أفراح الكويت...

1 يناير 1970 07:53 ص

في الأيام القليلة الماضية، احتفلنا بمناسبتين مميزتين بل هما نعمتان عظمتان لا تقدران بثمن، أنعم الله سبحانه وتعالى على ديرتنا الحبيبة الكويت بهما، وهما نعمة الاستقلال 57، والأخرى نعمة التحرير من براثين المحتل الغاشم 27.
وبالفعل عشنا خلال هذه الأيام وبمشاركة أبنائنا وأسرهم احتفالات جميلة، وقضينا وقتاً ممتعاً في ظل قيادتنا الحكيمة، وفاجأ صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، شعبه وأبناءه بمشاركته لهم في تلك الأفراح، فخرج على البرتوكول الأمني ومن دون موكب الحراسة والحماية، وسار بين أبنائه بكل أريحية، وتسابق أبناء الوطن إليه مباشرة للمصافحة والتحية، وتلك نعمة أخرى من الباري عز وجل لتواصل الحاكم مع شعبه، والمحبة والألفة التي بيننا، فلك الشكر ياصاحب السمو على اللفتة الجميلة.
كم هو جميل الروح والحس الوطني والولاء للكويت، والتي تجلت بتسابق المواطنيين المخلصين، والمقيمين المحبين، لهذا الوطن أرض المحبة والسلام، برفع الأعلام ووضع الزينة على المنازل، والمحلات، والوزارات، والمؤسسات، والبنوك، والشركات، وكذلك بالمناطق كافة، لتعم الفرحة جميع من يعيش بهذه الأرض الطيبة، وسبقت الاحتفالات مبادرة صاحب السمو حفظه الله، بالمكرمة الإنسانية التي شملت اليتامى و«الغارمين»، من جميع الجنسيات، ليتم الإفراج عنهم لتعم الفرحة لهم ولأسرهم الكريمة.
وأثلجت صدورنا مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي أفراحنا، واحتفالنا بأعيادنا الوطنية، والتي جسدت عمق أواصر العلاقات المتميزة التي تربط بيننا، داعين الله سبحانه بأن تعود اللحمة الوطنية والتصالح بين دول مجلس التعاون، وتكلل جهود صاحب السمو بالنجاح، لرأب الصدع، وتجاوز التطورات الأخيرة في بيتنا الخليجي بالحوار والتواصل، في ظل ما يجمعنا من روابط تاريخية راسخة.
ونستذكر في هذه الأيام الكابوس الذي أصاب الكويت وشعبها في 2/‏‏ 8/‏‏ 1990، فبين ليلة وضحاها، انقلب الحال من سلم إلى حرب، ومن استقرار إلى تشتت في أرض الله الواسعة، ومن حالة الأمن والأمان إلى حالة الخوف والذعر... مصابنا كان كبيراً، عانينا لمدة 7 شهور متتالية، فيها الكثير من الأحداث والقصص المؤلمة، فلقد كانت طعنة بالظهر من جار مسلم، يصعب علينا نسيانها، والجميل بأن الغزاة لم يتمكنوا أبداً بأن يضعفوا جبهتنا الداخلية، بل العكس زاد تماسك وتكاتف وتلاحم شعبنا، فكانوا أسرة واحدة يساعد ويساند فيها بعضهم البعض.
فالشعب الكويتي سطر أروع ملحمة من التضامن، والتعاون، والوحدة الوطنية، في تلك الظروف الصعبة، ورصوا صفوفهم ضد الغازي المحتل،كسد منيع ضد كل من يحاول بث الفتنة بين الكويتيين، حتى انتصر الحق، وعادت الكويت حرة أبية في 26/‏‏ 2/‏‏ 1991.
وأولى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله، اهتمامه بالوحدة الوطنية، وحرص على تكاتف الكويتيين وتعاونهم في ما بينهم، ونبذ الخلاف والسعي نحو العمل الجاد، لبناء كويت الغد، تحت ظل التسامح والمحبة والإخاء.
وذكر في كلمته «نحن في هذا الوطن أخوة متحابون، لا مكان فيه للتعصب لطائفة، أو قبيلة، أو فئة ما، على حساب الوطن، الولاء بيننا لله، ثم إلى الوطن الذي نعيش على أرضه، نحميه بوحدتنا الوطنية ونبني أسواره بتعاضد أبنائه.
ولا ننسى أبطال التحرير
الشيخ جابر الأحمد الصباح
والشيخ سعد العبدالله الصباح
والشيخ سعود الناصر الصباح
رحمهم الله عملوا بتفان وإخلاص وعمل دؤوب حتى تحررت الكويت.
ونستذكر أبناءنا الشهداء الأبرار، وما قدموه من تضحيات جليلة للوطن العزيز، سائلين الله عز وجل، بأن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وينزلهم منازل الشهداء.
وسطر الشهيد فايق عبدالجليل رحمه الله تلك الأبيات الجميلة بحب الوطن:
بسم الله إحنا كويت الأسرة الواحدة
بسم الله إحنا جسر الماضي ومجده
وإحنا سلاحك وقت الشدة
وإحنا الشمس وعطره الوردة
إحنا كويت الأسرة الوحدة
إنحبها إنحبها قلنا الكلمة
من تربتها حتى النجمة
فعلاً هما مناسبتان غاليتان على قلوب أهل الديرة نشكر الله سبحانه عليهما، وندعوه بأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وبأن يحفظ الكويت وشعبها، من كل مكروه ويبقيها دار محبة وسلام.