يذكر معظم علماء الاجتماع والاقتصاد بأن اعداء الانسان ثلاثة، وهم: الجهل والفقر والمرض، الا ان احداث التاريخ المتواترة تثبت ان هناك بعداً رابعاً قد يكون السبب الرئيسي لموت الحضارات وتعاسة المجتمعات البشرية... ذلك هو النمو السكاني غير المنضبط وغير المنظم، ذلك النمو الذي لا يقابله نمو مماثل في زيادة محاصيل الارض وكنوزها ومصادر مياهها ما يؤدي الى احداث خلل في ميزان الطبيعة والتي بالتأكيد ستؤدي الى نتائج كارثية. إذ ان النمو السكاني يتم على شكل متوالية هندسية بينما محاصيل الأرض تسير بطريقة المتوالية العددية.
النمو السكاني هو الخطر المقبل على البشرية جمعاء بل هو معول الهدف القاضي على خطط التنمية في العالم، هناك دول تمتلك من مصادر الثروات الشيء الكثير الا ان شعوبها تعيش على حافة الفقر ان لم تكن دون ذلك الخط وذلك بسبب النمو السكاني الذي يلتهم الأخضر واليابس.
النمو السكاني أدى الى نهاية حضارة ما بين النهرين وذلك عندما تم الاسراف في استنزاف المياه بشكل غير طبيعي لزيادة الرقعة الزراعية لتلبية حاجات ومتطلبات النمو السكاني المتزايد ما ادى الى ارتفاع نسبة ملوحة الارض ومن ثم تحويلها الى اراضي بور فضاقت الارض بأهلها وانتشرت المجاعة وتشتت اهل البلاد في انحاد المعمورة... وكذلك وضع النمو السكاني نهاية لحضارة المايا... في اميركا الوسطى.
فلاسفة مشهورون حذروا عام 2002 من ان الحاجات الاساسية للمجتمع البشري قد يصعب توفيرها في ضوء النمو المطرد للسكان في العالم ناهيك عن خطورة ذلك في الحياة البيئية والامنية والاجتماعية للمجتمع البشري.
مؤتمرات ومنتديات عالمية عقدت لوضع تصور منطقي لوضع السكان في العالم وللحد من نموه الغير منضبط مثل مؤتمر السكان في بوخاريست عام 1974 ومؤتمر السكان في القاهرة عام 1994.
فمهما بلغت الخطط الاستباقية على مدى عشرات السنين ومهما توافرت الامكانيات الطبيعية والصناعية والزراعية فإنها لن تقف صامدة امام قوة السيل الهادر والجارف لطوفان النمو البشري.
انتبهوا يا سادة... ياعلماء وفقهاء الاقتصاد والاجتماع انتبهوا يا الشعوب الساهية واللاهية... انكم امام الخطر الداهم الذي يسري في المجتمعات كما تسري النار في الهشيم ولن تنفع وسائل الاطفاء في كبح نيرانه.
لا تستهينوا في الموضوع ولا تقوموا بتبسيطه فالعالم امام شيئين متتابعين احدهما شبه ثابت من ناحية الوفرة الا وهو مكونات الاقتصاد للدولة من ثروة صناعية وزراعية وطبيعية وهذه تزداد بمتوالية عددية Numerieal Formula.
بينما النمو السكاني يزداد بمتوالية هندسية Geometrical Formula بنسبة كبيرة تفوق مقدرات الدولة الاقتصادية ما يجعل بقاءها واستمرارية وجودها في مهب الريح... لم تستطع نيويورك ولا طوكيو ولا بكين، التقليل من المشكلة المرورية في عواصمها والتي تزداد سوءاً وتعقيداً كل عام رغم استخدام ارقى الوسائل التكنولوجية، وذلك بسبب النمو السكاني. ولم تستطع اميركا واوروبا ودول اخرى من التغلب على مشاكل البطالة والتي لم تكن موجودة في القرن السابق بسبب النمو السكاني.
افلست اليونان وهزت بإفلاسها اقتصادات الاتحاد الاوروبي، ودول كالبرتغال واسبانيا على حافة الانهيار الاقتصادي... ومن اهم اسباب ذلك النمو السكاني، إنهارت اقتصاديات العالم نتيجة كارثة الرهن العقاري في اميركا، وافلست كبرى واعرق بنوك العالم، ومن اهم اسباب ذلك النمو السكاني.
انه الطوفان العارم الذي سيعصف بسكان الأرض، ان تنظيم النسل اصبح ضرورة مستقبلية لمجتمعات الجنس البشري اذا ارادت ان تعيش حياة كريمة، والمعترضون على ذلك بذرائع وتفسيرات مختلف عليها يجهلون حقيقة ان من سنن الله في الأرض ان يكون كل شيء في قدر وميزان... وان النمو السكاني سيؤدي الى خلل في التوازن الطبيعي وان المساهمين في حدوث ذلك هم مخالفين لقوانين رب العالمين.
ومن امثلة كوارث النمو السكاني في العالم:
1 - زيادة التركيز ثاني اكسيد الكربون في الهواء وتلوث المحيطات وتقلص التنوع البيولوجي، انخفاض خصوبة الأرض، التصحر وتناقص الموارد الغذائية والمائية. وتحذر دراسة البنك الدولي بأن شعوب العالم ستضطر الى اكل الحشرات في عام 2050م بسبب ندرة المواد البروتينية (لحم، دجاج، سمك، حليب).
2 - تفشي المجاعات في كثير من مناطق العالم حيث بلغ عدد جياع العالم 935 مليون نسمة عام 2008م.
3 - القضاء على نصف الغابات في العالم والتي كانت تغطي الارض في الازمنة الغابرة اي قبل 8000 سنة نظراً لزيادة الطلب على الغذاء والوقود والمسكن.
ولنتذكر جميعاً ان من الاشياء التي حرمها ديننا هو الاسراف في كل شيء لكي لا تنقلب موازين وقوانين الطبيعة على كوكب الأرض والتي جعلت معاشاً ومأوى للبشرية وحتى لا ينطبق على البشرية قوله تعالى «يخربون بيوتهم بأيديهم»، حكموا العقل الذي هو اكبر نعم الله للبشرية ونظموا النسل بطريقة حضارية تضمن بعد الله عيشة كريمة للإنسان... وتذكروا ان النمو السكاني المفرط يؤدي الى جوع ومجاعات كافرة تكون نتيجتها الطبيعية العنف والارهاب والحروب والمآسي...
لقد اوجد النمو السكاني غير المنضبط بعض الافكار الجهنمية عند بعض الكتاب العالميين من امثال الكاتب الأوروبي دان براون، حيث ألف رواية بعنوان «الجحيم» Inferno تجاوز فيها كل الحدود المسموح بها في احترام الارواح البشرية والمخلوقات، داعياً ببساطة الى ابتكار فيروس يبيد كل البشر على سطح الكرة الارضية.
وكذلك طرح عالم الاقتصاد العالمي مالتوس، حلا لمشاكل الجوع في العالم، اذ يدعو إلى قتل الجياع او تركهم يموتون من قلة الطعام.
وتذكروا اننا نعيش على اقتصاد ريعي وحيد المصدر... وتذكروا ان فرص السكن والوظائف والعلاج التي كانت ميسرة في الستينات والسبعينات ليست متوافرة في يومنا هذا ولن تتوافر في المستقبل، اذا استمر النمو السكاني على هذا المعدل غير المنضبط. ان قلة السكان نعمة... وكثرته نقمة وتعاسة للشعوب.