«قطوعٌ خَطِر» مرّ على «الحدَث» والخَطَر الإسرائيلي اقتحم المَشْهد
تَداخَلَ عامِلان، محلّي وخارجي، ليفْرضا وقْف «اللعب بالنار» الذي عاشه لبنان على مدى أربعة أيام منذ تسريب كلامٍ لرئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل يصف فيه رئيس البرلمان نبيه بري بـ «البلطجي» ويتوعّد بـ «تكسير رأسه»، الأمر الذي فجّر تحركات احتجاجية على الأرض من مناصري حركة «أمل» (يتزعّمها بري) واكبها سياسياً سقف عالٍ بلغ حدّ المطالبة باستقالة صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أو اعتذاره العلني عن «الخطأ الكبير».
فمن الحدَث «المخيف» في محلّة الحدَث (المسيحية) على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى «البلوك رقم 9» من المياه البحرية اللبنانية الذي جاهرتْ إسرائيل بأنها «تَضَع العيْن» عليه ما ينذر بتحويل هذه الرقعة التي تتهيأ لمرحلة التنقيب عن الغاز والنفط «حقل ألغام»، بدتْ البلاد مكشوفةً على خطرِ انفلات الأزمة السياسية «التراكمية» بين رئيسيْ الجمهورية والبرلمان إلى فوضى فتْنوية في الشارع قد تَخْرج عن السيطرة في لحظة اشتداد الخطر الخارجي وتحديداً مع قرْعٍ تَصاعُدي لطبول الحرب من المقلب الإسرائيلي على خلفية زعْم أن لبنان يتحوّل «مصنع صواريخ إيرانية».
وغداة الليلة «الصعبة» التي عاشتْها منطقة الحَدث بعد ما يشبه عملية «إنزال» بالدراجات النارية وبعض السيارات قام بها مناصرو «أمل» وتخلّلها إطلاق نار في الهواء قابَله «استنفار» من مناصري «التيار الوطني الحر» والأهالي لم يخْلُ من بعض المظاهر المسلّحة قبل أن يتدخّل الجيش اللبناني لضبْط الوضع وسط «نزول» على الأرض لنواب من «التيار» و«اشتعال» الخط الساخن بين المقار، ظهر جلياً أن الجميع استشعروا بمخاطر ترْك الأزمة الرئاسية التي جاءت «زلّة» باسيل على خلفيّتها، تتفاعل خارج المؤسسات وصولاً إلى الشارع الذي شهد «بروفة» لفتنةٍ مسيحية - إسلاميّة طوتْها الحرب الأهلية والتفاهمات العابرة للطوائف التي أُبرمت منذ العام 2005. علماً أن «أحداث الحدَث» رافقتْها تحذيراتٌ من «بوسطة عين الرمانة» (الحادثة التي شكلت شرارة إشعال حرب 1975) جديدة يمكن أن «تكمن» للواقع اللبناني في غفلة من «حربٍ سياسية» تطلّ على الانتخابات النيابية وحساباتِ «التجييش» لها، كما على معركة صلاحياتٍ رئاسية، على تخوم نظام الطائف، تتصل في أحد جوانبها بكيفية إدارة الحُكم، كما بمرحلة ما بعد انتخابات 6 مايو وتوازناتها في الحكومة ومَن يُمسِك بوزاراتٍ يراد تحويلها «ميثاقية» (مثل المال)، وأيضاً برئاسة برلمان 2018.
وتحت وطأة «حبْس الأنفاس» الذي ساد لبنان مع صور «انفلاش» الاحتجاجات على كلام رئيس «التيار الحر» ورفْضه الاعتذار العلني وذلك من «خلف ظهْر» الاعتذار الذي كان قدّمه بري نهاراً على ما رافق تحركات حصلتْ الاثنين والثلاثاء الماضيين وتخللها بلوغ المقرّ العام لـ «التيار» شرق بيروت، سُجّلت 3 تطورات بارزة:
* الأول تمثل بالاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس عون بالرئيس بري، بعد ظهر أمس، وجرى خلاله التداول في آخر المستجدات، وموضوع الإعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على ?لبنان?.
وأفادت رئاسة الجمهورية، في بيان، بأن عون اتفق مع بري على «عقد اجتماع يوم الثلاثاء المقبل لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة ?التهديدات الاسرائيلية? المتكررة وبحث الأوضاع العامة في البلاد».
وأضافت انّ «عون قال لبري إنّ التحديات الماثلة أمامنا تتطلّب منّا طي صفحة ما جرى مؤخّراً والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان».
ويعد الاتصال بين عون وبري، خرقاً إيجابياً كبيراً على مستوى الأزمة القائمة بينهما منذ أسابيع، وجاء عقب زيارة قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري إلى قصر بعبدا، وأعلن على اثرها ان الاجواء بين رئيسي الجمهورية والبرلمان «ستكون إيجابية»، وأن كرامة بري من كرامته وكرامة عون وكرامة الشعب اللبناني.
* الثاني دعوة «أمل»، التي كانت اكتفتْ قبل ما شهدته «الحدَث» وبعده بتأكيد أن لا علاقة (تنظيمية) للحركة بهذه التحرّكات، «كل الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظّم من خلال مسيرات سيارة أدت الى بعض الاشكالات التي لا تعكس صورة وموقف الحركة، الى أن يتوقفوا عن أي تحرك في الشارع لقطع الطريق عمن يريد حرف النظر عن الموضوع الاساسي وضرب علاقات اللبنانيين مع بعضهم»، طالبةً «من جميع الحركيين على اختلاف مستوياتهم المساعدة على تطبيق هذا الأمر». علماً انه لم يُفهم بشكل حاسم إذا كان المقصود بالبيان كل التحركات على أنواعها وحتى التي تحصل في شكل منظّم وفي مواقع محدّدة وبلا أي مواكب سيارة.
* دخول «حزب الله» على خط احتواء أزمة كلام باسيل وردود الفعل الميدانية عليها، عبر اتصالاتٍ أجراها بكل من «التيار الحر» و«أمل»، في أوّل تحرك له على هذا الصعيد منذ أن انفجرتْ المشكلة التي وقف فيها الحزب بشكل حازم ولا لبس فيه مع شريكه في الثنائية الشيعية، الرئيس بري.
وقد عبّر «التيار الحر» بوضوح عن دور الحزب بالعمل على ضبط الشارع، إذ أثنتْ هيئة قضاء بعبدا فيه «على الموقف الذي أطلقه صباحا (أمس) حزب الله، في اتصالاته مع حركة (أمل) لضبط الشارع ومنْع المناصرين من الاشتراك في اي حراك من هذا النوع»، معلنة انها «ترحب بهذه المبادرة وتلاقيها بالمثل في كل ما من شأنه تمتين العلاقات أكثر وأكثر والحفاظ على السلم الأهلي والمصلحة الوطنية العليا»، وهو ما تُرجم مساء بوقفة تضامنية في محلة الحدَث شارك فيها النائب علي بزي (من كتلة بري) ونائب «حزب الله» علي عمار.
ولم يكن ممكناً فصْل «اندفاعة» «حزب الله» عن «مناخ الحرب» الذي أطلّ عبر التهديدات الاسرائيلية والتقارير الإعلامية المتدحرجة في صحف عبرية وغربية حول «الحرب الحتمية» على لبنان، وسط تأكيد أوساط مطلعة ان الحزب يحتاج في المرحلة المقبلة إلى الحفاظ على «الغطاء الشرعي» الذي يوفّره له رئيس الجمهورية وإلى حكومة عامِلة يمكنها مخاطبة المجتمع الدولي حيال ممارسات تل أبيب، وهو ما يجعله يدفع في اتجاه محاولة المواءمة بين عدم المساس بالشراكة الثابتة مع «أمل» والتي ستُترجم في الانتخابات المقبلة وبين الحؤول دون تحوّل صراع حليفيْه (عون وبري) عاملاً يضع الاستقرار في خطر في لحظة بالغة الدقة في المنطقة.
وتبعاً لذلك، وفيما شخصتْ الأنظار ابتداء من أمس على مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي يُفتتح اليوم في ابيدجان بحضور باسيل الذي طلب من سلطات ساحل العاج اتخاذ ما يَلزم من إجراءات أمنية وسط خشية من مفاجآت سلبية تطلّ من مناخ الغضب الذي كان عبّر عن نفسه بين صفوف الجالية اللبنانية وتحديداً المؤيدة لبري التي ستقاطع المؤتمر وكانت أعلنت ان وزير الخارجية غير مرحّب به، يسود انطباع بأن «منازلة الرئاستيْن» و«معركة الاعتذار» ستتجه إلى فصول جديدة وهذه المرة على طاولة مجلس الوزراء (كما البرلمان) الذي لوّح نواب من كتلة بري بأنه سيكون «ساحة الردّ»، وهو ما فُهم منه نية في التشدد وتصفية الحساب مع فريق عون في ملفاتٍ حيوية، وذلك بعدما أُقفل الباب أمام أي استقالات «ممنوعة».
«تيار المستقبل»: لن نتحالف مع المتَّهَمين بقتْل رفيق الحريري
| بيروت - «الراي» |
أكد الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري «اننا لن نتحالف في الانتخابات النيابية المقبلة مع (حزب الله)، هذا أمر محسوم».
وقال الحريري «إن (تيار المستقبل) لن يتحالف مع المتهَم باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولن يتحالف مع المتهم بقتل وتشريد الشعب السوري. ولن نتحالف مع من غزا بيروت في 7 مايو 2008، بل سيرد عليه ويثبت أن 7 مايو 2018 سيكون يوماً مجيداً لعروبة بيروت واعتدالها وللناس المخلصين فيها، ولن يكون بعد اليوم يوماً مجيداً للناس التي عاثت فساداً في بيروت وقتلت أهلها وشردتهم. والبعض يقولون إنهم أذلّوا أهل بيروت، لا هم من أُذلوا. نحن لا نُذل، ورأس اهالي بيروت سيبقى مرفوعاً لأنهم لا يركعون الا لربنا سبحانه وتعالى».
إخبارٌ قضائي بحق باسيل
| بيروت - «الراي» |
تقدّم المحامي هاني الأحمدية بإخبارٍ للنيابة العامة التمييزية ضد الوزير جبران باسيل «بجرم إطلاق التصريحات التي تمسّ بالسلم الأهلي وتثير النعرات الطائفية والعنصرية وتحرّض على الانقسام بين عناصر الأمة» كما «ضدّ مفتعلي الشغب وقطع الطرق وحمْل السلاح».