حروف باسمة

تأملات في رحاب أربعة

1 يناير 1970 07:58 ص

التأمل شيء جميل يشير الى ان الفكر ينطلق ويغوص في أعماق مختلفة ليحصل على جذوات قد تنفع لتلمس السبيل نحو شيء مشرق أو يبتعد عن خطر محدق يؤثر على النفس.
ونحن اليوم نتأمل في رحاب أمور عشناها في الايام القليلة الماضية... أول ما نتأمل:
بطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 23)، هذه البطولة التي جرت على هذه الأرض الطيبة، حيث عاش الجميع أجواء مفعمة بالخير والحب والإنسانية التي شملت أنشطة هذه الدورة على مختلف أنواعها، ارتسمت الفرحة على محيا أهل هذه الديرة في استقبالهم لإخوانهم أهل الخليج بعد ان انجلت الغبرة عن النشاط الرياضي وأزيح الايقاف الظالم وتوافدت الجموع على استاد جابر والجميع ينشدون بروح رياضية متسامحة وبقلب أخوي واحد، وأمير الانسانية يشير بيده الكريمة الى سبل الخير والوحدة والعمل الدؤوب نحو رقي الوطن وتقدمه والنهوض به. تحققت الفرحة للكويت بهذا النصر الرياضي الكبير، واحتضن الكويتيون أشقاءهم في كل مكان.
ما أجملها من مشاهد ومناظر في الملاعب الرياضية والأسواق الشعبية وأهل هذه الديرة يستقبلون أشقاءهم في كل مكان بالحفاوة والترحيب وكرم الضيافة الأصيل حتى انتهت أعمال الدورة وفاز بكأسها، الاخوة من سلطنة عمان.
نعم كل الخليج هم الفائزون، وأهل هذه الديرة لهم الفوز أيضا وسلطنة عمان هي الحائزة على كأس البطولة.
اندفعت الجموع وهي سعيدة، فصار هذا الحادث المؤلم البسيط بإذن الله تعالى.
همَّ أبناء الكويت ليطمئنوا على إخوانهم فلم يهدأ لهم بال حتى اطمأنوا على سلامة الجميع.
نسأل الله الشفاء العاجل لأحبتنا العمانيين وأن يعودوا الى أرضهم وذويهم سالمين غانمين وهم يرفلون بأثواب الصحة والسلامة.
عاشت الكويت عزيزة شامخة متألقة مهما قست الأيام وجارت الليالي.
وتبقى تأملات ثلاثة، منها رحاب العام الجديد الذي هلَّ علينا منذ أيام والناس احتفلوا احتفالات طيبة وتبادلوا التهاني بدعوات مفعمة بالخير والسداد، ولكن المنغصين لم يتركوا الهدوء يمشي في سبيله والاحتفالات البريئة تأخذ جذواتها، فانتشرت أصوات نشاز لحفلات لا تنتمي لأصالة هذه الديرة وثقافتها وعاداتها ما أدى الى إيقاف حفلتين، إحداهما بشرق والأخرى بالمرقاب، كي يحصن المجتمع من سمات وصفات وعلامات وخصائص لا تنم الى أهل هذه الديرة بصلة.
وآخرون لم يجعلوا المناسبة تمر بهدوء واستقرار أصوات الـ «جي تي» وبركان الأدخنة المتصاعدة وأصوات تفجير الاطارات عكر البيئة وأزعج الناس في أم نقا، ناهيك عن الخطر المتدفق الذي قد يصيب الأرواح وهدر الأموال في شيء لا يعود بخير أو تنمية أو صحة أو سلامة.
عجيب ما قالوا:
إن كلفة التقحيص تبلغ 500 دينار لليوم الواحد، ما بين شراء إطارات ورنغات حديد ومستلزمات أخرى. وأعجب من ذلك ما أشار اليه أحد المشاركين: الكويت تمتاز بقوة المقحصين لوجود سيارات نادرة وقوية.
عجيب أمر هذه الدنيا، وعجيب ما نراه من أفكار بعض الناس وتصرفاتهم وما يستهويهم من أعمال حتى ولو علموا بأن خطرها محدق بهم ولمن حولهم.
أما تأملنا الأخير، 20 ألف مدمن ومتعاطٍ للمخدرات في الكويت... عدد كبير وخطر فادح وتدمير مخيف وأنواع لسموم مختلفة تتداول بأساليب متعددة ووسائل كثيرة لمكافحات عديدة لصد الخطر والقضاء على المتسبب بهذه المأساة، والمجرمون يضعون خططاً مختلفة للتدمير ورجال الامن والمختصون يضعون خططاً للقضاء على هذه المأساة الكبيرة والعظيمة التي تبدد أغلى ثروة للتنمية والتقدم والازدهار.
فمتى تكبل أيدي المجرمين؟ ومتى نضع الدراسات العلمية والاجتماعية والتربوية التي تجد الحلول الناجعة والدواء الشافي الذي يقضي على هذه الآفة التي إذا حلت في أمة قضت على أغلى شيء لديها وهو الفكر والتفكير الذي يدعو الى التأمل في سبيل الخير والتنمية والنماء؟
كم سألنا ونحن أدرى بنجدٍ
أقصير طريقنا أم طويل
وكثير من السؤال اشتياق
وكثير من ردهِ تعليل