكل رصيدها من الخبرة والجماليات والفكر، وتلا نصوصا شعرية مما ذكره الشعراء، متوقفا عند أبيات عثمان الفياضة بالشاعرية، وكذلك أشعار العامية العديدة وصورها.