محمد العسعوسي: أعطى خزعل الكثير لوطنه... ويستحق أن يكون منارة
حرص الفنان التشكيلي الراحل حميد خزعل، خلال رحلته التشكيلية أن يكون مغايرا لكل ما هو سائد، كما كان متطلعا بأفكاره إلى أبعد من الخيال، وفق أفكار استثنائية، ورؤى حداثية استخلصها من الرمز والتجريد والسوريالية.
واعترافا بما قدمه هذا الفنان الراحل... من أعمال متميزة وسابقة لعصرها، فإن مهرجان القرين الثقافي رأى أن يحتفي به من خلال منارة ثقافية حملت اسمه، وأقيمت في مكتبة الكويت الوطنية، شارك فيها الفنان التشكيلي فاضل العبار والأستاذ الدكتور عبدالله الحداد وأدارتها الدكتورة سعاد الحمر.
والمنارة ألقت الضوء على المسيرة الفنية لخزعل والتي تضمنت إبداعا تشكيليا ونقديا وإصدار كتب وغيرها. وحضر المنارة الامين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي، وبعض أقارب المحتفى به.
وأوضحت الحمر في تقديمها أن بصمات خزعل واضحة في الفن والتصوير، وعشقه للتراث، والكويت، وفي لوحاته التي تعبر عن اللاواقع والواقع في الوقت نفسه.
ثم ألقى الحداد ورقة ورقة نقدية عنوانها «الفنان التشكيلي... الراحل حميد خزعل» أشار فيها إلى ابتعاد خزعل عن التشخيص ومحاولته التأثير على فكر المشاهد باستخدامات الإنسان ليوضح فيما إذا كان هو ذكرا أو أنثى... موضحا أنه جسد البدلة والدشداشة لتبيان عنصر الإنسان.
وقال: «في لوحات حكايات شهرزاد اختار الفنان الرموز وصاغها تشكيليا بطريقة رمزية تجريدية بحيث لا تفقد معناها كما جاء بالقصة... فالطيور والحيوانات صاغيها بشكلها غير الواقعي ولكن احتفظ بالصفات للطائر او الحيوان... وعندما يكوّن لوحة فهو يحاول أن يوجز التكوين وصياغتها بأقل العناصر، والاكتفاء بعنصر واحد أو اثنين واستغلال معالجة المساحة في إبراز هذا العنصر... فقد كان اختياره لألوان الخلفيات يعتمد على اللون المحايد في أغلب الأعمال... ومن ثم قام بتلوين بعض خلفيات الأعمال بألوان مثل الأصفر، والأبيض المائل إلى البيج.. أو الألوان الداكنة ذات العائلة الحارة إذا كان العنصر باللون البارد الأزرق مثلا».
وبيّن الحداد أن الثقافة التي اكتسبها من خلال دراسته في مصر لم تسيطر على خزعل، ولم تظهر في أسلوبه التي انتهجه في حياته الفنية ولكنه برز بأسلوب خاص به ينتمي إلى السريالية ممزوجة بالتجريدية ومغلفة بالرمزية وهذا ما يصعب على بعض الفنانين التشكيلين نهجه.
وتضمنت ورقة العبار النقدية عنوانا مفاده «الجانب الشخصي والاجتماعي للفنان التشكيلي الراحل حميد خزعل»، تذكر فيها مقابلته لخزعل للمرة الأولى في العام 1985 في جمعية الكويت للفنون التشكيلية عندما عاد ليمارس الفن التشكيلي بعد سنوات عدة من التوقف بسبب انشغالاته.
وأوضح العبار أنه نظم مع الراحل جلسات أسبوعية كثيرة بجهوده الخاصة لتجمع عدد لا بأس به من الفنانين التشكيليين الكويتيين والعرب في مقاهي الكويت المختلفة لتبادل الآراء ليس في الفنون فقط، بل بمواضيع أخرى متنوعة لإثراء الجلسات الأسبوعية.
وكشف أن خزعل فنان تشكيلي مجتهد، ومطلع على جميع مجالات الفنون التشكيلية، كما قام بأعمال النحت في إعادة استخدام المواد والخامات بأفكار مختلفة، كما كان لديه الجرأة في طرح الأفكار وحب الاطلاع على مختلف الأعمال الفنية في العالم، ما انعكس على حصيلة أعماله الفنية المتنوعة التي أهلته إلى الفوز بجوائز فنية.
وقال العبار: «قبل وفاته بسنوات عدة اهتم الفنان المرحوم حميد خزعل بتأليف وإخراج كتب فنية عديدة عن بعض الفنانين الكويتيين في مجال الفن التشكيلي عن طريق المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتم طبع العديد من الكتب التي كان حميد خزعل هو الأساس في تأليفها وطباعتها مثل التراث في الفن التشكيلي الكويتي، وأوراق تشكيلية كويتية وغيرها من الكتب الفنية التي كان في طريقه إلى تأليفها لكن المنية لم تسعفه للانتهاء منها».
واحتوت المنارة إلى جانب المحاضرة معرضا للفنان الراحل عرضت فيه مجموعه من لوحاته التشكيلية ومعرضا آخر للصور الفوتوغرافية، وفيلما وثائقيا تحدث فيه نجله الدكتور فيصل خزعل، والفنان التشكيلي محمد الشيخ الفارسي، ومدير غاليري بوشهري يحيى سويلم.
وقال نجله فيصل حميد خزعل: «دعونا نتكلم عن حميد الصديق وليس الوالد حتى لا تختلط المشاعر الإنسانية في الحديث عن تاريخه، انا عاصرت هذا الإنسان فترات حياته كلها، وكانت بيننا قصص، لذلك رأيته في كل مراحله، في بداياته، كوني عاصرته من البداية، كنت طبعا طفل صغير، ولكن ما زلت أتذكر، فقد كان حميد في البداية يرسم من خلال الطرق أو النقل بالريشة، أينا كان المسمى لتلك العملية الفزيائية، فكانت اللوحات تأخذ أشهرا، ويمكن تطول لمدة سنه».
وقال الفنان الفارسي: «كان لحميد خزعل طابع معين، وله طريقة في الفن التشكيلي، او ممارسته في عمله في الفن، مختلفة ومتميزة، فقد كانت بعض العناصر المستخدمة في لوحاته فيها من الواقع قليلا، وأيضا تتضمن جانبا سورياليا أيضا، والخروج عن المألوف، حتى نلاحظ في آخر معرض له في بوشهري غاليري، والذي جاء بعنوان شهرزاد، سيرى المتلقي أن هناك ستايل معينا ومحددا لفنان حميد خزعل».
وقال سويلم: «رحم الله حميد خزغل، فقد أنار لنا الحركة التشكيلية، وتميز فيها، وأصبح علامة من العلامات التي لا تنسى في الحركة التشكيلية»
وفي مداخلته، ذكر العسعوسي: «أعطي خزعل الكثير لوطنه، ويستحق أن يكون منارة يحتفى فيها خلال الدورة الـ 24 لمهرجان القرين الثقافي، وعطاءات خزعل متنوعة على الصعيد الإلكتروني حيث كان أول من أنشأ جريدة إلكترونية تحت عنوان التشكيلي، أيضا ساهم في تقديم إبداعاته ورفد المكتب التشكيلية مجموعه من الأعمال التي وثق فيها جهود أقرانه من الفنانين التشكيلين، وفاز بجائزة النحت من ضمن جائزة الدولة التشجيعية، وفاز بجائزة المبدعين التي كانت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وكل هذه الرحلة الطويلة التي ترك أثرها اليوم بينا الفنان حميد خزعل استحق أن يكون منارة من منارات حركة الإبداع في دولة الكويت».
وقال الكاتب خالد العبد المغني: «يمكن القول إذا تتبعنا مسيرة عطاء خزعل سنجد هنا قيدين كبلا مسيرته الإبداعية، القيد الأول: ارتباطه بالعمل النقابي لفترة امتدت سبعة عشر عاما حيث كبله التزامه بالشأن الإداري في جمعية الفنون التشكيلية من ممارسة الرسم، وشغلته التجاذبات النقابية من بناء شخصيته التشكيلية، مما انعكس على عطائه الإبداعي، وفي تقليص نشاطه التشكيلي لصالح النشاط النقابي. وأما القيد الثاني: فجاء المرض على غفلة منه وانقض عليه بعد أن تفرغ للرسم، وتعلق بالنحت، واستكان للكتابة النقدية».
وقال الفنان على العوض: «عرفت خزعل عندما كان أمين سر جمعية الفنون التشكيلية... وكان لو دور كبير جدا في احتواء الفنانين الشباب، ودعوتهم لحضور فعاليات الجمعية آنذاك».