حوار / المخرج الفلسطيني تعلَّم من شاهين والشيخ وبركات

هاني أبو أسعد لـ «الراي»: السينما المصرية تتراجع!

1 يناير 1970 05:28 ص

لا أحب المشاهد الجريئة  في أفلامي... والإيحاء  يقدِّم الرسالة ذاتها

المخرجة الفلسطينية تفوقت بقوة... وأتابع أعمال  عمرو سلامة ومحمد دياب


 يرى أن السينما المصرية يتراجع تأثيرها... أما السينما العربية فتراها هوليوود على الهامش!
 إنه المخرج الفلسطيني العالمي هاني أبو أسعد، متحدثاً عن تجربته الإخراجية الأولى في هوليوود، المتمثلة في الفيلم الأميركي «الجبل بيننا»، وهي محطته التالية بعد حصول فيلمه الفلسطيني «الجنة الآن» على إشادة النقاد، وجائزة «الغولدن غلوب».
 «الراي» حاورت أبو أسعد، في القاهرة، فتحدث عن تجربته الهوليوودية، والتحديات التي قابلته أثناء صنع الفيلم، وتقييمه للنجاح الذي حققه، معرِّجا على كثير من القضايا الفنية والإنسانية، إذ لم يخلُ الحديث من كيفية اختياره لأبطال فيلمه، وكيف كان يقود التصوير عند درجة 38 تحت الصفر، والعنصرية في عاصمة السينما العالمية، ومدى متابعته للسينما المصرية الحديثة، خصوصاً أنه تعلم من مخرجيها الرواد، وإعجابه بالمخرجات الفلسطينيات... والتفاصيل تأتي في هذه السطور:

• في البداية، ماذا عن تجربتك الأولى في هوليوود من خلال «الجبل بيننا»؟
- عندما تفاوضت معي شركة الإنتاج لإخراج فيلم، كان هناك أكثر من نص لأختار من بينها، ولفت نظري سيناريو «الجبل بيننا»، لأنه يمزج بين قضيتين إنسانيتين، إحداهما صراع البقاء والتشبث بالحياة، والأخرى قصة حب تجمع رجل وامرأة في جبل جليد. ومن هنا شعرت بأن نجاح هذا الفيلم سيكون تحدياً بالنسبة إليّ، خاصة أن هذا المزج لم يظهر علي شاشة السينما منذ سنوات طويلة، وأردت أن تكون خلفية الفيلم طوال الوقت هو الثلج الأبيض.
• سبق أن صرحتَ بأن اختيارك لبطلي الفيلم كيت ونسليت وإدريس ألبا جاء بسبب مصادفة. كيف؟
- بالفعل هذا صحيح، وفي بداية اجتماعاتي مع جهة الإنتاج، اقترحتُ اسم أدريس ألبا كبطل للفيلم، وبالفعل تم الإجماع عليه، لاسيما أنه فنان موهوب، وفي الأسبوع نفسه شاهدت صورة جمعت إدريس مع كيت ونسليت - على السجادة الحمراء لأحد المهرجانات - ووجدت بينهما انسجاماً شديداً، ومن هنا جاء ترشيحي لهما معاً.
• الفيلم جرى تصويره في ظروف جوية صعبة، ماذا عنها؟
- فعلاً، فقد كنا نصور في درجة حرارة شديدة الانخفاض إلى حد استثنائي.. نحو 38 درجة تحت الصفر، ومن ثم كنا مجبَرين على التعايش مع هذه الأجواء، وكان التصوير في كندا حتى نضمن وجود الجليد طوال الوقت، ومع ذلك لم تكن مشكلتنا مع الممثلين، الذين لم يشتكوا من قسوة البرد، بل كانت مع الكلب الذي كان يرفض بإصرارٍ الخروج من المخيم تحاشياً لبرودة الجو، وحسب القانون الأميركي لا يمكن أن أُجبر الكلب علي شيء، لذلك كنا نلجأ إلى إغرائه بالخروج لنقدِّم له الطعام حين يجوع.
• هل اختيارك الممثل الأسمر إدريس ألبا بطلاً للفيلم كان مقصوداً؟
- كما ذكرت آنفاً. أنا اخترته لموهبته، وبعدما قدمتُ الفيلم اكتشفتُ بالمصادفة أن أحداثه ومضمونه يعالجان هذه القضية.
• من خلال تجربتك في السينما الأميركية، كيف ترى هوليوود السينما العربية؟
- هم لا يروننا، أو بمعنى أدق يروننا على الهوامش، وليس في الشارع العام للسينما، سواء في المهرجانات وغيرها، وأفلامنا تُعرَض في السينمات المختصة بالأشياء الفنية، وهذه هي سوقنا الوحيدة هناك. وعموماً هوليوود هي شركات واستديوهات هدفها الأساسي تحقيق الربح.
• البعض ظن أن تجربتك الأولى في هوليوود ستكون طرحاً لقضية فلسطين؟
- عندما قدمتُ تجربتي الأولى في هوليوود لم يكن عليَّ أن أختار الموضوع الذي أقدمه، لكنني فقط كنت أختار بين أكثر من مشروع، وعموماً شركة «فوكس» تقدم أفلامها للشارع والجمهور، وليس للمهرجانات والنقاد والنخب، وهدفها الأساسي هو شباك الإيرادات...
ونجاح الفيلم بالنسبة إليها هو النجاح التجاري والجمهور الذي يذهب ليقطع تذاكر من أجل أن يدخل الفيلم... والحمد لله أن «الجبل بيننا» نجح جماهيرياً وحقق إيرادات جيدة.
• هل شعرت بعنصرية في التعامل معك بسبب كونك عربياً؟
- العنصرية موجودة في كل مكان، وليس في هوليوود فقط، وشركة الإنتاج التي اختارتني لكي أقدم أول تجربة لي في هوليوود، بالتأكيد هى عنصرية في اختيارها لي.
• وكيف ترى مستوى السينما المصرية، وحضورها على المستوى العربي؟
- أنا أرى أن الدور الفني المعروف لمصر تراجع تأثيره وخف وزنه في العالم العربي، وذلك يعود إلى ظروف كثيرة... وفي المقابل صار الخليج ينتج بقوة فاحتل فراغاً موجوداً في الساحة، وبالطبع هذا أثر تأثيراً سلبياً - في تقديري - في الدور المصري ثقافياً وفنياً، بحيث يبدو لي أن هذا الدور يتراجع.
• وما المدارس الإخراجية التي تأثرتَ بها في مشوارك؟
- البداية بطبيعة الحال كانت مع السينما المصرية، تليها هوليوود، تأتي بعدها السينما الأوروبية والآسيوية والإيرانية. وبالنسبة إلى المخرجين، هناك حسين كمال وكمال الشيخ وهنري بركات وشادي عبدالسلام ويوسف شاهين وتوفيق صالح، وعلى مستوى العالم أحب المدرسة الإيطالية في الإخراج.
• وما وجهة نظرك في تقديم المشاهد الجريئة في أفلامك؟
- المشاهد الجريئة لا أحبها، ولو كان الأمر باختياري فلن أضعها، لأنني بشكل شخصي أرى أن الإيحاء أهم بكثير من المشهد الصريح، لأن الرخص لن يضيف شيئاً، ولو بيدي لما وضعت المشهد الجنسي في فيلم «الجبل بيننا»، لكن في النهاية النص ليس مسؤولاً عنه بشكل كامل، وعموما لم يكن هناك عراء كثير، شيء رخيص لا يضيف كثيراً.
• كيف ترى جهود العنصر النسائي الفلسطيني في الإخراج؟
- الحقيقة أنهن متفوقات جداً، فنحن لدينا مخرجات فلسطينيات نتشرف ونفخر بهن، ومن بينهن مي مصري وماري إن جاسر وسها عراف.
• وهل توقفت متابعتك للسينما المصرية؟
- لا، فهناك تجارب مهمة لمخرجين موهوبين من بينهم عمرو سلامة ومحمد دياب وشريف عرفة.
• وهل ستحتل القضية الفلسطينة حيزا في أفلامك المقبلة؟
- القضية العربية تهمني بالمقام الأول، والقضية الفلسطينية جزء من القضية العربية، وعموماً الحدود بين القضايا العربية وضعها المحتل، وأنا متفائل بالمستقبل، لأن الظلم «ما بيدوم».