لعل السنوات الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن محاسبة القيادات في القطاع النفطي تكون على قدر الصلاحيات الممنوحة لهم.
المؤكد بحسب خبراء، أن قادة القطاع أصبحوا أمام مسؤوليات ضخمة ومتزايدة على وقع الأحداث والتطورات السياسية المتلاحقة، خصوصاً بعدما تمت الاستعانة بآراء هؤلاء المسؤولين والمتخصصين حول من يمكن أن يقود دفة هذا القطاع الحيوي قبيل إصدار مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر يُحسب للحكومة.
2017 كان عاماً فاصلاً في عمر القطاع، خصوصاً مع تولي وزير النفط، وزير الكهرباء والماء السابق، عصام المرزوق قيادة السفينة النفطية، في ظل تفاهم وانسجام تامين مع الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول، نزار العدساني والقيادات الأخرى، ما انعكس بشكل جوهري على الاستقرار طوال الفترة الماضية.
يرى الخبراء، أن أبناء المهنة الواحدة والمتخصصون نجحوا في العمل معاً بشكل مؤسسي مهني بحت، لمصلحة «عصب الكويت المالي» بعيداً عن أي آراء شخصية أو تدخلات خارجية، أو اختلافات من خلال الاعتماد على معايير فنية، يرسيها وينظمها مجلس إدارة متخصص، ويضم خبرات كويتية - عالمية متنوعة تحكمها المهنية.
وللمرة الثانية، يثبت «النفط» أنه قطاع مؤسسي، وذلك بعيد تولي الرئيس التنفيذي لشركة البترول العالمية، بخيت الرشيدي، مقاليد الوزارة، وسط ارتياح القيادات النفطية بوجود شخص متخصص على رأس القطاع، ولو كان زميلاً لهم قبل ساعات معدودة، ليؤكد هذا الأمر أن نجاح القطاع يكمن في مهنية القائمين عليه، وزيراً، ورئيساً تنفيذياً، وقيادات، بعيداً عن حساسيات المواقع السابقة.
وهذا كله يصب في نهاية المطاف وفق الخبراء في صالح الالتزام بإستراتيجية واضحة ومحددة، لكل مسؤول دور معين ومحدد فيها، لا يتعارض مع الآخر، ومن خلال النهج نفسه، سيكون مجلس الإدارة هو المنظم لهذه العلاقة المرسومة بدقة، وهو صاحب القرار المؤسسي وفق الصلاحيات الممنوحة له.
ما يشهده القطاع النفطي حالياً يجب أن يُدرّس، خصوصاً أن هناك حساسية تقليدية وقديمة وبالغة في تعامل أي قيادي مع آخر أعلى منه (كان مسؤولاً عنه في السابق) بينما لا يبدو الحال كذلك في قطاع النفط المحلي، وهذه نقطة وتجربة ينبغي البناء عليها وتعميمها.
القضية في القطاع النفطي تختلف، فالقيادات التنفيذية واثقة من قدراتها، ومتمكّنة وقوية وتناسب مكانة الكويت النفطية على مستوى العالم، وهناك فريق تنفيذي مهني، قراراته مدروسة بعناية وتكامل مع بعضها البعض وفق الصلاحيات المخولة لكل مسؤول مهما اختلف موقعه.
أهم الرسائل المستنتجة من أداء القطاع النفطي، وتعامل قياداته خلال الآونة الأخيرة، تكّمن في أن استقرار القطاع النفطي إنما يستمد من قوة ترابط وتماسك العلاقة مع فريق تنفيذي عالي المستوى، قاد إنجازات الكويت النفطية خلال السنوات القليلة الماضية، بعدما عانى القطاع لأعوام عديدة نتيجة عدم الانسجام وانعدام الترابط.
أما الرسالة الأخرى، فهي التعامل بين قيادات تغيرت مواقعها التنفيذية، ليصبح المرؤوس رئيساً، لتنعكس دفة القيادة والتعليمات والتوجيهات، ولكن السلاسة في مرور هذه التعديلات، تؤكد شيئاً واحداً فقط، مفاده أن الكل ملتزم بإستراتيجيات مرسومة بعيداً عن الشخصانية.
وما بين تفاهم وانسجام الوزير والقيادات النفطية التنفيذية، تبقى أهمية الحفاظ على هذا العمل المؤسسي، كما ينبغي معرفة أن التطوير واستقرار القطاع غير مرتبط بأشخاص أو قيادات أو وزراء بعينهم، شريطة استمرار نهج «المؤسسة» وعدم العودة للمربع الأول.
لقد حقق القطاع النفطي خلال السنوات الأربع الماضية، إنجازات حقيقية ملموسة على مستوى المشاريع الضخمة، رغم الكثير من التحديات.
وربما من أبرز هذه المشاريع «الوقود البيئي» ومصفاة «الزور» ومشاريع الغاز المسال، والاستكشافات النفطية، ومصفاة فيتنام، والتوسّع في محطات الوقود عالمياً، فضلاً عن استثمارات شركة «كوفبك» وتطوير أسطول ناقلات النفط، وانتقال شركة الكيماويات البترولية للتوسّع والاستثمار عالمياً، بالإضافة إلى تجهيز قيادات شابة ستأخذ لها مكانها بشكل تدريجي، وفق خطط محكمة بدأت فعلياً في تواجد هذه القيادات على الساحة بمختلف القطاعات، وخلال ديسمبر 2018 سيكون هناك بحسب ما تشير مصادر، قيادات جديدة في غالبية القطاعات النفطية.
كذلك، ينتظر القطاع اعتماد القرار النهائي من المجلس الأعلى للبترول حول مصفاة الدقم في عمان، لتنطلق عملية الاستثمار والتمويل والاتفاق مع المقاولين، لتبدأ صفحة جديدة من الإنجازات.
أما بخصوص مصفاة الصين، فقد يكون مستبعداً حالياً أي تطورات حقيقية أو ملموسة على أرض الواقع في ظل تحول الصين لمصدر رئيسي للمنتجات النفطية.