حدّد في مداخلة استراتيجية ملامح مشروع «الجزر» و«الحرير»: على المرء أن يساعد جيرانه سواء كانوا يعجبونه أم لا

ناصر الصباح: لن نكون في مأمن إلا إذا تقاربنا مع إيران والعراق

1 يناير 1970 07:08 ص
  • علينا تغيير نظامنا التعليمي وعادات المجتمع ... ومشكلتنا أننا لم ننظر إلى أبعد من سنة أو سنتين 
  • نحن على ارتباط متين مع مجلس التعاون الخليجي لأننا جزء من هذا التجمع المتميز من الدول 
  • إذا لم يتحسّن أداؤنا ولم نجهّز أنفسنا للعام 2035 فسنخسر الكثير وسنحظى باحترام أقل من العالم 
  • منطقة شمال شرق الكويت في جوار أعظم حضارات العالم  
  • يجب أن نعترف بأن إيران دولة عظيمة ولديها تاريخ عظيم  
  • الأمور السياسية تأتي وتذهب ولكن ما سيسود ويهيمن دائماً هو العنصر البشري 
  •   سيتم إنشاء مطار ضخم في المنطقة يغني العراقيين والإيرانيين عن العبور من خلال الكويت  
  • من المتوقع أن نتلقى 3 أو 4 عروض لبناء «المدينة الميناء»... والصينيون بين أفضل المرشحين 
  • رأينا أن تكون الكويت آخر من يستثمر في المشروع لتشجيع المستثمرين الأجانب على أن يأتوا  
  • سنقيم جسور تواصل مع العراق وايران من خلال الجسور والطرق والعبارات الضخمة 
  • خلجان وممرات مائية رائعة الجمال بين الجزر ستجعل «البندقية» في الكويت 
  • نطمح إلى أن يعيش 3 ملايين شخص تقريباً هناك في غضون الـ12 سنة المقبلة

رسم النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح الملامح الكاملة لمشروع تطوير الجزر في الشمال، الذي سيسهم في تحقيق نقلة نوعية للكويت في منطقة جيوسياسية، وفي مجال كان دائما مثمرا ومجديا جداً عبر التاريخ.
وحظيت مداخلة الشيخ ناصر التي قدمها خلال أعمال «ملتقى الكويت للاستثمار» أخيراً باهتمام لافت لما تضمنته من معطيات ومعلومات مفصّلة عن مشروع الجزر وطريق الحرير، حيث قدم مداخلة ارتجالية باللغة الانكليزية خاطب فيها الحضور عن الأهمية الاقتصادية للمشروع بعيداً عن السياسة.
وفيما شدد الشيخ ناصر الصباح في مداخلته على الارتباط المتين مع مجلس التعاون الخليجي، أكد الرغبة الحقيقية في التقارب مع ايران والعراق، قائلا «ليس من الممكن مطلقاً أن نكون في مأمن الا اذا قمنا بالتقارب مع هذين المجتمعين».
ودعا إلى العمل لتغيير النظام التعليمي والمنظومة القانونية ذات الصلة بالشركات وبأداء الاعمال، محذراً من أنه «اذا لم يتحسن اداؤنا، واذا لم نجهز انفسنا للعام 2035، فإننا سنكون متأخرين كثيرا عن الركب وسنخسر الكثير وسنحظى باحترام اقل وسيتراجع مركزنا». وقال: «اذا لم نشعر بالارتياح ازاء جيراننا، فسيكون هناك اضطراب لدينا دائماً ولن نكون قادرين على الانفتاح ازاء هذا العالم»، مضيفاً «يجب ان نعترف بأن ايران دولة عظيمة ولديها تاريخ عظيم والامور السياسية تأتي وتذهب، ولكن ما سيسود ويهيمن دائما هو العنصر البشري».
واشار إلى السعي بالتعاون مع شركاء آخرين لتحقيق التقارب بين إيران والعراق، ومساعدة البلدين لاستعادة البنية التحتية التي خسراها، مضيفاً «الصديق الحقيقي ينبغي أن يكون صديقاً جيداً، وعلى المرء أن يساعد جيرانه سواء كانوا يعجبونه أم لا، وعليه ان يسعى الى خلق علاقة سلمية وسعيدة من اجل ان يحيا الجميع حياة افضل».
 وتوقع الشيخ ناصر الصباح أن «نتلقى ثلاثة او اربعة عروض لبناء هذه المدينة الميناء»، مبيناً أن «من بين افضل المرشحين لتولي هذا الامر، هم الصينون الذين يريدون ان يأخذوا مهمة تنفيذ المشروع».
واضاف «بطبيعة الحال سيكون لدينا بين تلك الجزر الخمسة خلجان وممرات مائية رائعة الجمال الى درجة انه سيكون بوسع المرء ان يعتبرها بمثابة مدينة البندقية (فينيسيا) في شمال الكويت».
وكشف ان الطموح هو ان «يعيش 3 ملايين شخص تقريبا هناك في غضون الـ12 سنة المقبلة».
وفي ما يلي نص مداخلة الشيخ ناصر الصباح:
السادة الضيوف... اسمحوا لي بأن استعرض في غضون 25 دقيقة انطباعا جيوسياسيا عن المنطقة التي نسعى الى تطويرها لتصبح مركزا محوريا يمكنه ان يربط بين الكويت وبين جاراتها وما هو ابعد من جاراتها، وعندما نتحدث عما هو ابعد من الجارات، فإننا نعني إيران وما وراء ايران وكذلك العراق، وما وراء العراق، وبطبيعة الحال، فإننا على ارتباط متين مع مجلس التعاون الخليجي لأننا جزء من هذا التجمع المتميز من الدول.
 وفي واقع الأمر فإن الرؤية تم تطويرها، ويتعين علي أن أكون اكثر تحديدا واقول انها في الحقيقة تم تطويرها من جانب صاحب السمو الأمير، حيث ان سموه عاصر حقبتين من عصر الأسرة الحاكمة الا وهي حقبة كويت ما قبل ظهور النفط ثم حقبة كويت الوفرة النفطية والوفرة المالية.
 وبعد ان عاصر صاحب السمو هاتين الحقبتين من عصر الاسرة الحاكمة، فإنه شعر بقوة بأنه يتعين علينا ألا يقتصر اعتمادنا على مصدر وحيد للدخل، الا وهو النفط، بل يجب علينا ان نرجع الى تاريخنا الذي كان فيه المكون البشري هو العنصر الرئيسي لتحقيق التقدم، فلقد كان المواطن الكويتي في ذلك الزمان هو الذي ينتج دائما من اجل توفير احتياجات افراد اسرته واحتياجات المجتمع ايضا.
لكن لسوء الحظ، تغيرت الامور، ولا يبدو ان تلك التغييرات تبدو موضع ترحيب، اذ اننا بدأنا نسمع الكثير من الشكاوى من اننا نشعر بالكسل وبأن هناك كثيراً من الامراض التي تهاجم المجتمع، ونتساءل لماذا؟ فنحن لدينا الكثير من الأموال ولدينا دولة جميلة ولدينا نظام وحكم ديموقراطي جيد، وكل شخص يستطيع ان يذهب الى أي مكان من دون ان يسأله احد عن السبب، ثم يعود (إلى الكويت) ولا أحد يسأله اين قضى وقته.
 ولكن نظراً الى حقيقة ان فترة الـ 55 الزاهية الفائتة اخذتنا بعيدا جدا عما تحتاج اليه الامة وما يحتاج اليه المجتمع والوطن، فلقد أصبحنا نشعر بالوحدة والقلق الى حد بعيد، وصحيح انه من الطبيعي ان نشعر بالقلق أحيانا لأننا مررنا بفترات لم تكن لطيفة مطلقا في الثمانينات والتسعينات، ولكن لله الحمد ان تلك الامور ذهبت ولم نعد خائفين من شيء بعد ذلك، لكن يبقى التساؤل: ما هي المشكلة فلدينا الاموال ولدينا تعداد سكاني صغير نسبيا اذاً فأين المشكلة تحديداً؟
المشكلة - في الحقيقة - تكمن في اننا لم ننظر مطلقا الى ما هو ابعد من سنة او سنتين، ولهذا فانه عندما شعر صاحب السمو وقام بتحليل وقياس المجتمع الحقيقي، فإنه وجد أن مجتمع ثقافة الميناء القديم هو النموذج الاكثر ديمومة وكان اقوى وانه كان آنذاك اقل ازاء بما يتعلق بالبيئة، لذا، فماذا حصل لهذا الآن؟ وكيف يمكننا بما لدينا من وسائل وامكانات حاليا ان نعيد احياء ما فقدناه على مدار السنوات الـ55 الفائتة بسبب سوء المعالجة حسبما أرى.
 وهكذا، فإنه طلب الينا ان نتأمل «رؤية 2035» وان نرى اين نقف كمجتمع الآن، واين سيكون موقفنا بين المجتمعات الاخرى في العام 2035، والواقع انه اتضح ان الوضع الراهن شديد التشابك ومفعم بالمشاكل وكثير من الامور قد تحدث حتى من دون علمنا الى درجة ان حتى أموالك يمكن ان تتعرض الى السرقة عبر الانترنت بينما انت غافل عن ذلك، وهكذا فإنه وضع مثير للتخوفات، ومع ذلك فإن هذه المنظومة فحصناها جيدا واجرينا عليها دراسة مختلفة ولجأنا الى مفكرين وفلاسفة مختلفين أحدهم كان له تأثير كبير جدا وعمل في وقت كمستشار للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل.
عندما ننظر الى ذلك المجتمع (اي مجتمع 2035) من خلال تلك الدراسة، فإننا سنجد انفسنا بعيدين جدا جدا عنه، واذا لم يتحسن اداؤنا، واذا لم نجهز انفسنا للعام 2035، فإننا سنكون متأخرين كثيرا عن الركب وسنخسر الكثير وسنحظى باحترام اقل وسيتراجع مركزنا، وذلك لاننا سنكون اقل اهمية بالنسبة للعالم.
 ومن هذا المنطلق، قررنا ان نسعى الى اللحاق بالركب من خلال «رؤية 2035» ومن اجل ان نتمكن من اللحاق بركب مجتمع 2035، فإننا نحتاج الى الكثير من الاستثمارات، لكن هناك اشياء ظهرت هنا خلال السنوات الماضية، ولم تكن صحية على الاطلاق، ومن بين ذلك النظام التعليمي الذي يعتبر من الامور المقلقة جدا، ومن المعروف ان طبيعة الكائن البشري قد تأثرت بعوامل كثيرة على مدار السنوات الـ 55 الفائتة، ولهذا فإننا نحتاج ان يقفز الناس والا يظلوا اسرى لهذه المنظومة الضيقة.
 وهكذا، فإنه علينا من بين امور اخرى أن نغير نظامنا التعليمي، وان نغير المنظومة القانونية ذات الصلة بالشركات وباداء الاعمال، وعلينا ان نغير الكثير من عادات المجتمع، وان نساعد افراد المجتمع على ان يبدأوا وان يعرفوا كيف يستعدون لأن معظم الناس لا يعرفون كيف يستعدون ولأي شيء يستعدون، فهناك من لا يعرفون هل يدخرون اموالهم ويستثمرونها من اجل مستقبل آمن ام يسافرون للاستمتاع والسياحة الى اماكن كالبحرين وهنا وهناك وايضا، نحتاج الى ان نعلم ان ميزانيتنا (كدولة) قد تتأثر سلبيا بطريقة أو بأخرى علاوة على ان شراء مستلزماتنا وتجهيزاتها العسكرية يستهلك منا الكثير من الاموال والموارد.
 ولهذا، قد بات علينا ان نوجد مصدرا اخر للدخل من اجل المساعدة في اعادة تأهيل اوضاع الدولة واصلاح جميع مؤسساتها نحن نحتاج الى الكثير من المال، ونحتاج الى ان نحصل على تلك الاموال من مصادر بعيدا عن احتياطي صندوق الاجيال القادمة لأن هذا الاحتياطي هو أصل مهم جدا بالنسبة لنا، ولهذا علينا ان نسعى الى خلق مصادر جديدة.
 ومن بين هذه المصادر وجدنا ذلك المجال الذي كان دائما مثمرا ومجديا جدا عبر التاريخ بالنسبة لدولة الكويت، فالكويت منذ البداية حظيت بهذا الموقع المتميز الذي دأبت من خلاله (في الماضي) على توفير الخدمات لكل من العراق وايران لسنوات طويلة جدا في الماضي قبل ظهور الثروة النفطية، وبما انه قد اصبحت لدينا الثروة النفطية، فلماذا لا نسعى الى استخدام الامرين معا كي نقوم بتوفير السيولة لانفسنا ونسمح لمجتمعنا الكويتي بأن يبرز ويسود في 2035.
ومن بين العناصر الجيوسياسية، فاننا قد اخترنا منطقة في شمال شرق الكويت، وهي منطقة جميلة جدا، وهي في جوار اعظم حضارات العالم وهي على مشارف نهر يسمى شط العرب، وهكذا فإن المسافة بين تلك المنطقة وبين العراق هي فقط كيلومترات قليلة وكذلك كيلومترات قليلة عن ايران، وعمليا فإن العراق ملتصق بنا.
اذن كيف يمكننا ان نستغل هذا الموقع من اجل مساعدتنا في خلق علاقة عظيمة مع جيراننا؟ فاذا لم نشعر بالارتياح ازاء جيراننا، فسيكون هناك اضطراب لدينا دائما ولن نكون قادرين على الانفتاح ازاء هذا العالم، ويجب ان نعترف بأن ايران دولة عظيمة ولديها تاريخ عظيم والامور السياسية تأتي وتذهب، ولكن ما سيسود ويهيمن دائما هو العنصر البشري.
ولهذا، فاننا اخترنا هذه المنطقة، وما شجعنا على اختيارها هو ان سمو رئيس الوزراء قد قام بتوقيع وثيقة التعاون والمشاركة مع الصين من اجل بناء مشروع «الحزام والطريق»، وانا اعتقد ان هذا الامر هو قصة كبرى تحدث في الصين حاليا...
عندما تحدثنا عن مشروع «الحزام والطريق» قلت لهم لا تنسوا طريقا اخر يحمل اسم «البخور»، فهذان الطريقان جلبا فلسفات عظيمة. «طريق الحرير» جلب الفلسفات البوذية والزرادشتية والهندوسية، بينما جلب «طريق البخور» ديانات عظيمة بما في ذلك المسيحية والاسلام، وهكذا فإن الطريقين يرتبطان معا، ويمكن لهما ان يجلبا نوعا من التلاحم بين الشعوب، ولكن للأسف في العالم القديم كان الناس (من مختلف الشعوب) يتقابلون وحتى الحيوانات كانت تتقابل معا، لكن الحاصل في العصر الحالي هو ان هذا الالتقاء المادي اصبح اقل على الرغم من ان الالتقاء اصبح اكثر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
 وهكذا، فإننا قررنا السعي الى تطوير ذلك الموقع وقمنا باجراء دراسات كثيرة حوله، وجاءت نتائج جميع الدراسات مشجعة وواعدة جدا، فلدينا ثلاثة مصادر نستطيع من خلالها ان نحصل على اكثر من 35 مليارا على هيئة دخول غير نفطية مباشرة، علاوة على ان هناك مصادر كثيرة اخرى يمكن ان نحقق من ورائها دخلاً بشكل غير مباشر، ومن خلالها نستطيع تحريك دولتنا بفضل الانشطة التي سيتم استحداثها في تلك المنطقة.
 وسيكون هناك الكثير من العمل في تلك المنطقة، حيث سيتم انشاء مطار ضخم ليخدم هذا المحور المركزي كما سيساعد كلا من العراق وايران، وأعتقد انه (بفضل هذا المطار) سيكون هناك إيرانيون وعراقيون كثيرون جدا لن يضطروا بعد ذلك الى العبور من خلال الكويت ثم ركوب عبارات من اجل الوصول الى دولهم.
 كما اننا نسعى من خلال التشاور مع الكثير من اصدقائنا، كيف يمكننا أن نقيم جسور تواصل مع العراق وايران من خلال اقامة جسور وطرق وحتى من خلال عبارات ضخمة، ولكن من المؤسف ان العراق وايران ليس بينهما جسور وقنوات تواصل حتى الآن، ولكننا سنسعى الى تحقيق هذا بالتأكيد، باعتبارنا عاملاً محفزاً، وسنحاول أن نحقق التقارب بين الدولتين، وسنتمكن من خلال التعاون مع شركاء آخرين - كالصين ودول اخرى لها المصلحة والاهتمام بأن تكون جزءا من هذه الرؤية.
 لقد قررنا ان نختار 5 جزر، وهي الجزر التي تبلغ مساحتها الاجمالية مجتمعة حوالي الف كيلو متر، واكبرها هي اضخم جزيرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي الا وهي جزيرة بوبيان وتبلغ مساحتها حوالي 900 كيلو متر، ولدينا جزر اخرى متفرقة اصغر مساحة لكن كل واحدة منها متميزة الموقع ولها وظيفتها، وعلى سبيل المثال هناك جزيرة فيلكا التي اطلق عليها اليونانيون اسم «ايكاردس»، واطلق عليها البيزنطيون اسم «فيليسيتي»، واصبح اسمها الان «فيلكا» وهي بهذا ستكون الجزيرة الثقافية لأن فيها ما يربو على 17 موقعا اثري، ولهذا فإنه سيكون هناك الكثير من الدراسات حول الاثار وترميمها وحتى حول اللغات القديمة (التي كانت على هذه الجزيرة) وكذلك الحروف الابجدية ذات الصلة بلغات المصريين القدماء والاكاديين والفارسيين واللغات السامية الاخرى كتلك التي كتبت بها نصوص الاناجيل وهكذا، فإن ثمة وعي وسعي متزايد نحو تجميع الامور ذات الصلة معا، ثم ان هناك الفلسفة، فنحن لا نستخدم الدراسات الفلسفية في هذا المجال، لماذا؟ انا لا اعلم لماذا، ولكن هذا الامر سيتم اتخاذ قرار في شأنه اذ ان هناك من يريدون الفلسفة الاوروبية واخرون يريدون السياسة الاسلامية المبكرة، وهناك من يريدون الفلسفة الذرادشتية، ولكن لماذا لا يكون لدينا مزيج من كل هذا؟ فالامر هو تثقيف من اجل تفتيح عقول الناس، كما سيكون هناك مدرسة شبيهة بالمدارس الداخلية للاطفال.
 وبالنسبة للجزيرة الكبيرة، فستكون فيها منطقة مهمة للبناء فيها، ومن بين امور اخرى، فإن تلك الجزيرة ستكون المدينة والميناء او «المرفأ».
 ومن المتوقع أن نتلقى ثلاثة او اربعة عروض لبناء هذه «المدينة الميناء»، لكن من بين افضل المرشحين لتولي هذا الامر لدينا الصينيون الذين يريدون ان يأخذوا مهمة تنفيذ مشروع «المدينة الميناء»، وسنرى إلى أين سنصل معهم، لأن لدينا فريق عمل يتمثل في مجلس الامناء الذي سيلتقي مع الصينيين في مطلع شهر مايو المقبل من اجل التناقش حول المنطقة والاتفاق على القواعد الاساسية.
 والواقع انه سيكون هناك الكثير من العمل هناك، وقد يستغرق الامر اكثر من 15 سنة، لكن جميع اعضاء فريقنا رأوا أنه من الافضل لدولتنا الكويت ان تكون اخر من يستثمر في هذه المنطقة، وذلك لسببين: اولهما هو اننا نريد ان نشجع ونستقطب الاستثمارات الاجنبية، ولهذا فاننا نعكف على اعداد قوانين الاستثمار التي من شأنها بكل تأكيد ان تشجيع المستثمرين الاجانب على أن يأتوا ويستثمروا هنا.
 وشعوري هو اننا من خلال القيام بهذا، فإنه سيكون باستطاعتنا أن نحصل على إحساس بالأمن لأن كل العالم وقتها سيسعى الى حماية مواطنيه واستثماراته، اما السبب الثاني فهو اننا نرغب في تقريب انفسنا بشكل حقيقي مع كل من ايران والعراق، فليس من الممكن مطلقاً ان نكون في مأمن الا اذا قمنا بالتقارب مع هذين المجتمعين، فهناك الكثير من الامور المشتركة بيننا وبين كل من العراق وايران، ولكن من المؤسف ان تاريخنا الحديث شهد حدوث اشياء سيئة بيننا، لكن الأمور لم تكن دائماً هكذا.
 ولهذا فإننا سنحاول مساعدة العراق وإيران من اجل استعادة البنية التحتية التي تضررت بشكل حاد في اعقاب تلك الحروب والثورة التي شهدوها، والصديق الحقيقي ينبغي ان يكون صديقا جيدا، وعلى المرء ان يساعد جيرانه سواء كانوا يعجبونه ام لا، وعليه ان يسعى الى خلق علاقة سلمية وسعيدة من اجل ان يحيا الجميع حياة افضل.
 وهكذا، فانه من بين هذه الامور نحن نشعر بأنه يتوجب علينا أن نكون هناك قريبا، وسنفعل ذلك.
 سنكون هناك قريبا وسنقابل العراقيين، كما سنقابل الايرانيين، وسنتناقش معهم حول كيفية التوصل الى الصيغة السلمية الأفضل التي يمكنها ان تساعدهم.
 وأود ان أعود قليلا لأتحدث اكثر عن السبب الذي جعلنا نختار هذا الموقع الجيوسياسي بالذات، فهناك اعظم الحضارات في تاريخ البشرية ونحن اقرب جار الى تلك الحضارات، وعلينا ان نحترم ذلك، والواقع انه اعجبني اقتراح احدهم عندما اقترح ان نبني مدينتين كبيرتين عظيمتين احداهما تحمل اسم «بيرسوبوليس» والاخرى تحمل اسم «بابل»، ولكن هاتين المدينتين لن تكونا مدينتي اثار واطلال، بل ستكونان كمدينتين عاملتين، ولدينا كل المخططات اللازمة لهما، كما اننا نتحدث هنا عن «المدينة الميناء» والتي من المتصور لها - وفقا لما سمعته من بعض المستثمرين- ستكون تجسيدا او تمثيلا للسوق الاسيوية والصناعات الاسيوية.
 لكن كيف سيتم تحقيق ذلك؟ الواقع ان هذا ما سنعرفه في المستقبل القريب.
 وبطبيعة الحال سيكون لدينا بين تلك الجزر الخمسة خلجان وممرات مائية رائعة الجمال الى درجة انه سيكون بوسع المرء ان يعتبرها بمثابة مدينة البندقية (فينيسيا) في شمال الكويت، ولا شيء اجمل من ان يكون لديك مدينة «بندقية» جميلة.
 لذا، فإننا نعكف حاليا على دراسة وقياس ابعاد المنطقة التي ستقام عليها هذه الـ«البندقية» (فينيسيا) التي ستكون اجمالي مساحتها اكبر بخمسة الى ستة اضعاف مقارنة بمساحة مدينة «البندقية» (فينيسيا) الايطالية، وسيكون فيها الكثير من الخلجان الصغيرة والممرات المائية، كما سيكون هناك الكثير من المساحات لمشروعات سياحية والعلاج الطبي لأن جيراننا يحتاجون الى الكثير من العلاج الطبي، ونحن نريد اعداد تلك المشروعات لتكون جاهزة في اعقاب هذه الحرب الحادة، وطبعا العلاج لدينا سيكلفهم اقل.
 كما ستكون هناك مدينة للرياضة ومدينة لاستديوهات الانتاج الاعلامي، ونحن نطمح الى ان يعيش 3 ملايين شخص تقريبا هناك في غضون الـ12 سنة المقبلة.
الواقع انني كنت اتمنى لو كان لدينا الان ذلك الفيديو التوضيحي لاعرضه عليكم هنا، لكنه للاسف ليس معنا وسنتيحه لاحقا.
 بوسعي ان أواصل الحديث عن هذا حتى الغد، لذا إذا كان أي أحد هنا لديه أي استفسار فسيكون من دواعي سروري أن أجيب.
شكرا جزيلا، وأعتذر عن إنني أخذت كل هذا الوقت الطويل.