«الرحمة»، برغم أنها تتميز بعمق فلسفي إلا أنها تجسدت على خشبة مسرح الدسمة، محققةً للجمهور متعة وإبهاراً لافتين!
فضمن أنشطة الدورة الـ 24 من مهرجان القرين الثقافي الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي تتواصل فعالياته حتى التاسع والعشرين من يناير الجاري، عرضت فرقة المسرح الكويتي، أول من أمس، مسرحية «الرحمة»، التي سبق أن فازت بالجائزة الكبرى في مهرجان الكويت المسرحي الـ 18، ونالت إعجاب الجمهور والنقاد، بما تتضمنه من أفكار ومضامين ذات طابع فلسفي، لكنها صيغت بإبداع فني باهر.
ووسط حضور جماهيري تقدمه عدد كبير من الشخصيات المعروفة من مختلف المجالات... عُرضت «الرحمة» على خشبة مسرح الدسمة، وهي من تأليف عبدالأمير شمخي وإخراج مبارك المزعل وتمثيل سماح وعلي الحسيني وسعود بوعبيد وإبراهيم الشيخلي ومهدي القصاب، والسينوغرافيا لفيصل العبيد.
ومن خلال صراع حاد... استمتع الجمهور بعرض فلسفي نعيشه في وطننا العربي وكذلك معركة غير متكافئة بين رجل وذاكرته... أناني يحاول العيش في سكينة - جسّد شخصيته الفنان علي الحسيني - لكنه لا يعرف كيف يواجه الدنيا، وهو هارب دائماً من واقعه، ومحب للسلام، لكنه لا يعرف طريقاً للسعادة، وليست لديه قدرة على مواجهة الدنيا، فوقع في أسر السُّكْر... مع أن عقله ظل أفضل من الأصحاء، وحين فقد زوجته (التي قدمت شخصيتها الفنانة سماح)، سقط في صراع بين ما دار في حياته وظلاله، كما جسدت سماح دور ابنته التي ماتت في أحشاء والدتها، (قبل ان تولد)، ويقع الرجل أمام هذه الضغوط وصراعه معها في فخ الخيال، ومن ثم تمر عليه شخصيات عديدة كالظل تحاسبه ويحاسبها.
السينوغرافيا التي قدمها فيصل العبيد بكل إتقان كانت أبرز عناصر نجاح المسرحية، ولعبت دوراً كبيراً في «الرحمة» بجانب رؤية المخرج الأكاديمي مبارك المزعل، فقد مزجت السينوغرافيا بين الإبهار والعمق في توصيل الفكرة الفلسفية، كما لا يجوز تهميش الأدوار المهمة التي أدتها العناصر المسرحية كالإضاءة والأزياء والموسيقى، ومرونة الانتقال بين الأحداث، في إنجاح العرض.