المهرجان يختتم فعالياته الليلة في «المعهد المسرحي»

«من دون قصد»... كل شخص مسؤول!

1 يناير 1970 11:47 ص

«المسؤولية لا تنحصر على أشخاص بعينهم، بل إنها تعم الجميع».
هذه فحوى الرسالة التي حملتها مسرحية «من دون قصد»، خلال عرضها أول من أمس، في قاعة حمد الرجيب، ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي، الذي ينظمه المعهد العالي للفنون المسرحية في الفترة من 7 فبراير، ويختتم فعالياته الليلة.
شهد العرض، حضور حشد جماهيري غفير، تقدمه رئيس المهرجان عميد المعهد الدكتور فهد الهاجري، إلى جانب باقة من المسرحيين وضيوف المهرجان وأساتذة وطلاب المعهد.
«من دون قصد» من تأليف مريم نصير، إخراج بدر الحلاق، تمثيل: سعود بوعبيد، محمد أكبر، بدر البناي، هاني الهزاع، مصطفى محمود، محمد الأنصاري، محمد البلوشي، محمد ملك، وصمم الديكور محمد الشطي، والإضاءة حسين الحداد، والأزياء حصة العباد، ومساعد مخرج عبدالله الشواف.
استهل العرض من المثل الشائع «ياما في السجن مظاليم»، فماذا يحدث للإنسان عندما يُتهم باقتراف جريمة لم يرتكبها؟ وماذا يحدث له حين يجد نفسه سجيناً يشاركه سجناء أبرياء مثله، يتعرضون لشتى أنواع القهر... بتهم متعددة منها، الاختطاف، غسيل أموال، سرقة، إلى أن طالت التهمة الأخيرة أحد سائقي التاكسي بأنه قاتل، وهو في الحقيقة لم يقتل، لكنه قام بتوصيل القتلة والإرهابيين من دون قصد؟
 لكن فلسفة العرض تؤكد أن كل شخص مسؤول عن تصرفاته، وعلى من يقوم بعمل أن يتحرى عنه قبل الشروع فيه، حتى لا يقع في المحظور. فبالرغم من أن هؤلاء المتهمين لم يقترفوا أية تهمة في حقيقة الأمر، لكنهم مسؤولون عن تعاملهم مع المجرمين بطريقة غير مباشرة، ووضعوا أنفسهم في محل شكوك وشبهات، ومن هناك يتضح نضج العرض، من خلال مقولة «إننا جميعاً سائقي تاكسي» فنحن مسؤولون عن تصرفاتنا في الحياة، سواء عند توصيل نائب إلى قبة البرلمان أو امتداح وزير أو مسؤول من دون معرفة تامة بهذا الشخص أو ذاك.
 على المستوى الفني، كان العرض شيقاً ومثيراً، وتجلى ذلك عبر انضباط حركة الممثلين على الخشبة، لاسيما في المشاهد الجماعية حيث شكلوا جميعاً شكلاً انسيابياً، خصوصاً أثناء الدخول في الزنازين ولحظة الخروج منها، وقد ساهم في ذلك رشاقة الديكور الذي صممه محمد الشطي، حيث وضع الزنازين من الخلف، في حين جعل مكتب التحقيق في الأمام.
 أما المخرج بدر الحلاق، فقد كان ذكياً حين قسّم المسرح إلى نصفين، ليقدم تشكيلات الممثلين بشكل رحب، كما استطاع بطل العرض الذي جسد شخصية سائق التاكسي أن يستخدم العامل النفسي في رفع مستوى ذروة الأحداث على الخشبة.
الإضاءة، شكلت هي الأخرى عنصراً مهماً في أجواء السجن، وكانت بؤرة انطلاق للكثير من الأحداث، لاسيما عند دخول السجين للمرة الأولى إلى فناء السجن، وكذلك في حالات التعذيب.

الندوة التطبيقية
أعقب العرض، ندوة تطبيقية في قاعة أحمد عبدالحليم، أدارتها الطالبة عايشة العبيدان، وعقّب عليها الطالب بدر الأستاد، الذي أكد في مستهل حديثه أن ثيمة المسرحية هي الحرية، و«هذا ما يبحث عنه الجميع». وقال الأستاد: «وجدنا أن الشخصيات كانت متزامنة مع الحوار وملائمة لأبعادها، كما تبيّن لنا ذلك أكثر من خلال اللون الأسود الذي أرسل إشارات كثيرة، من بينها الحزن والتعاسة والألم، الفقدان والمعاناة».
ولفت إلى أن الإضاءة أضفت الشيء الكثير على العرض المسرحي، «إذ ألقت بقعاً ضوئية مركزة على الشخصيات، عطفاً على أن الإضاءة باللون الأحمر دلت بوضوح على آثار العنف والصراع، أما الإضاءة باللون الأزرق فدلت على الحيرة».
وتابع الأستاد: «رغم بساطة الديكور، إلا أن المخرج استطاع أن يجعل من البساطة عمقا»، مكملاً:«سرعة الايقاع في بعض المشاهد دلت على احتدام الصراع»، لكنه استدرك قائلا: «لديّ ملاحظة على تأخر الإضاءة في بعض التنقلات، حيث إن كثرة التلاعب بالأضواء لم يكن موفقاً».