الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط أكد أهمية التوجه الحكومي لتمويل خطة التنمية

خالد مهدي لـ «الراي»: الكويت تقترض بشروطها اليوم ... وغداً ستُجبر على الفائدة التي يحدّدها السوق العالمي

1 يناير 1970 11:58 م

الكويت آخر دول الخليج إقداماً على الاقتراض وبأقل سعر فائدة  في العالم 

الدول الأغنى والأكبر  من الكويت اقترضت لتمويل المشاريع الاستثمارية التنموية 

إذا اتجهنا إلى السحب  من الصندوق  والاستغناء عن القروض فسينفد مال الصندوق خلال فترة  لا تتجاوز الـ 20 عاماً 

الهدف من عدم الاقتراض المحلي الحفاظ على الاستثمار  في مشاريع الدولة  وعدم زيادة سعر الفائدة على المستثمرين الكويتيين 

الكلام عن عودة ارتفاع النفط مبتور  والتوقعات تشير إلى أن السعر سيقف عند 80 دولاراً  

علينا أن نكون أكثر دقة وحرصاً وتقليل النفقات والصرف بحساب شديد على كل نوافذ الإنفاق

الكويت الدولة النفطية الغنية مالكة الصناديق السيادية الاكبر في العالم والتي صنفها البنك الدولي ضمن لائحة أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من إجمالي الثروة، تقترض وتطرح سندات في الاسواق العالمية، أمر اثار الاستنكار بين الكثير من المواطنين واستهجان نواب مجلس الامة ورفض رجال الدين وتحريم الاقتراض، وقوبل برفض شديد.
لكن للأمين العام للمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية الدكتور خالد مهدي المختص بخطة التنمية ومتابعة مشاريعها والتي من أجلها ستقترض الكويت لانهائها وتحويل الكويت إلى مركز مالي عالمي وخلق تنوع في مصادر الدخل رأي آخر، فهو يعتبر أن أمام الكويت فرصة ذهبية للاقتراض اليوم تتمثل في قدرتها على فرض نسبة الفائدة التي تريدها، أما غداً فالفرصة لن تكون متوافرة وستجبر على الاقتراض ولكن وفقاً لسعر الفائدة الذي سيحدده السوق العالمي.
ويؤيد مهدي رأيه في معادلة بسيطة تقوم على أن «القرض أفضل من تسييل الاصول التي دائماً ما تكون في زيادة، إضافة الى ان القرض متناقص خصوصاً وان السداد من عوائد استثمارية وليس من تأكل الأصول»، مشيراً إلى أن كبرى الدول وأغناها اتجهت إلى الاقتراض والكويت هي الاخيرة في دول الخليج التي ستقترض وبأقل سعر فائدة في العالم.
المزيد من التفاصيل في اللقاء الآتي مع الأمين العام للمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية الدكتور خالد مهدي:
? هل الكويت الدولة النفطية الغنية صاحبة اكبر صناديق سيادية في العالم بحاجة ان تقترض؟
 - الكويت بالفعل دولة غنية وغيرها الكثير في العالم اثرياء واصحاب صناديق سيادية تضاهي صناديق الكويت واكثر اقترضت وتقترض، كما ان الكويت ضمن الدول الخليجية النفطية الغنية وجميعها اقترضت والكويت اخر دول الخليج اقداماً على الاقتراض، والأمر ليس غريباً لأن الدول الاغنى والاكبر من الكويت اقترضت لتمويل المشاريع الاستثمارية التنموية، وخصوصاً إن كان القرض من الاسواق العالمية وليس من البنك الدولي او صندوق النقد الدولي.
? وما هي اسباب اقتراض الكويت؟
- اقتراض الكويت في الوقت الراهن جاء دعماً لخطتها التنموية الطموحة وتمويلاً لمشاريعها الاستثمارية العملاقة التي ستعود على الدولة بالكثير من النفع والفائدة والتي ستكون سبباً لتنوع موارد دخل الدولة وعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.
وهناك دليل قاطع على صحة ما سبق ذكره، وهو ان إدارة الدين العام في الدولة تنقسم إلى 3 اقسام رئيسية، الأول جزء من الاحتياط العام من خلال سد العجوزات من الميزانية، والثاني دين من السوق المحلي، واخيراً الدين الخارجي من السوق العالمي.
وفي ما يتعلق بالدين الخارجي من الاسواق العالمية، تحتاج الكويت ان يكون لديها ما يسمى بالـ «YIELD CURVE» اي قدرة الدولة على سداد ديونها واستقرارها من الناحية المالية، وهو ما يجعل لديها القدرة على طرح سندات مالية للاسواق العالمية، وهو الامر الذي تقوم به الدول الغنية على وجه التحديد والخصوص، وهو الامر غير المتوافر للدول الفقيرة او الضعيفة مالياً.
وهنا يجب ان نشير إلى ان الكويت في الوقت الراهن لديها القدرة على ان تقترض وتحدد سعر الفائدة حسب ما يحلو لها، وتلك الامكانية مستقبلياً لا يمكن ان تكون متوافرة... الان افضل وقت للكويت للاقتراض وغداً سنجبر على الاقتراض ولكن وفقاً لسعر الفائدة الذي سيحدده السوق العالمي.
ولنا في الامارات العربية اسوة حسنة حينما طرحت سندات عالمية وتعزز اقتصادها، والكويت هي الاخيرة في دول الخليج التي ستقترض وبأقل سعر فائدة في العالم.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار ان عرض سندات في الاسواق العالمية سيخلق للكويت مكانة دولية في الاسواق العالمية، ويمنحها ثقة في متانة اقتصادنا.
واذا أردنا ان نحل لغز الاقتراض بسهولة ويسر ونرد على رافضي الاقتراض، فعليهم معرفة الوضع المالي للكويت بالطريقة البسيطة وهي:
ايرادات الكويت = 12 ملياراً، و مصروفاتها تتمثل في رواتب 12 ملياراً، ودعومات 3 مليارات، ومشاريع 3 مليارات، و2 مليار تشغيل بإجمالي 20 ملياراً‘ اذن هناك فرق 8 مليارات بين الايرادات والمصروفات ولسد الفجوة لدينا خياران، إما الاخذ من الصندوق السيادي صاحب العوائد الاستثمارية وخسارة عوائده، وإما الاقتراض بنسبة فائدة منخفضة نتيجة قوة اقتصادنا من الاسواق العالمية، او الاقتراض الداخلي من البنوك المحلية بفوائد عالية اضافة الى تعجيز البنوك عن تمويل المشاريع لعدم توافر السيولة للتمويل بجانب ضغطها على الحكومة في اتخاذ القرارات، وبذلك تكون الحكومة اتجهت لاختيار الافضل والأيسر للدولة.
ولو اتجهنا إلى السحب من الصندوق والاستغناء عن القروض، فالحل بسيط نحن لدينا 150 مليارا في الصندوق ونحتاج سنوياً للميزانية 8 مليارات مصروفات تزداد سنوياً بنسبة نصف مليار من أجل الرواتب التي تزداد كل عام، وبذلك سينفد مال الصندوق خلال فترة لا تتجاوز الـ 20 عاماً، وللعلم ان الصندوق بثبات قيمته يدر دخلاً سنوياً 7 مليارات تضاف على رأسمال الصندوق.
وننتهي من ما سبق إلى ان امامنا خيارين، اولهما الاقتراض بسعر فائدة قليل والحفاظ على تزايد رأسمال الصندوق وتضخمه ومضاعفة العائد بزيادة رأسمال الصندوق سنوياً، والاخر الحرمان من استثمار بسعر ارباح عالي جداً مقارنة بسعر فائدة الاقتراض.
? لماذا لا يكون الاقتراض من البنوك المحلية بدلاً من الاسواق العالمية؟
 – الواقع ان البنوك المحلية عرضت مراراً وتكراراً تقديم قروض للحكومة، ولكن الحكومة لديها نظرة مستقبلية بعيدة المدى تتمثل في الحفاظ على السيولة في الداخل لاقامة المشاريع ولإقراض الشركات الكويتيية الشيكة في خطة التنمية.
ومن ضمن اسباب الحملة القائمة على الحكومة بسبب الاقتراض المنافسة بين البنوك المحلية والاسواق العالمية. والهدف من عدم الاقتراض المحلي يتمثل في الحفاظ على الاستثمار في مشاريع الدولة وعدم زيادة سعر الفائدة على المستثمرين الكويتيين.
? في ظل عودة أسعار النفط إلى الارتفاع، هل يمكن القول ان من الممكن الاستغناء عن الاقتراض؟
- هذا الكلام غير صحيح والكلام عن عودة ارتفاع النفط مبتور، النفط سيعاود الارتفاع تدريجياً والتوقعات تشير إلى ان سعر النفط سيقف عند 80 دولاراً وهذا على المدى البعيد، علماً بان المصروفات تتزايد بشكل كبير خصوصاً ونحن في قطار التنمية.
وهناك تقرير صدر قبل فترة ليست ببعيدة يقول ان اسعار النفط في 2019/ 2020 ستكون ما بين الـ 30 و40 دولاراً، واذا صح ذلك، فإنه سيكون خطراً عــــــلى الاقتصاد.
ومن فترة بعيدة خططنا للسيناريو الاسوأ كوننا نتبع سياسة «التحوط» وننتهج النهج العقلاني في كل خطواتنا والمحافظة في السياسة المالية ما يجعلها مستحوذة على احترام الاسواق العالمية وثقة رجال الاعمال والاستثمار.
? ما هو ردكم على على ما اثير من اراء دينية وسياسية واقتصادية رافضة لاقتراض الكويت؟
 – اولاً انا لست سياسياً ولا مفتياً كي ارد على الرافضين السياسين ورجال الدين، وبالنسبة للرد على الرأي الاقتصادي الرافض للقرض، اقول له نحن ضمن منظومة كونية ويجب ان نتماشى مع دول العالم في اتباع النهج العلمي والتفكير المنطقي وعدم السير وفق الطرق القديمة التقليدية التي ثبت عدم جدوتها في ادارة الدول، واقول لهم لماذا اقترضت اليابان والولايات المتحدة والنرويج وغيرها من الدول الثرية والمتنوعة في مصادر الدخل، كان بإمكانها تسييل اصولها او الاخذ من صناديقها السيادية، ولكن هم اصحاب تفكير عقلاني معتمد على استراتيجيات مالية بعيدة المدى، حتى الشركات العملاقة تقترض رغم امتلاكها مصادر دخل ذات عوائد كبيرة.
ولكن علينا أن نكون اكثر دقة وحرص وتقليل النفقات والصرف بحساب شديد على كل نوافذ الانفاق، وبالقرض ستصبح الكويت جزءاً اصيلا من السوق العالمي، علماً بأن الكويت اتجهت للاقتراض بعد ان سبقتها دول غنية جداً مثل السعودية بالاقتراض المحلي والعالمي، والبحرين، ابو ظبي، وقطر.
وننهي الجدل بالرأي العلمي الناص على الاهتمام بنسبة «الدبت» اي الدين على الناتج الوطني والتي حسب المتوسط العالمي لها بما يعادل 100 ونيف في المئة وعندما تقوم بحساب الدين في الكويت ستجده لم يتجاوز الـ 47 في المئة من الناتج الوطني في حين في اليابان النسبة تجاوزت الـ 249 في المئة.
الأمر بسيط، فالقرض أفضل من تسييل الاصول التي دائماً ما تكون في زيادة، إضافة الى ان القرض متناقص خصوصاً وان السداد من عوائد استثمارية وليس من تأكل الأصول.
 عندما يكون العائد الاستثماري للصناديق الاستثمارية اعلى من سعر فائدة القروض لاقامة المشاريع التنموية، فإن السبيل الافضل الاقتراض، خصوصاً وان الكويت اتجهت للاقتراض في وقت يعتبر وقت تألق مالي واستثماري وتشترط على المقرضين سعر الفائدة التي يتماشى معها، في حين ان تأخرت عن ذلك سيكون المقرض هو صاحب اليد العليا ويفرض سعر فائدته.