رسالتي

الوالد... عمود البيت

1 يناير 1970 10:38 م

من أغرب الأسئلة التي طُرِحت على أحد أهل الإفتاء وأبكته، هو سؤال أحدهم عن حكم دفع زكاة ماله لوالده!!
بكى الشيخ لأنه لم يتخيّل يوماً أن يجد ابنا يرى والده بحاجة ماسة إلى المال لتلبية متطلّباته الضرورية، ثم يتخلى عنه، أو يتأخر في سداد احتياجاته، أو ينتظر ليدفع له زكاة ماله!!
هذه يا سادة صورة واحدة فقط من صور عقوق الوالدين، والتي للأسف بدأت تنتشر بين العديد من الأبناء والبنات.
أبناؤنا... بناتنا، الوالد هو الإنسان الذي يضحي من أجلك من دون مقابل، هو الذي يسهر كي تنام، ويتعب لترتاح، ويشقى لتسعد، ويجوع لتشبع، ويفديك بروحه كي تعيش.
الأب قد لا يقدم لك كل ما تريد، لكنه يعطيك كل ما يملك.
حبّ الأب لأبنائه هو حُبّ بلا شروط أو مقابل.
لو تخلّى كلّ الناس عنك فلن يتخلى عنك أبوك.
الأب هو الحبيب الأبدي الصادق لابنته، ولو أحبها الناس جميعا.
الوالد هو عمود البيت الذي «يشيل» كل الحِمل عن أسرته، ولا يعرف أهل البيت قدره إلا إذا سقط هذا العمود بوفاته.
كثير من الأبناء يفرط في بِرّ والديه والإحسان إليهما في حياتهما، فإذا انتقل أحدهما إلى الدار الآخرة، بكى الولد على تفريطه بدل الدموع دما.
قيل: «الحياة بلا أب، تشبه الوقوف طيلة العمر في منتصف غرفة، لا يُسمح لك فيها بالاستناد على شيء».
بعض الأبناء للأسف يستعجل وفاة والده المريض، إما ليرتاح من تعب مداراته وعلاجه، أو كي يحصل على ميراثه! وهو لا يُدرك قيمة وجود الوالدين.
بكى أحد الصالحين عند وفاة والده، فقيل له: هل تعترض على قضاء الله؟ فقال: بل أبكي على باب من أبواب الجنة قد أُغلق.
سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مدى وجوب طاعته لوالده في أمر يتعلق في شؤون حياته، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضِع ذلك الباب أو احفظه».
إن من بركة وجود الوالدين، استجابة الله تعالى دعاءهما لأولادهما، وبموتهما تفقد هذه البركة.
كم أتمنى من أبنائنا وبناتنا أن يكونوا مصدر سعادة لوالدهم. كم أتمنى من الأمهات لو يشجعن الأبناء على حسن استقبال الوالد عند قدومه للبيت بعد عناء يوم طويل مليء بهموم الحياة ومشاكلها، ليرسموا السعادة على محيّاه وفي قلبه.
أعجبتني عبارة كتبها أحدهم يقول فيها، «أبي لو كنت أملك أن أهديك قلبي لنزعته من صدري وقدّمته إليك، ولو كنت أملك أن أهديك عمري، لسجّلت أيّامي باسمك».
الكثير من الأبناء والبنات قد يُحسنون إلى الأم ويهملون الأب لأسباب عديدة، ونقول لهؤلاء «إن كانت الأمومة هي الحنان، فالأبوّة هي الأمان».
كتبت إحداهن عبارة إعجاب بوالدها فقالت: «أبي لا يُقدّر بثمن، ولن يُكرّره الزمن».
اللهم ارحم والدينا أجمعين، من كان حيّا فأعنّا على بِرّه والإحسان إليه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ومن كان ميّتا فاجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجزه بالإحسان إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

Twitter:@abdulaziz2002