ظاهرة
«مخالفات البناء»
استفحلت بخجل
فاستحياء مبطن
لتتمرد وتصبح
ظاهرة مجتمعية
الحوائط المخالفة
أصبحت أدواراً
كاملة والقواطع
شققاً مؤجرة
والغرفة الصغيرة
عمارات سكنية
القصور التشريعي
في قانون البلدية
السابق استبدل
بجديد أكثر
فعالية لوقف
التمدد الخاطئ
لتلك العقارات
فرض هيبة القانون
كان له انعكاس
إيجابي
على الإيرادات
لتبلغ أرقاماً
غير مسبوقة
في تاريخ البلدية
25 مليون دينار إيرادات مالية سجّلت في العام الحالي جراء مخالفات البناء وهو رقم غير مسبوق وعالٍ
أزلنا العقارات المخالفة دون ضجيج إعلامي إصراراً على فرض هيبة القانون
ما الذي يحدث في بلدية الكويت؟
سؤال يطرحه المتابع والمهتم والمعني بالعمل البلدي في البلاد، ولاسيما بعد حالة الحراك الإيجابية في ميدان وساحة العمل البلدي. هذا التحرك المحمود صاحبه كم كبير من القرارات الحاسمة، والإجراءات الجريئة، وعمليات «قيصيرة» أثمرت عن «نفضة» إدارية ومالية وقانونية للعديد من الملفات الشائكة الملقاة في أدراج منسية.
وانطلاقاً من مقولة ارسطو الشهيرة، بأن «الاستمتاع بالعمل يضفي عليه المثالية» لا بد أن نشيد بأداء البلدية في السنوات الأخيرة، وأن نثني على دور قياداتها في إحقاق الحق، وعقاب المستحق، وتطبيق مبدأ العدالة والمساواة، وأنه لا أحد فوق القانون فـ«الجميع يعامل بمسطرة واحدة».
باختصار شديد... هذا ما حدث في البلدية.
مع استفحال ظاهرة «مخالفات البناء» التي بدأت بـ«خجل» كما وصفها البعض، لتتطور إلى «استحياء مبطن»، ثم تتمرد وتتحول إلى ظاهرة مجتمعية مزعجة «مجردة من الحياء». فالبداية كانت بإقامة حائط أو قاطع أو بناء غرفة صغيرة، ومع مرور الوقت أصبحت الحوائط أدواراً كاملة، والقواطع تحولت لشقق مؤجرة، والغرفة الصغيرة لعمارات سكنية أفقدت السكن الخاص والنموذجي طابعمها السكني. فانطلقت البلدية بعد تفشي الظاهرة وخروجها عن المألوف، إلى إعادة النظر في عدة أمور، منها مراجعة القوانين واللوائح التي سمحت بوقوع مثل تلك المخالفات، فما أن ثبُت وجود قصور تشريعي في قانون البلدية السابق 5 /2005 الذي أحسن مخالفو العقار استغلاله بشكل جيد، حتى تم استبداله على الفور بقانون أكثر فعالية لوقف التمدد الخاطئ لتلك العقارات.
كل ما سلف كان من شأنه أن يضع البلدية في امتحان صعب، ومدى قدرتها على التعامل مع هذا الملف بإيجابية، ولعلنا لن نبالغ بالقول بأن البلدية «تفوقت» وخالفت توقعات «الفشل»، رغم أن الحكومة - كما يقال - فقدت قدرتها على معالجة تلك القضية، وغلبها اليأس بعد أن باتت شكوى مخالفة العقار تعادل الشكاوى الصحية، والتعليمية، والإسكانية.
ماراثون الإزالة بدأ، وخط النهاية ليس ببعيد، فحالة الحراك غير الطبيعية أثمرت عن إزالات تمت بـ«القوة الجبرية»، بعضها حدث علناً، والبعض الآخر أزيل دون أي إعلان يذكر، وهذا بحد ذاته إنجاز، لاسيما أن المسؤولين في السابق كانوا يتسابقون في الحديث عن أي إنجاز وإن صغر حجمه، وغالباً ماكانت أحاديثهم تسبق إنجازهم.
إلا أن البعض لا يزال يتساءل، إن كان تعمد البلدية عدم الإعلان عن إنجازاتها في إزالة مخالفات البناء بالسكن الخاص هو خشية ذات نكهة أو أبعاد سياسية؟
هذا السؤال تحديداً كان محفزا لـ«الراي» أن تبحث عن إجابة له، فالمحاولة الأولى كانت باللجوء لبعض مصادرها في البلدية، إلا أن التحفظ كان سمة العديد منها في بداية الأمر، ولكن مع الإصرار، قال مصدر مسؤول إن «البلدية وللمرة الأولى منذ نشأتها نفذت في هدوء تام أول قرار بالإخلاء الإداري، وهو التجاوزات التي كانت قابعة بمحاذاة الدائري السادس، وتحديداً في منطقة جنوب خيطان»، مؤكداً أن «البلدية منحت فترة ستة أشهر، وبعد انتهاء المهلة قبل أيام قليلة شرعت البلدية بالإزالة».
وأكد أن «تعليمات القيادة في البلدية كانت تركز على ضرورة تنفيذ القانون بصرامة دون استفزاز، مع الابتعاد تماماً عن تسليط الضوء على عمليات الإزالة سواء تلك التي تمت بمبادرة من المخالف أو التي تم تنفيذها بالقوة الجبرية من قبل البلدية»، مشيراً إلى أن «الالتزام بتلك التعليمات كان بنسبة مئة في المئة».
ولفت إلى وجود الكثير من الأحكام القضائية النهائية أصبحت واجبة التنفيذ، وقد صدرت بالإزالة والغرامة، حيث تم تنفيذ بعضها إما بالمبادرة أو بالقوة، مبيناً أن «تلك الإزالات تمت في منطقة شرق قطعة 8 (استثماري)، وفي منطقة القبلة (عقار تجاري)، فضلا عن إزالات تمت ضمن مناطق السكن الخاص».
وأكد المصدر أن «فرض هيبة القانون كان له إنعكاس إيجابي على صعيد الإيرادات، حيث تعاظمت الإيردات وبلغت مبلغاً غير مسبوق في تاريخ البلدية، في تحقيق أعلى إيرادات السنة الماضية»، مضيفاً أن «البلدية لمست تفاعلاً إيجابياً في أوساط المواطنين الذين لم يكن يراودهم أمل في تنفيذ القانون على هذا النحو في مواجهة ظاهرة سلبية كمخالفات البناء.
المنفوحي لـ «الراي»: لن نظلم ولن نجورعلى حق المواطن
«حققنا إيرادات مالية عالية خلال السنة المالية الحالية، وبأرقام غير مسبوقة تعتبر الأعلى قيمة منذ نشأت البلدية»...هذا ما صرح به مدير عام البلدية المهندس أحمد المنفوحي لـ«الراي» عند سؤاله عن حقيقة تعاظم إيرادات البلدية خلال الفترة الحالية مقارنة بالأعوام السابقة بعد تطبيق القانون على مخالفات البناء، كاشفاً عن بلوغ قيمة الإيرادات للسنة المالية الحالية 25 مليون دينار، على غرار الأعوام السابقة التي بلغت 9 ملايين دينار العام الماضي، و5 ملايين دينار في عام 2016.
وأكد المنفوحي، أن «ما فعلته البلدية من إزالات طالت عقارات المخالفين كان دون أي ضجيج إعلامي يذكر، فالعمل كان جماعيا، وبجهود الشباب والسواعد الوطنية في البلدية، حيث استطعت البلدية بهدوء تام تحقيق المراد من خلال الإصرار على فرض هيبة القانون بشفافية وعدالة».
وأضاف أن «البلدية حاولت قدر جهدها استغلال نفس الثغرات التي كان ينتهجها المخالف المتمثلة في المبادرة برفع الدعاوى المستعجلة سعياً لاستصدار حكم يقضي بإيقاف الأعمال المخالفة»، مؤكداً أن البلدية نجحت من استصدار أحكام نهائية واجبة التنفيذ بلغ عددها 40 حكماً بالإزالة، والغرامة. وأشار إلى أن البلدية شرعت فعلياً في تنفيذ الأحكام بالتعاون مع الجهات المعنية، مبينا أنه في خلال شهر فبراير الماضي تم تنفيذ 5 أحكام إزالة بالقوة الجبرية، على أن يتم تنفيذ بقية الأحكام حال انتهاء إجراءات تنفيذها.
وقال من المتوقع صدور أحكام أخرى سريعة تقضي بإيقاف أعمال بناء مخالفة، لاسيما أن «البلدية بادرت بالطلب من الادعاء العام، وللمرة الأولى استئناف كافة الأحكام القضائية الصادرة بالغرامة فقط من دون اقترانها بالإزالة، وبالتالي ستتولى الإدارة القانونية في البلدية قريباً إعداد الدفاع في قضايا مخالفات البناء.
وأكد المنفوحي أن البلدية ستكون بالمرصاد لتلك المخالفات من خلال المتابعة الميدانية، كما أنها لن تظلم أحداً أو تجور على حق أي مواطن كفله له الدستور، إلا أنها ستواصل جهودها، وستبلغ هدفها، وستكون عند حسن الظن.
خطوات وإنجازات
كبار التجار بادروا بالإزالة
قال مدير عام بلدية الكويت أحمد المنفوحي إن «بعض كبار التجار بادروا بطلب إتاحة الفرصة لهم لإزالة مخالفاتهم، وتنفيذ حكم الإزالة بأنفسهم»، مؤكداً أن «الأمر لاقى لدى البلدية استجابة واستحساناً وتعاوناً كونه ينم عن ثقة مفادها أنهم استشعروا أن القانون سينفذ على الجميع ولم يعد هناك من مجال للتحدي أو القفز أو التحايل عليه بأي طريقة كانت».
يدنا ممدوة للتعاون
أكد المنفوحي أن البلدية يدها لاتزال ممدوة للتعاون مع كل من يرغب في تعديل أوضاع مخالفته بـ«مبادرة منه»، رغم أن البلدية لاتزال في بداية مشوار الإزالة، وأضاف «بالرغم من طول ومشقة الطريق إلا أننا استشعرنا حالة الرضا المجتمعية التي تدل على خطى البلدية وسيرها في النهج الصحيح».
تحرير 200 ألف متر في جنوب خيطان
بين المنفوحي أن «البلدية تمكنت من تنفيذ أول قرار في شأن الإخلاء الإداري في منطقة جنوب خيطان بمساحات تقريبية تقدر بمائتي ألف متر مربع»، مبيناً أن «قرار الإزالة جاء بعد منح المخالف مهلة ستة أشهر لتسوية أوضاعه، ولكن بعد انتهاء المهلة تم مباشرة تنفيذ الإخلاء، وحالياً جارٍ استكمال بقية الإزالات خلال أيام قليلة».
تنفيذ ملاحظات ديوان المحاسبة
نوه مدير عام البلدية أن «البلدية تمكنت من خلال نهجها الحالي من تنفيذ ملاحظات ديوان المحاسبة الذي كان دائم الإشارة لها في تقاريره السنوية على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية»، مؤكداً على استمرار هذا النهج، لاسيما أن عقارب الساعة تسير إلى الأمام، ولن تعود إلى الوراء، وبالتالي البلدية ماضية، ومصرة على الاستمرار في فرض هيبة القانون سواء على صعيد ملف مخالفات البناء الذي كان مزعجاً لها أو على صعيد المخالفات الأخرى.