طلبت مني زوجتي وبناتي زيارة سوق المباركية بمناسبة احتفالات الكويت بالمناسبات الوطنية، فذهبنا إلى موقع الفعاليات، وكان علينا أن نعبر من مواقف بيت التمويل عبر ساحة الصفاة التي لم تعد ساحة كما كانت، وإنما تحوّلت الى مجموعة من نقاط البيع، فقصصت على بناتي وأحفادي قصة ساحة الصفاة التي كانت تمثل قلب الكويت في السابق وملتقى الطرق، وأخبرتهم كيف كانوا ينفذون حكم الإعدام فيها! وهي ملتقى جميع الفعاليات ومكان تأجير التكاسي وغيرها!
ثم انتقلنا منها إلى ما كان يسمى بالشارع الجديد والذي ما زال على هيئته عدا الزينة التي ملأت ساحته بينما محلاته لم تتغير!
ثم شاهدنا «سوق واجف» و«سوق النعل» وأشرت لأهلي إلى المكان الذي كانت النساء يعرضن فيه بضاعتهن من الزري والسراويل الطويلة ودشاديش النوم وغيرها ولم يكنّ يعرفنها!
ثم مررنا على شارع الغربللي الذي كان من أشهر الشوارع في الكويت وقد جددت الحكومة كل شيء فيه وأبقت على أسماء الأسواق فيه ومنها «السوق الأبيض للأقمشة»، وهو من أقدم الأسواق التي تبيع القماش، فتذكرت والدي (رحمه الله) وعمي اللذين كانا لهما محلات لبيع القماش فيه!
ثم مررنا على «سوق الحلوى»، فتذكرت كيف كنت آتي إليه أسبوعياً لشراء علب الكاكاو والحلويات لأبيعها على الأطفال!
بعدها مررنا على «سوق السمك» الذي ما زال في مكانه وتنبعث منه روائح الزفر التي تخنق المارة، وتعجبت كيف يوضع مثل ذلك السوق في وسط الأسواق!
ثم توجهنا الى سوق المباركية وشاهدنا كيف اصطف عشرات الباعة على طول الطريق وكل منهم يعرض بضاعته التي هي عبارة عن «بادجات» وأعلام تمثل الكويت واحتفالاتها! كما يبيعون بعض الحلوى وملابس مزركشة وشاهدنا كثيراً من الباعة من الشباب الكويتي الذين يرحبون بالمارة ويعرضون عليهم بضاعتهم، وشعرت بالسعادة لنشاط الشباب الكويتي وهمّته وطرقه جميع أبواب الرزق الحلال، وهؤلاء الشباب هم حقاً من يستحق الدعم في المشاريع الصغيرة، وأتمنى أن تبذل الحكومة جهداً أكبر لاستقطابهم وتذليل العقبات أمامهم وأن تفتح لهم الأبواب وأن تقوم بتطوير عملهم لكي لا يلجأوا إلى الطرق الملتوية لكسب الرزق!
مررنا على محل العم «أبو أحمد المسلّم»، وأعتقد أنه اليوم من الكويتيين القلائل الذين ما زالوا يتابعون تجارتهم بأنفسهم وهو يبيع الغتر والطاقيات (القحافي) والنعل منذ بداية الخمسينات وحتى اليوم، وقد سلمت عليه وعرفته بنفسي، ثم مررنا على محل السعيد للعبي والبشوت، وسلمنا عليه فعرفنا! ومررنا على المطاعم الكثيرة التي ملأت السوق وتبيع جميع أصناف المأكولات الشعبية. أما أبرز البضاعات المعروضة في السوق، فهي ملابس النساء والأطفال المزركشة احتفالاً بمناسباتنا الوطنية!
لقد شعرنا بالسعادة الغامرة لهذه الجولة في ربوع الكويت القديمة، لاسيما وأن أجيالنا الحالية قد نسيت كثيراً تلك الأماكن ولا تجد الناس يتجهون إلا إلى المجمعات الحديثة والأسواق الجديدة للترفيه عن النفس والتسوق! ثم مررنا على مكان «كشك مبارك» المشهور!
إن سعي الحكومة إلى المحافظة على ذلك التراث الشعبي المهم لهو من أفضل الأمور، فالأمة التي لا تحافظ على تراثها لا تستحق الاحترام من الآخرين!