لغة الرواية تنبض سردا وتتحرك في اتجاهات مختلفة... بتكثيف تارة وإطالة تارة أخرى
فيما أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر العربية»، قائمتها الطويلة لدورتها الحادية عشرة، بدخول 16 عملا إلى حيزها المتاح... لكتاب نصفهم يظهر للمرة الأولى في متن القائمة... فإن رواية «النجدي» للروائي طالب الرفاعي، هي الأكثر حظا في تخطي القائمة القصيرة المقبلة والقفز بجدارة إلى قمة «البوكر» في نسختها الجديدة، ليس لأن الرواية متميزة فحسب، ولكن هناك استلهامات يمكن من خلالها توقع فوز «النجدي» بالرواية.
هذه الاستلهامات يمكن ببساطة استشراف ملامحها، من خلال المحلية التي أراد لها الرفاعي أن تسيطر سيطرة تامة على أحداث روايته، وهي محلية، لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن عالم البحر، الذي تتشابه ملامحه إلى حد بعيد في مختلف بلدان العالم، هذا العالم استطاع الرفاعي فيه أن ينتصر للإنسان، وأن يجعل من البحر كائنا إنسانيا حانيا في لحظة وقاسيا في لحظة أخرى وفي لحظات كثيرة يكتنفه الغموض، الذي لا يمكن فك طلاسمه بالتعاويز أو الفلسفة، أو سوق الحكمة. وفي لحظات محيرة يمنحه وضوحه الاستقرار.
وهناك استلهام آخر يمكننا أن نستشرفه في «النجدي»، وهي اللغة التي تنبض سردا وتتحرك في اتجاهات مختلفة، بتكثيف تارة وإطـــالة تارة أخرى، وبإيقاع لغوي متماسك، في عزفه، ومتواصل مع حكاياته، ومن ثم تمكنت رواية «النجدي» من أن تسرد في أريحية، وأن تسير وفق ما يتعين على الرواية المخلصة أن تسير عليه، وهو إخلاص للمكان والزمان معا، وأيضا إخلاص للخطاب الإنساني الذي تتوهج فيه الرواية في أحوالها.
ننتظر... بينما اليقين يملؤنا في أن تكون لجنة تحكيم «البوكر» على دراية تامة بما تحتويه الرواية من تماثل وحضور، وتصورات تعود في أبديتها إلى الواقع، الذي لا ينفك متحررا من زمنه ومكانه، ليتحول إلى خيال جميل، تحدوه الذكريات، وتتناوله الذاكرة بكثير من التماثل والحضور... وببعض الاشتباك الذي لم يرد المؤلف فكه بين الذات والعام، بين القوة والضعف، العناد والاستسلام... لنجد أن الضد أصبح قرينا لضده، مثلما الشبه ملتصقا بشبيهه، والمعنى متداخلا مع مرادفه. ونقول... الموضوع في الرواية- ربما يكون مطروقا- ولكن المعالجة جاءت في تجديد مغاير عبر مسالك منتقاة من بيئة محلية، ذات خصوصية، يتعين علينا دخول أعماقها، كي نكشف عن ملامحها وأن نطمئن إلى معرفتنا بها، من خلال «النجدي»، التي أتت من حيث يأتي التاريخ وحكت من أعماق موغلىة في السرد، وتحركت وفق منظومة إنسانية جذابة. وتضم لجنة التحكيم 5 أعضاء برئاســـــة الناقد والروائي الأردني إبراهيم السعافين، وعضوية المترجمة والشاعرة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتبة والمترجمة السلوفينــية باربـــــرا سكوبيتس، والقاص الفلسطيني محمود شقير، والكاتب والروائي السوداني جمال محجوب.
وإلى جانب رواية «النجدي» تضمنت القائمة الطويلة 4 روايات فلسطينية هي «الحاجة كريستينا» للكاتب عاطف أبو سيف، و«وارث الشواهد» للكاتب وليد الشرفا، و«حرب الكلب الثانية» للكاتب إبراهيم نصر الله، و«علي - قصة رجل مستقيم» للكاتب حسين ياسين، وروايتان من السودان هما «زهور تأكلها النار» للروائي أمير تاج السر، و«الطاووس الأسود» للكاتب حامد الناظر، واثنتان من سورية هما «بيت حدد» للكاتب فادي عزام، و«الخائفون» للكاتبة ديمة ونوس، وروايتان من مصر هما «حصن التراب» للكاتب أحمد عبد اللطيف، و«شغف» للكاتبة رشا عدلي. ورواية واحدة من الأردن هي «هنا الوردة» للكاتب أمجد ناصر، ومن السعودية «الحالة الحرجة للمدعو ك» للكاتب عزيز محمد، ومن الجزائر «الساق فوق الساق- في ثبوت رؤية هلال العشاق» للروائي أمين الزاوي، ومن العراق «ساعة بغداد» للكاتبة شهد الراوي.