رسالتي

علماني... يُصلّي!

1 يناير 1970 02:00 م

كاتب لا تكاد تخلو مقالاته من الهجوم على العلماء أو الدعاة أو اللجان الخيرية أو جمعيات النفع العام المعنيّة بالتوعية الاجتماعية والتوجيه الديني والشرعي. ولا يترك مصيبة تحلّ في البلد أو في الأمة الإسلامية إلا وجعل سببها الإسلاميون، فإذا تم انتقاده في بعض المجالس على هذه المواقف، خرج لك من يقول: تراه يصلّي!
علماني يُحارب الدِّين، وضد تطبيق الشريعة أو أسلمة القوانين، ويرى أن حدود الدِّين - من وجهة نظره - هي عند باب المسجد فقط، ويُعلن ذلك صراحة من دون خجل، فإذا تذّمر البعض من تصريحاته المعلنة، رد عليك بعض الطّيّبين: تراه ما يترك صلاة الفجر!
وآخر يدعو بكل فجاجة إلى فتح المجال للفساد الأخلاقي والسماح ببيع الخمور، تحت ذريعة الحرية الشخصية، ودعم الاقتصاد. فإذا قُلت: ما أجرأه على الباطل، رد عليك آخر: تراه من المصلين!! مُتنفّذ يستغل منصبه في نهب ثروات البلد، ويعقد الصفقات المشبوهة، ويقدم مصلحته الشخصية على مصلحة البلاد العليا، فإذا انتُقِد في ذلك، قالوا: تراه يصلي الفروض الخمس في المسجد!
من الجميل أن يحافظ أولئك الذين أشرت إليهم في المقال وأمثالهم على أداء الصلاة. لكن الأمر الذي لا بد من الإشارة إليه، أن هذه الصلوات التي يؤدّونها لا بد وأن ينعكس أثرها على أفكارهم وسلوكهم.
فقد يُصلّي أحدهم خلف الإمام ويسمعه يقرأ قول الله تعالى: «فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ» سورة المائدة. ثم يرجع إلى مكتبه ليكتب مقالا يعترض فيه على تطبيق الشريعة أو أسلمة القوانين!!
وقد يُصلي لكنه لا يتورع عن الرشوة، أو يتردد في كسب المال الحرام!
وقد يُصلّي لكنّ صلاته لم تنهاه عن الفحشاء والمنكر!
الصلاة وحدها لا تُعطي صك براءة ونزاهة، ما لم يتبعها استقامة في الفكر والقول والعمل. المنافقون كانوا يُصلّون خلف النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ومع ذلك اعتُبِروا من أخطر الناس على المجتمع الإسلامي.
خلاصة القول: لا ندعو من أشرت إليهم في المقال إلى ترك الصلاة - حاشا وكلّا - وإنما نقول لهم: من أمرنا بإقامة الصلاة هو الذي دعانا إلى تطبيق شريعته، فلا نأخذ من الشريعة ما نُحب ونترك ما نكره، فينطبق علينا قول الله تعالى «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض». ولا يجوز القول «الدين لله والوطن للجميع»، وإنما ينبغي أن يكون شعار كل مسلم: «قل إن صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».

Twitter:@abdulaziz2002