البقرة الكويتية ... أصيلة

لنحو ربع قرن، عمل مركز أبحاث الابقار في الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية على تحسين الإنتاج البقري، من خلال القيام بعملية تكاثر القطيع الموجود فيه، بالتناسل حتى وصل الأمر إلى إنتاج 5 اجيال محليا، لتكون محلية ومنسبة، ولم يدخل على القطيع افراد من خارجه، سواء كانت مستوردة من الخارج او محلية من الداخل، وهذا يشير إلى أن أبقار الكويت أصيلة، وهي حالة متفردة في دول الخليج.
ويقوم المركز بإجراء خطوات للتحسين الوراثي على القطيع من خلال التلقيح الطبيعي بالثيران المولودة والمرباة فيه، والاكثر تميزا، عبر خطط تزاوج وتلقيح سنوية محددة، وعلى الجانب الآخر تم اجراء التحسين الوراثي. وللوقوف على ما يتم في مركز أبحاث الابقار في الهيئة، زارته «الراي» والتقت مسؤوليه فكان هذا الاستطلاع.

خدمات المركز
مدير المركز جراح المطيري قال إنه يقع في منطقة الصليبية الزراعية المخصصة مزارعها لتربية أبقار انتاج الحليب، وتسمين العجول، حيث تضم 48 مزرعة.وأضاف انه تم بدء تأسيس مركز ابحاث الابقار بالصليبية في الثمانينات من القرن الماضي، حيث تم نقل قطيع ابقار محطة تجارب الرابية بجميع مكوناته اليه، باعتبار قطيع الابقار بالمركز امتدادا طبيعيا لقطيع الابقار بمحطة تجارب الرابية، وعندها تم بدء في تشغيل المركز كمركز ارشادي تدريبي بحثي في المجالات المختلفة لتربية ورعاية الابقار تحت الظروف البيئية الكويتية وعلى الاخص ابقار انتاج الحليب، من حيث التغذية وتقديم الاعلاف والايواء والحلب الآلي وانتاج حليب مطابق للمواصفات والتسجيل والسجلات والتقارير المرحلية وغيرها.
وأوضح ان قطيع الابقار بالمركز من اصول اوروبية ومنسّبة، ولم يدخل على القطيع افراد من خارجه، سواء كانت مستوردة من الخارج او محلية من الداخل خلال الـ 5 اجيال الاخيرة، منذ نحو ربع قرن، وهذا يحدث لأول مرة في دول الخليج، حيث تمر إجراء خطوات التحسين الوراثي على القطيع من خلال التلقيح الطبيعي بالثيران المولودة والمرباة بالمركز، والاكثر تميزا، عبر خطط تزاوج وتلقيح سنوية محددة، وعلى الجانب الآخر تم اجراء التحسين الوراثي من ثيران متميزة وعالية الكفاءة الوراثية.
وكشف عن ان اكبر بقرة في المركز عمرها 16 سنة و8 اشهر، وتم ذبحها منذ شهرين بعد ولدت 11 مولودا وسميت «ام الابقار»، موضحا ان هناك مزادا سنويا لدعم المزارعين يعقد كل سنة مرة واحدة، كان اخرها في 16/‏‏‏11/‏‏‏2007 حيث بيع 25 ثورا على المربين بمبلغ 300 دينار لكل منها دعماً لهم. فيما بلغ وزن أكبر ثور في الكويت 1000 كيلوغرام «طن» وهو أكبر ثور في الكويت.
واشار المطيري الى انه تم تنفيذ خطوات التحسين البيئي من الرعاية المتميزة لمجاميع قطيع الابقار بالمركز من الامهات الحوامل «بكاكير - ابقار» والابقار حديثة الولادة والمواليد الجديدة والابقار الحلابة والعجلات والعجول الثيران وغيرها، وذلك من خلال وضع برامج تغذية محددة لمجاميع قطيع الابقار المختلفة بالمركز طبقاً لاحتياجاتها الغذائية الفعلية من البروتين الخام والمادة الجافة المأكولة ونسبة الاعلاف المركزة الى الاعلاف «المالئة» او الخشنة مع ربط برامج التغذية بالحالة الجسمانية او درجة الجسم، وأخيراً أصبح قطيع الابقار المركز متأقلم بدرجة كبيرة على الظروف البيئية الكويتية من مناخ «حرارة ورطوبة من دون اي وسائل لتبريد او تهوية الحظائر صيفا» وتغذية ومستويات رعاية وغيرها، كما اصبحت هذه الحيوانات ذات مقاومة عالية للامراض البيئية المختلفة مما له من دور كبير في خفض تكاليف الرعاية الصحية واطالة الحياة الانتاجية للابقار بالقطيع، اي اصبح القطيع مصدر للاقلمة ولمقاومة الامراض البيئية للقطيع الوطني.
وافاد المطيري بأن اجمالي كمية الحليب المنتجة بالمركز والمسلمة لشركة تصنيع الالبان من المركز خلال 2016 بلغت 365 طنا، فيما بلغ اجمالي كمية الحليب المستخدمة في ارضاع العجول والعجلات الرضيعة بالمركز في العام نفسه نحو 27.4 طن، وأشار إلى ان إجمالي عدد المواليد الحية بالمركز خلال 2016 بلغ 74 مولودا، فيما بلغ اجمالي عدد المواليد الحية بالمركز خلال سنوات تشغيل المركز 539 رأسا.
وبين ان اجمالي عدد الحيوانات التي تم استبعادها من قطيع ابقار المركز خلال 2016 لعدم الصلاحية للتربية ولاسباب مرضية مختلفة وغيرها من الاساب بلغ 54 رأسا.

نسب أصيل
بدوره، قال الطبيب البيطري أمين تهامي ان قطيع الابقار الحالي بالمركز افراده من أصول اوروبية معروفة الانتاجية والنسب، حيث تمت تربية ورعاية تلك الافراد وتسجيل كافة الصفات الانتاجية لها وتنسيبها حتى تاريخه، وعلى الاقل لأربعة اجيال وقد يصل التنسيب الى سبعة اجيال، ولم يدخل على القطيع اي افراد جديدة من خارجه سواء كانت مستوردة او مشتراة من داخل الكويت خلال الـ 23 سنة الاخيرة (1994 - 2018) حيث تمت تربية افراد قطيع الابقار بالمركز خلال الـ 23 سنة الاخيرة على ارض الكويت، من 1994 وحتى يوليو 2007 بمحطة تجارب الابقار بالرابية، ومن اغسطس 2007 وحتى 2018 بمركز ابحاث الابقار بالصليبية.
وأضاف انه تمت تربية ورعاية افراد تلك القطيع التي نمت وتناسلت من بعد الفطام مباشرة وحتى نهاية حياتها الانتاجية، ولفترة تقدر بخمسة اجيال متتالية بدولة الكويت وتحت الظروف البيئية الكويتية الطبيعية التي تأقلمت عليها، حيث تعيش في حظائر مفتوحة نصف مظللة، ليس فيها اي مصادر للتهوية او التبريد خلال فصل الصيف وتحت درجة حرارة قد تصل لحوالي 55 درجة مئوية ورطوبة نسبية قد تصل لحوالي 90 في المئة، وكذلك ليس بتلك الحظائر المفتوحة اي مصادر للتدفة خلال فصل الشتاء وتحت درجة حرارة قد تصل لتحت الصفر المئوي.
واشار تهامي إلى ان افراد قطيع الابقار بالمركز متأقلمة بدرجة كبيرة على الظروف البيئية الكويتية القاسية، وتستطيع التغذية على مواد الاعلاف المركزة والمالئة المتاحة بالسوق المحلي، كما انها اصبحت قادرة على الانتاج بكفاءة عالية تحت هذه الظروف وبادارة فريق عمل متخصص من الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، فأصبح افراد القطيع مقاومة للامراض البيئية بدرجة كبيرة، مما كان له الاثر الواضع في انخفاض معدلات النفوق التي لا تتجاوز 3 في المئة سنويا، وانخفاض معدلات الاستبعاد وزيادة معدلات المواليد الجيدة والحيوية القادرة على استكمال دورة الحياة الكاملة بكفاءة ملحوظة، مما قد ينعكس على انخفاض تكاليف الرعاية الصحية واطالة الحياة الانتاجية وبالتالي زيادة اعداد القطيع.
وذكر أن قطيع ابقار المركز المكون من افراد من سلالة الفريزيان المتخصصة من انتاج حليب يكاد يكون هو قطيع ابقار انتاج الحليب الوحيد الموجود على ارض الكويت المولود والمربى محلياً عبر الاجيال، والمتأقلم على البيئة الكويتية والمقاومة لامراض البيئة لـ 5 اجيال متتالية، وهذا القطيع في الوقت الراهن نستطيع ان نسميه «قطيع ابقار فريزيان كويتي لانتاج الحليب». واوضح ان قطيع الابقار الفريزيان الكويتي لانتاج الحليب الموجود بالمركز يعتبر ثروة وطنية لا تقدر بأي ثمن ولا يمكن تعويضه بسهولة.

رافد غذائي
من جانبه، قال مسؤول التغذية الدكتور سامح عرابي ان المركز يعتبر مفخرة للكويت باعتبارها من الثروة الحيوانية وخاصة الابقار المنتجة للحليب الذي يعتبر رافدا رئيسيا من روافد الامن الغذائي، مشيرا إلى انه من خلال الفترة من 2007 الى 2016 بلغ عدد العجول المولودة في المركز 655، وبنسبة وفاة لا تتعدى 3 في المئة، لافتا الى ان المركز يرعى حاليا 245 رأسا بأعمار مختلفة منها 67 بقرة حلوبا و9 أبقار جامدة وحامل.
وأوضح عرابي ان عالم الابقار مقارب جدا لعالم النساء من حيث مدة الحمل 9 اشهر، وحبها وحنانها لأولادها الذي نبعده عنها بعد 3 ايام، حيث يتم فطمه للمحافظة على سلامة الام والاستفادة من حليبها، مشيرا الى ان البقرة تلد مرة واحدة في السنة، وافضل ولادتها للمفرد أو توأم من جنس واحد، لان التوأم ذكر وانثى فإنهما لا يصلحان للتربية ويتم بيعهما.
واشار عرابي الى ان الابقار في المركز نظيفة السلامة ولا يتم زواج المحارم، سواء الام او الاخت، وهذا ما جعل نسب الابقار في الكويت نظيفاً حيث ان البقرة الكويتية اصيلة، ولا يوجد بها مثيل في دول مجلس التعاون.
وعن أشهر الامراض التي تصيب البقر، قال عرابي ان اكثر الامراض انتشاراً هي الحمى ذات الثلاثة ايام والحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع والجلد العقدي، مؤكداً ان المركز يحافظ على صحة الحلال الموجود فيه، من خلال رفع مستوى النظافة الذي يمنع انتشار مثل تلك الامراض والتي تنتشر في بعض مزارع الابقار في الصليبية لقلة الاهتمام بالنظافة.
وعن أهداف المركز، ذكر ان المركز يقدم نماذج تدريبية عبر القطيع الموجود لمربي الابقار في شتى مجالات الرعاية والتربية وتحسين وتطوير الاداء الانتاجي لقطيع الابقار الوطني، عبر الاجيال في المجالات المختلفة والتي من اهمها نظم التحسين الوراثي وخطوات تنفيذها. ونظم التحسين البيئي للرعاية والتغذية والايواء والحلب والرضاعة والفطام وغيرها، وكذلك يتم تزويد مزارع ابقار اتحاد منتجي الألبان بالثيران المتأقلمة على الظروف البيئية الكويتية والمقاومة للامراض والمنسبة والمسجلة بأسعار رمزية لتحسين انتاجية تلك المزارع. ودعا المربين الى حضور البرامج التدريبية او الدورات التدريبية الدورية والندوات الارشادية والمحاضرات التثقيفية الدورية المنظمة والمخططة والهادفة الى تحسين الاداء الانتاجي بقطيعهم.

من المركز

عالم من الرومانسية

لا يتناسب وصف «ثور» المتعارف عليه، مع ما لمسناه في زيارتنا للمركز من تعامل هذا الحيوان العنيد والضخم مع إناثه، هذا التعامل الذي يتسم بالرومانسية والغيرة، ولعل الصورة التي التقطها مصور «الراي» لقبلة بين ثور وإحدى الإناث توضح ذلك.

... وعالم من المشاعر

من سياسة المركز في المحافظة على صحة الأبقار وسلامة حليبها، يعمد القائمون عليه إلى فصل العجل الرضيع وعزله عن أمه بعد ثلاثة أيام فقط من ولادته، الأمر الذي يجعلها تدخل في حالة من الكآبة تستمر أياما يرافقها خوار حزين على فراق ولدها.
وذكر الطبيب البيطري أيمن تهامي أن حالة الحمل والولادة عن البقرة تقارب حالة المرأة من حيث الحمل تسعة أشهر، وولادة فرد أو توأم، إضافة إلى تباعد فترة الحمل بين سابقتها، وكذلك فترة فطام العجل.

جهود مقدّرة

أشاد مسؤول مركز أبحاث الأبقار جراح المطيري بجهود وزير الإعلام محمد الجبري، ورئيس هيئة الزراعة فيصل الحساوي، ونائبه لقطاع الثروة الحيوانية علي القطان، في دعم المركز والتجاوب مع كل متطلباته، إضافة إلى توجيهاتهم بتقديم كافة الخدمات لمربي الأبقار، بهدف تحسين نسل قطعانهم وحمايتها من الأمراض وعقد الدورات الإرشادية للمربين وعمالهم.

مبنى إدارة المركز

يضم صالة مجهزة لاستقبال الزوار من المربين ومسؤولي ادارة المزارع والعاملين بها والمواطنين والمهتمين بتربية الابقار بالجهات والهيئات المحلية والعالمية، وغرف مؤثثة ومجهزة وبأجهزة الحاسب الآلي وشبكة الانترنت لمجموعة العاملين بالمركز، وغرفة للسجلات الفنية والادارية وادوات ادارة القطيع وغيرها.

شبرة الإيواء

شبرة مفتوحة ومجهزة لإيواء المجاميع المتماثلة من افراد قطيع الابقار بالمركز من بعد الفطام، طبقاً للجنس والعمر والانتاج ودرجة الجسم وغيرها ومساحتها نحو 8040 مترا مربعا، ومقسمة الى 10 شبرات فرعية مساحة كل شبرة منها نحو 744 مترا مربعا كل 5 منها على جانب، وبينها ممر للتغذية ومساحته نحو 600 متر مربع موزع بهذه الشبرات المجاميع المتماثلة من قطيع الابقار.
وهناك 12 شبرة مفتوحة ومجهزة لايواء ورعاية وتغذية ثيران التلقيح الطبيعي بالمركز فرديا، من حيث المشارب والمعالف.

خدمات الموقع الالكتروني

تم بالتعاون مع ادارة مركز النظم والمعلومات، انشاء موقع الكتروني للمركز www.paaf.gov.kwhttp ويضم المكتبة الالكترونية، وإصدارات الهيئة، واصدارات الثروة الحيوانية، ومعلومات عن مركز ابحاث الابقار. كما يوجد على الموقع بعض الكتيبات والعديد من النشرات الارشادية والمقالات الفنية وكذلك البرامج التدريبية والارشادية السنوية لمركز ابحاث الابقار بالصليبية بمواعيدها واماكن تنفيذها وغيرها.