نسمات

55 عاماً... والصراع مستمر!

1 يناير 1970 01:30 ص

تابعت باهتمام جلسة مجلس الأمة التي جرى فيها استجواب النائبين د.عادل الدمخي ورياض العدساني للوزير عادل الجار الله الخرافي، ومع أن هذا الاستجواب قد بدا خالياً من المضمون ولا يتضمن أي موضوع له أهمية للبلد، لكنّ النائبين الفاضلين أرادا إيصال رسالة واضحة للحكومة بأن التلاعب من أجل تحقيق مكاسب سياسية هو أخطر الأساليب التي تدمر النظام الديموقراطي الذي يريد المواطن عن طريقه إصلاح الأوضاع في البلد وتحسين الأحوال المعيشية!
لقد تعب الناس من استمرار تلك الألاعيب السياسية وتكرارها ومن انعكاسها على التشريع والرقابة، حتى بات الكثيرون يشعرون باليأس ويفقدون الأمل من إمكانية الإصلاح، ويتمنون لو تم حل المجلس وإراحة الناس من عناء إجراء الانتخابات واختيار المرشحين والسير في هذه المنظومة المتكررة من الفشل المتواصل والصراعات المتكررة التي لا يبدو بأن لها نهاية قريبة!
دعوني أذكر بعض الاستشهادات القديمة التي سطرها بعض رواد الفكر في الكويت قديماً وما زالت تمثل واقعنا المشاهد:
1 - قال الشيخ صباح الأحمد - حفظه الله في 29/7/1998 عندما كان رئيساً لمجلس الوزراء: «مسكين هذا البلد، إذا كان هذا مجلسه وهذه حكومته، يدخلون في جدل لإضاعة الوقت».
2 - قال النائب جاسم الخرافي - رحمه الله - في شهر 9/1996: «المواطن الكويتي يتخبط بسبب فشل المجلس في مواجهة مشكلاته واحتياجاته الحياتية، ويكاد يفقد الثقة بمؤسساته الوطنية، وعلى رأسها مجلس الأمة... وسئم المواطن الجدل والمهاترات والخطب الرنانة».
3 - قال الدكتور أحمد الربعي - رحمه الله - في 20/4/1998: «مجلس الأمة مجمّد، لجانه أغلبيتها لا تجتمع، نوابه في اغلبيتهم مشغولون خارج المجلس، بعضهم يداومون في أروقة الوزارات والمؤسسات أكثر من دوامهم في لجان المجلس واجتماعاته. المشاريع معطلة والقوانين متأخرة في ملفات وأدراج اللجان، وروح العمل والحماس وصلت إلى مرحلة متدنية، والتكتلات السياسية مشغولة بنفسها عن عمل البرلمان، والناس بين أداء السلطتين يضربون كفا بكف! ولكن أن تكون السلطة التنفيذية غير قادرة على التنفيذ وخاصة في القضايا الكبرى المؤجلة وفي الظروف الاقتصادية الحالية، والسلطة التشريعية مجمدة وبطيئة الحركة، أداؤها متواضع وحماسها مشكوك فيه، ولا تقوم بمهمة التشريع، فإن الأداء العام للعمل السياسي في المجتمع سيكون على كف عفريت»!
4 - كتب الدكتور عبدالله الشايجي بتاريخ 29/7/1998: «بعد 35 سنة من الاستقلال و36 سنة من اعتماد الدستور لا نزال مجلساً وحكومة كأننا فريقان يتصارعان في ما بينهما، أيهما ينتصر وأيهما يسجل أهدافاً ومواقف في مرمى الآخر! بعد كل هذه السنوات لا تزال تجربتنا مع ريادتها من حيث ان لدينا أول دستور مكتوب وأول مجلس منتخب وحرية صحافة وحريات كفلها الدستور، لا نزال نتصارع ونختلف ونتفرق، وتذهب ريحنا وقوتنا وتتشتت من دون مردود».

الخلاصة
أكثر من عشرين عاماً على تلك الكلمات، فإننا لم نتحرك من مكاننا، بل وازددنا تدهوراً وانهياراً، ووصلنا مرحلة مخيفة من التخلف والانحطاط، الكل يشتكي والكل مستفيد، والقلة القليلة المخلصة التي تعرب عن رفضها للوضع الحالي تبدو شاذة ومنعزلة عن الواقع!
لقد مررنا بفترات عصيبة في مجلس 2009 ونزل الناس إلى ساحة الإرادة ليطالبوا بالتغيير، ثم جاءنا مجلس 2012 ليضيء لنا نافذة من الأمل، لكن سرعان ما تم حله ثم استبداله بنظام الصوت الواحد الذي أثبت بأنه لا يسهم في حل مشاكلنا!
حتى الذين قاطعوا الانتخابات بنظام الصوت الواحد ثم رجعوا إلى دخول الانتخابات لم يستطيعوا تغيير شيء في البلد، بل وجدوا أن كثيراً من أبواب الإصلاح مغلقة أمامهم وأن الحكومة قد تفننت في تفتيت المجلس وتشتيت كلمة النواب وشق صفوف التجمعات السياسية وسخرت المال السياسي في تحقيق أهدافها ولسان حالها يقول: «فلا تلوموني ولوموا أنفسَكم».