المؤسسة المارونية للانتشار تسعى لاستعادة ملايين اللبنانيين حول العالم جنسية البلد الأم

العميل وبستاني لـ «الراي»: الكويت من أكثر دول العالم احتراماً للمسيحيين

1 يناير 1970 04:51 ص



أصبحت الاحتفالات بعيد مار مارون في الكويت تقليداً سنوياً منذ عشرات السنين. وكل عام يشهد عيد شفيع الطائفة المارونية، والذي يصادف في التاسع من فبراير، حضورا شعبياً وحماسياً أكبر، في بلد يعد من أكثر الدول في العالم احتراماً للمسيحيين ولشعائرهم الدينية.
وفي هذا الإطار، التقت «الراي» مديرة المؤسسة المارونية للانتشار هيام بستاني وعضو المجلس التنفيذي لمجلس أمناء المؤسسة حسان العميل، تناول مسألة انتشار الجاليات اللبنانية حول العالم وخصوصا في دول الخليج، إضافة إلى مسألة استعادة المنتشرين اللبنانيين لجنسيتهم الأم، حيث يعدون بالملايين، وهو الهدف الرئيس أو الجوهري للمؤسسة المارونية للانتشار التي أسّسها البطريرك السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، تحت رعاية الكنيسة، وهي تعنى خصوصاً بجمع شمل اللبنانيين عموماً والموارنة خصوصاً في دنيا الاغتراب وحثهم على استعادة جنسيتهم، وتنظيم لقاءات داخل لبنان وخارجه.
وفي ما يأتي نص الحوار:

? ما هي دلالات زيارتكم للكويت في هذا التوقيت؟ وما هو سر الحرص المسيحي والماروني خصوصاً على حضور وازن لاحتفالات عيد مار مارون في الكويت؟
- العميل: نحن نحرص على التواجد دائماً في الدولة التي تحتضن جاليات مسيحية ومارونية كبيرة. كما أن المؤسسات التي تهتم بالمنتشرين في الخارج والمغتربين تكون دائماً حاضرة في مثل هذه المناسبات من أجل توطيد عرى التواصل وتوثيقه.
? ما هي الرسالة التي تقدمها الكويت في احتضانها للمسيحيين وحقهم في ممارسة شعائرهم بحرية في زمن وُضعت قيم التسامح على المحك في ظل ظواهر استخدمت الدين زوراً لتغذية روح التطرف في مواجهة الاعتدال؟
 - العميل: منذ 25 سنة وزيارتي لم تنقطع للكويت، ولم أشعر يوما بأنني في بلد غريب. وأيام الجمعة عندما أتوجه إلى الكنيسة للصلاة أرى رجال الشرطة في الخارج ينظمون السير ويؤمنون أجواء مريحة ومساعدة للمصلين لتأدية شعائرهم الدينية بسلام وطمأنينة. وبرأيي ان دول الخليج هي من أكثر الدول في العالم احتراما للمسيحيين. والكويت من اوائل الدول في الخليج التي اعطت تصاريح للكنائس وللمطرانيات، وسمحت بممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، حتى أن ممثل البابا كان دائما يقيم في الكويت وما زال.
? هل لديكم انطباع بأن المنتشرين فقدوا الثقة بوطنهم الأم؟
- بستاني: أحيانا نشعر بأننا نسير عكس التيار، ففي حين نطلب من المنتشر أن يسترجع جنسيته، نجد أن الكثير من اللبنانيين يقفون على أبواب سفارات طلبا للهجرة والحصول على جنسية أخرى. لكن ما لاحظناه أخيراً أبان الأزمة الراهنة في فنزويلا، ان اللبنانيين الذين تضرروا جراء الأزمات التي تضرب البلد الأميركي الجنوبي، خصوصا الاقتصادية، فضلوا التوجه إلى لبنان وليس إلى الولايات المتحدة القريبة، رغم أنهم يحملون الجنسية الاميركية.
وأود أن ألفت الانتباه، من ناحية ثانية، إلى أن إعادة الجنسية للمنتشر تتم من دون ان يتكلف ولو دولارا واحدا، ونحن نتحمل كل التكاليف.
? لو اردتم تقديم قراءة للأرقام التي سجلت من المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية (نحو 90 الفاً)، هل هو رقم يدعو إلى التفاؤل أم أنه قليل قياسياً إلى حجم المنتشرين؟
- بستاني: يمكن القول بأنه رقم قليل، لكن اللبناني المنتشر ليس لديه حتى الآن ثقة تامة بالدولة اللبنانية ولم ير توجهاً ايجابياً منها، سوى هذه المؤتمرات واللقاءات التي تعقد في الخارج. وهذا يعد الاختبار الاول من المغترب للدولة اللبنانية... لكن في هذه المرحلة أنا أشعر بتفاؤل كبير من الدولة، ويعد مشروع الانتشار حاليا مشروعاً وطنياً ولم يعد مشروعاً مؤسساتياً، بل مشروع دولة.
? هل تملكون إحصاءات عن عدد اللبنانيين من حملة الجنسيات المنتشرين حول العالم؟
- بستاني: نقدر العدد بما بين 8 و10 ملايين شخص. لكن هذا الوجود فعال، إن كان على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الرياضي.
? ترتكز مهمة المؤسسة المارونية للانتشار على تعزيز الابقاء على أواصر العلاقة بين المنتشرين ووطنهم، وتشجيعهم على زيارة لبنان والاستثمار فيه... ماذا حققتم على هذا الصعيد وما هي الصعوبات التي واجهتكم؟
- بستاني: الصعوبات كبيرة لأن الهجرة قديمة جداً. من هاجر وانتشر في مختلف أنحاء العالم لقي اهمالاً من الدولة لفترة طويلة إضافة إلى الصعوبات اللوجستية، لصعوبة التواصل، كما أن الغالبية الساحقة اندمجت في المجتمعات التي هاجرت إليها. نحن لا نحبذ استخدام كلمة هجرة ونفضل تسميتها بكلمة انتشار. ومن خلال زياراتنا للعديد من الدول، كوفد مستقل أو برفقة غبطة البطريرك أو وزير الخارجية والمغتربين الذي يقيم مؤتمرات في كل دول الانتشار، نجد الحنين الكبير إلى الوطن الأم. وقد لاحظنا، لو ان الدولة أو المجتمع اللبناني مد يده للانتشار، فانه في المقابل مستعد لتسلم الرسالة وتقبلها والتواصل مجددا، لانه كان يشعر بأنه مستبعد.
ودور المؤسسة أنها فتحت العديد من المكاتب في الخارج. كما أن تمويل مكاتب الانتشار يأتي من العديد من الأشخاص اللبنانيين من أمثال السيد حسان العميل، والرئيس الفخري الوزير السابق ميشال أده والسيد نعمة افرام، الرئيس العملاني. وبالطبع لم ولن نطلب أي شيء من المنتشر... وهدف المؤسسة ورسالتها، خدمة المنتشر ومساعدته واستعادة جنسيته وتسجيل الوقوعات الشخصية.
كما أن المؤسسة نسقت مع كل الفعاليات والمسؤولين اللبنانيين، من أجل إصدار قانون يعطي الحق للمنتشر، والمتحدر من المنتشر القديم، من أجل استعادة جنسيته إذا كانت لديه أصول في السجلات اللبنانية. وقد صدر القانون في العام 2015 ونحن حاليا في طور تطبيقه.
وأشدد على أن طموحنا هو تسجيل مئات الآلاف وحتى الملايين في الخارج، انطلاقاً من عشرات الآلاف الذين تم تسجيلهم حتى الان.
? عنوان مؤسستكم ماروني... كيف يمكن التوفيق بين هذا العنوان وبين تكريس الفاتيكان لبنان «بلد الرسالة»؟ وهل يتناقض مع وظيفة لبنان كمختبر للتعايش؟
- بستاني: البابا سمّى لبنان «بلد الرسالة»، وليس مهما من يوصلها، الماروني او الكاثوليكي أو الأرثوذكسي أو السني او الشيعي او الدرزي، لكن المهم ان تصل. وأخذنا على عاتقنا ان نوصل جزءا منها... ونحن لسنا محصورين بايصال رسالة خاصة بالمؤسسة او الطائفة المارونية، لبنان كله رسالة... وهناك مؤسسات إسلامية توصل الرسالة، فالعيش المشترك هو أول رسالة.
والبطريرك الراعي عنده شعار جميل جداً وهو «الشراكة». واليوم جميع رجال الدين في لبنان لديهم هذا الشعار، وليس هناك أحد يرغب بأن يهتز لبنان.
- العميل: مشكلة المسيحيين وتحديداً الموارنة أنه عندما ينتشر المسيحي يذوب في المجتمعات الاوروبية والاميركية، وقد أخذنا على عاتقنا في تقوية الوجود المسيحي في لبنان، ليظل لبنان بلد الرسالة والعيش المشترك. ولغبطة البطريرك كلمة مأثورة خلال زياراته للخارج حيث يخاطب اللبنانيين قائلاً «اسماؤكم تبهر العالم لكنها ليست موجودة في السجلات اللبنانية وهذا شيء يحز في أنفسنا».
? هل يتحقق حلمكم بأن تكون هناك طوابير تريد الحصول على الجنسية اللبنانية؟
- بستاني: قضية الجنسية تحتاج الى نفس... وفي حين يجد المنتشر صعوبات في تحضير المستندات التي تطلب منه، فان الدولة تطوّر قوانينها، وقد كان لدينا اجتماع الأسبوع الماضي مع وزارة الداخلية ووعدونا بالغاء اكثر من بند من البنود التي يجبر فيها صاحب العلاقة على إحضارها، فالتسهيل من المؤكد انه سيشجع المنتشر على الحصول على الجنسية. وأما مسألة «الطوابير وبالآلاف»، فإننا نرحب بهم ونقبلهم ونطالبهم بالتسجيل حتى لو لم يأتوا إلى لبنان، ولكن إن انزلوا افضل.
 لبنان ليس بضاعة فاسدة نبيعها ولكنه بلد لديه 6 الاف سنة حضارة، والشعب اللبناني يتواجد في أي مكان في العالم. وعندما نتحدث عن لبنان نتحدث عن قيمة كبيرة... بلد مرّ فيه السيد المسيح. وفي مايو 2016 كُرست بلدة مغدوشة الجنوبية، «ضيعة العذراء» عالمياً، واللبناني عنده كل المقومات ليفتخر بوطنه.
 - العميل: إذا تأملت في مسألة، لماذا اللبناني او غير اللبناني يلجاً الى بلد آخر للحصول على جنسيته، تجد أن هناك مقومات تشجعه على ان يحمل جنسية أخرى... وعندما تصبح دولتنا دولة المؤسسات ستصبح الناس طوابير للحصول على الجنسية اللبنانية.
? من خلال افتتاح الاكاديمية المارونية 2013 ما هي الاهداف التي تحققت من وراء ذلك؟
- بستاني: المرسوم صدر في 2008 وبدأنا على الأرض عملياً العام 2013، ولدينا 17 مكتباً في الخارج. ودور المؤسسة تشجيع المنتشر على إعادة جنسيته اللبنانية ومن ثم يأتي بعد ذلك دور وزارة الخارجية، حيث هناك أجيال صاعدة لا تعرف شيئاً عن لبنان.
وقد فكر أعضاء مجلس الأمناء بخلق أكاديمية شبابية تكون أعمار أعضائها ما بين العشرين والثلاثين، من خلال إعطائهم دروسا عبر الإنترنت عن تاريخ لبنان وتاريخ الكنيسة المارونية والحضارة اللبنانية بكل اوجهها، ونحن الآن بصدد إظهار النتائج، حيث سيأتي الناجحون الى لبنان لمدة 15 يوما يتلقون خلالها دورات تثقفية حول الدستور اللبناني، وبعض الدروس باللغة العربية واجراء لقاء مع غبطة البطريرك، والقيام بزيارات لرئيس الجمهورية، ولبعض الفعاليات السياسية التي تجعلهم يتعلقون بتاريخ لبنان، فضلا عن زيارة كثير من الأماكن ليكونوا عند عودتهم الى الخارج بمثابة سفراء لنا، حيث يقيمون ويعملون.