يعقوب العوضي / الأمر الواقع

1 يناير 1970 06:56 ص
ما يحدث على الساحة السياسية اليوم هو نتيجة حتمية لسياسات حكومية سابقة خلقت هذه الأزمة التي نعيشها اليوم والأزمات التي حدثت قبلها، وقد عرقلت هذه الأزمات المسيرة البنائية في البلاد، وسوف تستمر هذه الاحداث والعراقيل الى ما لا نهاية طالما ان الحكومة الرشيدة تسير على المنوال نفسه الذي سارت عليه منذ اعوام طويلة مضت، دون ان يطرأ اي حدث على تغيير مسارها ظنا منها ان ما تسير عليه هو الطريق السليم الذي يؤدي إلى بر الأمان، ولكن ما حدث يدل على ان الحكومة لم تكن ترسم خطواتها إلى ابعد من نظرها، وهذا ما ترتب عليه اليوم وما يحصل في البلاد من فوضى عارمة يقودها البعض بهدف تحقيق مصالحة الذاتية، وكل هذه الامور سببها الاساسي هو الضعف الذي اصاب نظام الحكم في البلاد اليوم، وعملية إلقاء اللوم على الدستور هو القاء العاجز الذي لا يجد مبررا لتسويغه غير هذا الطرح، والطريق الصحيح في اعتقادنا الشخصي هو عودة القوة لنظام الحكم المفترض فيه العمل على ازاحة من رآهم من ابناء الاسرة المعرقلين لمسيرة الحياة الديموقراطية في البلاد استنادا إلى مضمون الدستور، والبناء في البلاد، وهذا الامر ليس بمستغرب على حكام الكويت عندما يرون من ابنائهم من يعرقل مسيرة التطور والعمل في البلاد، ويضعون العصي في طريق التنمية والاعمار والبناء.
ماقام به الشيخ عبدالله السالم الصباح حاكم الكويت الاسبق طيب الله ثراه واسكنه فسيح جناته باتخاذه القرار المناسب عندما رأى ان هناك عددا من ابناء الاسرة الحاكمة الذين يقفون حجر عثرة في طريق مسيرة الحياة الهادئة وتعكيرها، وما تسببه من تشتيت للوحدة الوطنية في البلاد، من ابعاد من رآهم من المعرقلين للمسيرة الطيبة حتى بالنسبة لأقرب المقربين اليه، فلم تهمه القرابة الاسرية رغم قوة الرابطة التي كانت تربطه فيمن ابعدهم عن البلاد على الرغم من الايام ولم تكن عائقا له في اتخاذ قراره الشجاع، وذلك حفاظا على الوحدة الوطنية والانقسام بين افراد المجتمع الذي رأى في وحدته الاساس الذي تقوم عليه المجتمعات والذي يسعى اليه نظام الحكم في البلاد لتطبيقه على المواطنين كافة فيه، والخطوط الحمراء التي يتحدث بها البعض عن الدستور هي «كلمة حق يراد بها باطل» كما قالها امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، عندما جاءه الخوارج مطالبين بقولهم «لا حكم إلا لله» وما يقوله هؤلاء اليوم لا يختلف عما قاله الخوارج في سالف الزمان، والحمراء من الخطوط التي يدعيها هؤلاء النفر لا تحتاج إلى من يوضحها للشعب الكويتي فهي معروفة لديه وليس باسلوبهم الغوغائي العقيم، وهذه الخطوط التي يتقولن بها لا تعني ان تكون عائقا امام صاحب السمو امير البلاد حفظه الله في ان يتخذ القرار الصائب لمصلحة البلاد والعباد وليس لمصلحة البعض الذين يطالبون بعدم الاختراق الذي يتسببون في اختراقه، فمصالحهم الذاتية اصبحت هي الاساس في استمرار الوضع المتأزم الذي تعيشه البلاد منذ مدة طويلة من الزمن، فالفوضى العارمة اصبحت جزءا من الثقافة السياسية في البلاد والتي يحاولون فرضها على الدولة، والدق عليها لغرض ان تكون هي المسمار في الحياة العامة بالبلاد حيث لا تستطيع إلا ان تكون جزءا منها لتحقيق تلك المصالح، فوجود الدستور صار بالنسبة لهم المظلة الوقائية لمصالحهم، رغم ان ما يدعونه ليس في صالح الشعب بشيء، ولا بالأهداف التنموية التي تحاول الحكومة ان تقوم بها، فالاستجوابات امست عندهم السلاح الذي يلوحون به امام وجه الحكومة، وقد ظهرت على حقيقتها وتفاهتها وسوئها عندما تقدم بها المستجوبون باستجوابهم لسمو رئيس مجلس الوزراء الموقر في قضية الفالي وقد برز للكافة أن البهرجة الاعلامية، هي جزء من الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه هؤلاء المستجوبون بعد اتضاح طبيعة وكنه الاستجواب الرديء الذي قدمه هؤلاء النفر لسمو رئيس مجلس الوزراء الموقر، مدعين دفاعهم عن مصالح الشعب وهم في خفاياهم ليسوا بأكثر من افراد تحركهم اهواء، ومصالح، وذمم، واهداف بعيدة جدا عن منافع الشعب الكويتي، وقد برزت الشخصانية في هذا الاستجواب الكريه، وحيث ان الصورة قد باتت واضحة امام الشعب الكويتي الذي يجب عليه ان يتخذ الخطوة اللازمة للحفاظ على مكاسبه الدستورية، وما حققه له الاباء والاجداد منذ مئات الاعوام كما لا يجب ان تهدر هذه المكاسب على ايدي حفنة من المستفيدين من اثارة النعرات الطائفية في البلاد، وتمزيق وحدة الشعب والقضاء على ترابطه الذي ظهر جليا خلال الغزو العراقي الغاشم على البلاد، فالشعب الكويتي قد مل واستفرغ هذه الاثارات المشينة له والمسيئة في حقه بعد ان اضاع هؤلاء النفر كثيرا من الوقت في كلام فارغ لاقيمة له ولا مردود، فالشعوب المجاورة تبني وترتقي، والبعض منا هنا يهدم ويؤخر البناء والعمار، والحاجة اصبحت ملحة لوقفة مع النفس وتطهيرها من الفساد الشامل الذي عشش في عقول المستفيدين منه الذي يسود البلاد اليوم بسببهم.
يعقوب العوضي
كاتب كويتي
[email protected]