رأي قلمي

المثالية المزيفة...!

1 يناير 1970 01:47 ص

تساؤلات تجول في فكرنا وتشغلنا، وغالباً ما تعكر وتكدر هذه التساؤلات صفو أذهاننا وتجعلنا نفكر بشراسة وعمق، لنجد جواباً على ما يدور بأذهاننا، أو ما يُسكن بركان وزلزال التساؤلات التي تفور بداخل عقولنا.
ومن هذه التساؤلات التي تراود الكثير منّا بشكل مستمر: لماذا تحديث الفكر أو تجديد العقل يفقدنا هويتنا؟ يفقدنا هويتنا التي تمثل ذواتنا، فكيف بشخص ما يفقد ذاته، أي يصبح بلا شخصية، أي بلا فكر ومعرفة وبلا مشاعر بل وبلا سلوك، أي يصبح من الأحياء الأموات. هل لأن المجتمع  أصبح يعيش من دون مقاييس؟ أي من دون قواعد منظمة ومقبولة سواء كانت هذه المعايير روحية أو عقلية أو مادية. هل للفهم الخاطئ للتحضر والمدنية؟ هل لقولبة المدنية بقوالب لا تشكلها؟ لأن المدنية هي ثمرة وعائد الثقافة، وهي ثمرة تطور تاريخي طويل تترسخ فيه القيم الاجتماعية وتتبلور فيه التوازنات الروحية والمادية وتستقر فيه الأوضاع الاجتماعية.
هل للنظرة السقيمة المتحيزة لما استقيناه من مبادئ وقيم وقواعد إنسانية مشتركة من الشريعة والملة؟ هل لأننا أضعنا البوصلة الربانية التي ترشدنا إلى الوسيلة الصائبة لتقييم وتقويم بما نُحدّث به أفكارنا ونجدد به عقولنا؟ هل لتناقض أفكارنا وعقولنا وإجحافنا ذواتنا وتعالينا على الفكر المستقاة من المنهج القويم المستقيم، هل لتخبطنا باختيار العلم الملائم لمستوى أفهامنا وإدراك عقولنا؟ ليتم التحديث والتجديد بالهيئة المثلى التي لا تتعارض مع هويتنا وذواتنا ولا تتعارض مع مطلب المعاصرة أو الحداثة، وبما يتناسب مع معطيات العصر من دون أن تتصادم مع ثوابت وأصول الدين؟
هل لأننا لا نملك الأهلية والاستطاعة على تقييم وتنقيح المواد العلمية التي تغذي عقولنا؟ هل لأننا نستقي أفكارنا من العلوم التي لا تستند على حقائق مدركة بل على خبرات من صنعها وأنتجها؟ وغالبا ما تكون خبرات مستقاة من أحداث ومواقف ليس لها قواعد وأصول تنطلق منها. هل لأن المفاهيم اختلطت داخل الذهن ففقدنا التمييز في ما بينها وسقنا أنفسنا وغيرنا إلى هاوية الردى بالتخلي عن هويتنا التي تمثل ذواتنا؟ هل لأننا تعرضنا لغزو فكري وثقافي خارجي من دون أن نحصن ونقي أنفسنا من دائه وسقمه؟ هل للانحلال الدائم من الأطر الاجتماعية؟ هل للتحرر من منهاج العادات والتقاليد السائدة في المجتمع؟ هل لأننا ننشد المثالية المزيفة في تطوير وتنمية أفكارنا؟ هل لنشوء الجماعات والأحزاب والطوائف المتعددة الأفكار والمختلفة التوجهات؟ هل لتعارض وتصادم خطاب الهوية بخطاب الحداثة؟ هل لتصاعد مطالب الحداثة مع تقدم التحديث وما يحمله من تفتيت للعلاقات المدنية؟
وفي الختام... هل شرط عندما نغذي عقولنا بالفكر والمعرفة لنرتقي ونساير مطالب الحداثة بما يتوافق ويتواءم مع قناعاتنا ومبادئنا وخبراتنا التي استقيناها من ثوابت وأصول الدين، ونجدد أفكارنا ونصنع وننتج مفاهيمنا ورؤانا، أن ننسلخ ونتنازل ونتجرد من هويتنا التي تمثل ذواتنا؟

[email protected]
mona_alwohaib@