ألوان

علي المفيدي

1 يناير 1970 01:31 م

فرحت كثيراً باحتفاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالفنان الراحل علي المفيدي- ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته الأخيرة- وكم تمنيت لو تم هذا الاحتفاء وهو على قيد الحياة.
لم يكن المفيدي اسما عاديا في تاريخ الحركة الفنية في الكويت، بل كان نجما ساطعا بين بقية النجوم في سماء الفن الكويتي، وله دور بارز في تأصيل الحركة الفنية هو وأبناء جيله الذين يمثلون العصر الذهبي للفن الكويتي.
لست ناقدا لكنني كمتابع أستطيع التأكيد انه استطاع ان يجد لنفسه مساحة من النجومية رغم شدة التنافس بين الكثير من المبدعين من الفنانين.
ويعتبر الفنان المفيدي أحد اعمدة الفن الكويتي، وكان قد انضم إلى فرقة مسرح الخليج العربي وقتها كان هناك مخرج مبدع اسمه صقر الرشود، وكان انضم الى مجموعة الشباب الموهوب مع الفنان زكي طليمات الذي احضرته دولة الكويت للعمل على تطوير الحركة المسرحية، فانضم مع مجموعة كانت هي تمثل العصر الذهبي للفن الكويتي أمثال عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وخالد النفيسي وغانم الصالح واخرين.
وعبر اكثر من خمسة عقود من الزمن، شارك المفيدي في سلسلة من الاعمال الفنية سواء على مستوى المسرح او الدراما التلفزيونية او الدراما الاذاعية.
ولا اريد استعراض الاعمال التي شارك بها، ولكن هناك بعض الاعمال التي تمثل علامات فارقة في مسيرة هذا الفنان الذي كان مصدر بسمة لنا جميعا عبر أجيال عدة، ابتداء بدور قحطة في مسلسل «درب الزلق»، مرورا بدور حنظل بمسلسل «خالتي قماشة»، وانتهاء بعمله في الاذاعة وفي برنامج نجوم القمة ونافذة على التاريخ الى ان اطلق عليه لقب «ملك المايك».
ورغم ان الفنان المفيدي كان يؤدي الكثير من ادوار الشر، الا انه كان محبوبا من قبل الجمهور سواء في الكويت او في منطقة الخليج العربي، بل انه كلما كان دوره به كمية كبيرة من الشر كانت المحبة التي يحظى بها من قبل الجمهور أكبر مثله مثل الفنان محمود المليجي. وكل من عرف المفيدي عن قرب يعرف انه كان انسانا بسيطا دمث الخلق طيب القلب عكس ما كان يظهر فيه في اعماله الفنية التي كان يشارك بها.
وهنا اتمنى من وزارة الاعلام بالتعاون مع فرقة مسرح الخليج العربي ان تقوم بانتاج برنامج وثائقي عن هذا الفنان الكبير الذي اعطى الكثير، ويمكن الاستعانة بهذا اللقاء ببعض زملائه الفنانين والنقاد من الصحافيين وفي مقدمتهم الاعلامي محبوب العبدالله، فهو ناقد من الدرجة الاولى، كما انه عرف الفنان المفيدي في فرقة مسرح الخليج العربي مع صقر الرشود واخرين. وهناك ارشيف كبير عند الاعلامي صالح الغريب يمكن الاستفادة منه اضافة الى ابنائه خاصة ممن اتجه للمجال الفني امثال المخرج حسين المفيدي وبقية ابنائه.
وقد سبق وان تم تكريم الفنان المفيدي اثناء حياته، الا ان التكريم الحقيقي يكمن في حب الجمهور له وفي الاشادة الكبيرة في ادائه كممثل وفي حضوره المميز، وهذا هو المكسب الحقيقي لاي فنان اصيل يدرك الرسالة التي يقوم بتأديتها تجاه مجتمعه الذي فيه الكثير من الامور التي تستحق ان تناقش فنيا عبر الاعمال الفنية.
نعم رحل الفنان المفيدي منذ سنوات، ولكنه باق في اعماقنا وفي احساسنا وفي ذاكرة الفن الكويتي مثله مثل الايقونات الكويتية المبدعة في الفن والثقافة.
ان الحضور الجماهيري للمعرض والتغطية الاعلامية تعكس مكانة هذا الفنان في المجتمع الكويتي إلا انني اتمنى ان يتم اطلاق اسمه على احد الشوارع في الكويت وعلى استوديو باذاعة الكويت فهو يستحق اكثر من ذلك.

* كاتب وفنان تشكيلي كويتي