قصتي مع جريدة «الراي» أقرب إلى الخيال، ومن الممكن أن تواجه بالتشكيك في واقعنا الكويتي المليء بالتصنيفات وبعض الظن السيّء... لكنني سأسردها كما هي.
بدأت الكتابة في «الراي» في 2011، بمقالات موسمية، تطورت لاحقاً إلى كتابة شبه منتظمة، بمعدل مقالين أسبوعياً يتغيّر موعدهما حسب الظروف التحريرية أحياناً، وكسلي أحياناً كثيرة، وما زلت أذكر اتصالات الأخ سهيل مروة كلما تأخرت في تسليم مقال لي مؤنباً معاتباً، حتى بدأ يتعود على مزاجيتي في الكتابة، فأصبح عند التأخر في التسليم يكتفي بإرسال رسالة هاتفية محتواها ابتسامة بغمزة، بما معناه «واضح أنه لا يوجد مقال اليوم»!
في 2014، توقفت مراراً عن الكتابة وتحكمت بي مزاجيتي واستسلمت لانشغالاتي، وصرت أكتب من غير انتظام وأحياناً في صحف أخرى. فاتصل بي الزميل ماجد العلي رئيس تحرير الصحيفة صارخاً: «مو بكيفك تهدنا وتتوقف عن الكتابة... أنت ولد الراي». ثم حفزني – جزاه الله خيراً – على الانتظام في الكتابة حصرياً لـ«الراي»، واتفق معي على الترتيبات الإدارية، والقيمة المعنوية التي زرعتها «الراي» في نفسي بإصرارها على استمراري معها، كانت هي القيمة الحقيقية.
وكالعادة، مزاجيتي في الكتابة تفوقت على جميع الحوافز، فألتزم أحياناً بالمقالين المتفق عليهما، وأختلق أعذاراً كثيرة لعدم تسليم المقالات في أحيان أخرى، وما أدهشني دائماً هو أنه كلما توقفت عن الكتابة لأشهر، ثم تواصلت مع «الراي» لمعاودة الكتابة، وجدت مكاني محفوظاً، مما كان يشعرني بالخجل من نفسي لتقصيري من جهة، مع قليل من «شوفة النفس» والفرحة، لإصرار الجريدة على الاحتفاظ بي ككاتب رغم كل تلك الخيبات التي تسبب بها عدم انتظامي في الكتابة وتأثير ذلك على السياسة التحريرية لصفحة المقالات!
في الأشهر الأخيرة، بدأ الأمر يختلف بعض الشيء، مع تسليم دفة الإشراف على صفحة المقالات للزميل إدمون إسحق، الذي يتصف بالعديد من الصفات الحميدة وأهمها أنه «ما يغشمر» في موضوع الالتزام بالمواعيد والنشر، فكان أن مارس معي بعض التكتيكات و«الملاحقات» التي فعلت معي مفعول السحر ونتج عنها التزام تام بتسليم المقالات في مواعيدها والنشر المنتظم، فله الشكر من بعد الله على هذا التغيير الذي كسر قاعدة أن الطبع يغلب التطبع!
كل هذه المسيرة، التي امتدت لسبع سنوات غير عجاف مع «الراي» العزيزة، مرت من دون أي تواصل مباشر أو حتى اتصال هاتفي وحتى كتابة هذه السطور مع الزميل الكبير الأستاذ جاسم بودي، رئيس مجلس إدارة الصحيفة. أتابعه عندما يكتب أو في روحه التوجيهية لبعض الافتتاحيات، وأعلم أنه يتابع بدقة ما نكتب تاركاً لنا سقفاً عالياً من حرية التعبير وفق ضابط وحيد هو تقديرنا المسؤول ومحاذير القانون.
واليوم، تشرفني «الراي»، التي لم توقف لي أي مقال كتبته طوال مسيرتي الصحافية، اللهم لا حسد، باختياري لأكون كاتباً في صفحتها الأخيرة، وهو تشريف وتكليف كبيران لا أملك معهما إلا تقديم كل معاني الشكر والعرفان لهذه الصحيفة التي قدمت لي كل الدعم والمساحة الحرة منذ بداياتي.
كلمة أخيرة للزميل جاسم بودي...
أعاننا الله أنا وياك يا بومرزوق على ما سيشاع حول المقالات بأنها موجهة ومدفوعة الثمن وغيرها مما سيطالني ويطالك في ساحة الإعلام الكويتي وهو ما اعتدنا عليه، ولكننا اختلفنا وسنختلف في آرائنا، وهذا أيضاً سيسيئ فهمه من يريد، فالسالفة باختصار هي... أننا ومن اللحظة ابتلشنا ببعض!
أكاديمي كويتي
[email protected]
Twitter: @dralkhadhari