باريس - وكالات - يكثف المحققون الفرنسيون جهودهم لتحديد ظروف الاعتداء الإرهابي الذي نفذه أول من أمس في جنوب فرنسا مهاجم ينتمي إلى تنظيم «داعش»، قُتل بعد الهجمات التي أوقعت أربعة قتلى بينهم ضابط حلّ محل أحد الرهائن، ما أثار موجة تأثر كبرى في البلاد وسط إشادات ببطولته.
وفيما أوقفت السلطات شخصين على خلفية ارتباطهما بمنفذ الاعتداء، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب، أمس، وفاة الضابط في الدرك أرنو بلترام الذي حل محل امرأة كانت محتجزة رهينة وأصيب إصابة خطرة خلال عملية احتجاز الرهائن في متجر في تريب جنوب البلاد.
ووجه مسجد باريس الكبير تحية «لشجاعة وقيم والتزام» الضابط، الذي أشاد به الرئيس ايمانويل ماكرون مؤكداً في بيان أنه «مات بطلاً»، وأنه «يستحق أن يحظى باحترام الأمة ومحبتها».
والضابط الذي حل محل امرأة كان المهاجم يحتجزها «كدرع بشري»، حسب مصدر مقرب من التحقيق، «برهن عن بسالة وتفان لا مثيل لهما»، كما اضاف الرئيس الفرنسي.
ونكست الاعلام على مركز الدرك أمس، وبدأت أكاليل الزهر تصل الى أمام ثكنة كاركاسون.
وبوفاة الضابط (45 عاماً، متزوج وليس لديه أولاد) الذي وصفه كثيرون بـ«الشهم» ارتفع إلى أربعة عدد قتلى الهجمات التي خلفت كذلك 15 جريحاً ونفذها رضوان لقديم وهو فرنسي من أصل مغربي في الخامسة والعشرين من عمره، تصرف بمفرده في كاركاسون وتريب.
ونفذ لقديم الذي كان يحمل سلاحاً نارياً وسكيناً هجماته على ثلاث مراحل، بدءاً من سرقة سيارة في كاركاسون بعد قتل راكب وإصابة السائق بجروح خطرة. ثم في مكان غير بعيد أطلق النار على شرطي خارج دوام عمله وأصابه بجروح. ثم دخل متجراً في تريب على بعد نحو 10 كيلومترات من كاركاسون حيث احتجز رهائن وقتل شخصين.
ومع وصول الشرطة، عرض الضابط أرنو بلترام أن يأخذه رهينة مقابل الإفراج عن بقية المحتجزين وترك هاتفه مفتوحاً على طاولة فأتاح لزملائه معرفة ما يجري في داخل المتجر.
ولاحقاً، فتح لقديم النار على الضابط وطعنه طعنات عدة فأصابه بجروح خطيرة. عندها تدخلت وحدة من النخبة واقتحمت المتجر وقتلت المهاجم. وأصيب عسكريان بجروح خلال المداهمة.
من جهته، قال الشرطي السابق كريستيان جيلبير، الذي كان في المتجر، إنه «رأى شخصاً موتوراً يحمل مسدساً وسكيناً ويصرخ الله أكبر. ثم أطلق خمس أو ست رصاصات».
وقال حارس المتجر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «كنت على بعد خمسة أمتار. أطلق باتجاهي رصاصتين لم يكن يحسن التصويب»، مشيراً إلى أنه تمكن من اخراج العاملين في المتجر من الباب الخلفي.
ويركز التحقيق الذي أوكل إلى أجهزة مكافحة الإرهاب على أوساط منفذ الهجوم رضوان لقديم.
وفي هذا الإطار، وُضع صديق له يبلغ من العمر 17 عاماً قيد الحجز الاحتياطي خلال الليل، وكذلك «امرأة كانت تعيش مع» المهاجم.
ويحاول المحققون خصوصاً معرفة أسباب انتقال المهاجم للتنفيذ فيما كانت السلطات تعتبر أنه لم يعد يشكل تهديداً.
وأفادت مصادر فرنسية أنه حكم عليه في مايو 2011 بالسجن شهر مع وقف التنفيذ «لحمل سلاح ممنوع». ثم قضى شهراً في السجن في أغسطس 2016 بعد إدانته بتعاطي المخدرات.
وقبل مقتله برصاص قوات الامن، قال انه «جندي» لدى تنظيم «داعش» الذي تبنى بعيد ذلك الهجوم.
كما قال إنه يريد «الموت من اجل سورية» ودعا الى «تحرير أخوته» وفق النائب العام فرنسوا مولانس. ومن بين هؤلاء سمى صلاح عبد السلام، الوحيد الذي لا يزال حياً من منفذي اعتداءات 13 نوفمبر 2015 والمسجون قرب باريس.
ووفقاً لمصادر قضائي، عثر محققون على رسائل في منزله تشير إلى «داعش»، من بينها رسالة خطية بايع فيها التنظيم المتطرف.
وأعلن مولانس ان العشرات من المحققين يتابعون القضية موضحاً ان الاستخبارات فتحت ملفاً للمنفذ منذ 2014 بسبب «ارتباطه بالتيار السلفي».
واضاف إن «المراقبة... في 2016-2017 لم تكشف دلائل واضحة قد تؤدي بنا إلى توقع أنه سينفذ هجوماً».
من جهته، قال المدير السابق لوحدة التدخل في الدرك فريديريك غالوا في مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو»، أمس، «إنها المرة الاولى التي يقول فيها شخص انه ينتمي الى داعش في حين ان التنظيم بحد ذاته انهار. ان سقوط الخلافة لم يغير المعطيات، وهذا ما كنا نخشاه».
وهذه الاعتداءات هي الأولى في فرنسا منذ تلك التي نفذت في الأول من اكتوبر الماضي في محطة سان شارل دو مارساي في الجنوب وخلفت قتيلين.
رجل أعمال لبناني عن ساركوزي: أَخَذَ حقيبة الأموال الليبية... ولم يرغب في عدِّها
كشف رجل الأعمال اللبناني من أصل فرنسي زياد تقي الدين، تفاصيل جديدة في شأن لقاءاته مع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، لتسليمه أموالاً من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كانت مخصصة لتمويل حملته الانتخابية العام 2007.
ونقل موقع «فرانس إنفو» عن تقي الدين قوله إن ساركوزي: «كان هناك (في شقته)، وقد التقيته، أخذ الحقيبة ووضعها جانباً، ولم يرغب في عدّ (الأموال)» الليبية.
وتأكيداً لتصريحاته، قال تقي الدين إنه مستعد لوصف المكان الذي جرى فيه هذا اللقاء، وهو شقة ساركوزي في مبنى وزارة الداخلية أثناء عمله بمنصب وزير الداخلية الفرنسي.
ووصف ساركوزي الذي ينفي تلقيه أي أموال خارجية لدعم حملته بأنه «كذاب»، مضيفاً «لقد التقيته في ليبيا، ومرة أخرى التقيته في شقته بحضور (وزير الداخلية الفرنسي السابق كلود) غيان، وهناك شهود عيان حضروا اللقاءين».
وكان ساركوزي الذي وضعه القضاء الفرنسي الأربعاء الماضي قيد التحقيق على خلفية تهم تتعلق بمعلومات عن تمويل القذافي لحملته الانتخابية العام 2007، أعلن سابقاً أن تصريحات تقي الدين في شأن اللقاءات معه خيالية، مضيفاً أنه التقاه مرتين قبل العام 2004.
وكان تقي الدين وهو محام، أعلن في وقت سابق أنه سلم بنفسه بين نهاية العام 2006 ومطلع العام 2007 ثلاث حقائب تحوي خمسة ملايين يورو، من نظام القذافي إلى ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية وإلى غيان.