ضباط روس يعملون مع «حزب الله» على أرض المعركة

موسكو تفرض على تل أبيب وواشنطن «قواعد اشتباك» جديدة في سورية

1 يناير 1970 05:58 ص

تفْرض روسيا على كلّ من إسرائيل وأميركا قواعد اشتباك جديدة في سورية لتنعكس على ملفات إقليمية أخرى تستطيع تحريكها من بلاد الشام، مثل أوكرانيا والأهداف الأميركية خلفها لجذبها إلى حلف «الناتو» وتسليحها لمواجهة موسكو.
وتجلى ذلك في موقف رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف الذي كشف أن هناك «مستشارين وضباطاً روسا في الوحدات القتالية والتدريبية والإستخباراتية والمدفعية وكل الوحدات الروسية الأخرى في كل فرقة وكتيبة وحتى فصيل سوري»، مؤكداً أن «كل الخطط العسكرية والقتالية توضع بالمشاركة مع الجيش السوري ووحداته على الأرض الذين يعملون معاً من أجل أهداف إستراتيجية موحّدة وخطة مشتركة».
وتؤكد روسيا أن وجودها في سورية يهدف إلى حماية مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط، إلا أن اللاعب الروسي يعلم كيف يحرّك رسائله إلى الجنوب السوري عندما يتحرك الأميركي ضدّه في مناطق أخرى من العالم. إذاً، فإن روسيا تقرّ بأن العمليات العسكرية السورية ليست بقرار سورية أحادياً - مع حلفائها الشرق أوسطيين - بل هو قرار روسي أيضاً. وبالتالي فان استعادة بيت جن - آخر معاقل المسلحين في الغوطة الغربية لدمشق ومن سفح جبل الشيخ الجنوبي وعلى التماس مع إسرائيل - هو قرار روسي أيضاً.
ويتزامن تحرير بيت جن (غادرها أمس 300 عنصر من «القاعدة» وقوات «اتحاد جبل الشيخ» إلى درعا وإدلب) - التي ساعدت إسرائيل مسلحيها بمن فيهم «القاعدة» في سورية، للوقوف ضد الجيش السوري وتشكيل منطقة عازلة لمنع «حزب الله» وإيران من الوصول إلى خط تماس مع إسرائيل - مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتزويد أوكرانيا بصواريخ «ليزرية» مضادة للدبابات، وهو القرار الذي أغضب موسكو وجاء ليوسّع الهوة بين روسيا وأميركا.
وتعمل مع الجيش السوري وحدات خاصة من فرقة الرضوان التابعة لـ «حزب الله» اللبناني، وتالياً فإن التنسيق الروسي - الإيراني - السوري - «حزب الله» أصبح مكشوفاً أكثر على الجبهة الإسرائيلية وهو الذي يمنع تل أبيب من التدخل عسكرياً ضد تقدّم القوات المشتركة ما يفرض على إسرائيل قواعد إشتباك جديدة لا تجرؤ من خلالها على ضرب الجيش السوري منعاً لإصابة ضباط روس يعملون معه ومع «حزب الله» على أرض المعركة. وهذا سيغضب حليفة أميركا (إسرائيل) التي تجد نفسها عاجزة عن تخطي هذه المعادلة التي، إنْ حاولت تجاوزها، ستضعها في مواجهة مباشرة مع الدب الروسي وستجذبه إلى الصراع الدائر منذ عقود مع «حزب الله» وإيران.
وتأتي الضربة الروسية - الإيرانية - السورية - «حزب الله» في وقت كانت إسرائيل توفّر المال والسلاح والدعم المدفعي والإستخباراتي لـ «القاعدة» والمسلحين في بيت جن. وبإستعادة المنطقة والمرتفعات المنتشرة حولها ستكون روسيا وجهت أول صفعة لحليف أميركا الأول (إسرائيل) الذي لطالما خشي وصول إيران و«حزب الله» إلى الحدود السورية وعلى تماس مباشر مع مزارع شبعا اللبنانية - السورية المحتلة. إلا أن هناك مناطق نفوذ أخرى لإسرائيل في الجنوب السوري المحتلّ مثل القنيطرة والقرى المحيطة بها مثل طرنجة وجباتا الخشب وتجمع عين البيضة وغيرها.
وكان الرئيس الأميركي أعاد البوصلة - التي حرفتها التنظيمات التكفيرية (تنظيم داعش والقاعدة) بإستهداف المسلمين وغير المسلمين في سورية والعراق ولبنان وغيرهم - إلى القدس عند «إعترافه» بأنها عاصمة لإسرائيل. وهذا وحّد تنظيمات أخرى تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في سورية (وهم سوريون) نحو هدف جديد باتجاه الحدود السورية - الإسرائيلية ليرسل هؤلاء جنودهم نحو الجولان المحتل ابتداءً. وقد أنتجت الحرب السورية - التي هدفت إلى تغيير النظام السوري - تنظيمات عقائدية تابعة لإيران، على غرار «حزب الله» اللبناني، ومُدرَّبة تدريباً عالياً من خلال الإستفادة من الخبرة القتالية التي أنتجتْها الحروب الإسرائيلية مع «حزب الله» والعمليات العسكرية والكمائن المتبادلة منذ العام 1982 ولغاية اليوم. ومن هؤلاء تنظيم «حزب الله سورية» و«قوات الرضا» و«لواء المختار الثقفي» و«لواء الإمام الباقر» و«فوج قمر بني هاشم» و«المقاومة الإسلامية القوة 313» و«لواء زين العابدين» و«سرايا الوعد» و«فوج رعد المهدي» و«لواء الحسين» و«الغالبون» وغيرهم ينتشرون على كامل الخريطة السورية.
وأهمّ ما حققتْه الحرب السورية لإيران هي العقيدة القتالية السورية التي تغيّرت من «موظفين» في الجيش السوري إلى عقائديين مقاتلين سيمثلون الدرع الواقي أمام التكفيريين في بلاد الشام، وكذلك قوات تتهيّأ لإستعادة الأراضي المحتلة من إسرائيل ومن غيرها، مثل أميركا وتركيا، إذا بقي هؤلاء في سورية من دون رغبة دمشق. ومن الواضح أن قواعد اللعبة في سورية قد تغيّرت وستتغير بعد ذلك لتتماشى مع الوضع الداخلي وكذلك الإقليمي ما ينذر بمقاومة تخدم مصالح سورية وروسيا.

انتهاء عملية إجلاء مرضى من الغوطة

جبهة إدلب تشتعل مع سقوط عشرات القتلى

دمشق - وكالات - دمشق - وكالات - تسببت المعارك العنيفة المستمرة بين القوات الحكومية وفصائل متطرفة ومقاتلة عند أطراف محافظة ادلب الخارجة عن سيطرة النظام منذ أكثر من عامين، بمقتل العشرات ودفعت عائلات الى النزوح.
وبعد شهرين من المواجهات المتقطعة، بدأت قوات النظام الاثنين الماضي بدعم جوي روسي، هجوماً واسعاً عند الحدود الإدارية بين محافظتي ادلب (شمال غرب) وحماة (وسط)، يهدف الى السيطرة على ريف إدلب الشرقي حيث استعادت عدداً من القرى والبلدات بعد طرد «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل اسلامية منها. وأحصى المرصد السوري لحقوق الانسان، أمس، مقتل «27 عنصراً من قوات النظام وحلفائها مقابل 20 مقاتلاً من الفصائل في الساعات الـ24 الأخيرة جراء المعارك» في بلدات عدة في محافظة ادلب.
وأشار الى مقتل 21 مدنياً على الأقل بينهم ثمانية أطفال، منذ اول من امس، جراء الغارات السورية والروسية الداعمة للهجوم في ريف ادلب الجنوبي الشرقي.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مقتل مصور قناة «سما» الفضائية الموالية للنظام كرم قبيشو، أمس، وإصابة مراسلها عبد الغني جاروخ «بنيران ارهابيي تنظيم جبهة النصرة» أثناء تغطيتهما للمعارك في ريف ادلب الجنوبي الشرقي.
وحسب المرصد، كثفت قوات النظام، أمس، «قصفها للمنطقة بشكل غير مسبوق منذ أشهر».
وشاهد مراسل لوكالة «فرانس برس» أعمدة الدخان تتصاعد من عدد من القرى والبلدات تزامناً مع دوي غارات كثيفة تنفذها طائرات حربية تحلق في سماء المنطقة.
وأعلنت المساجد في المناطق المجاورة عبر مكبرات الصوت إلغاء صلاة يوم الجمعة ودعت السكان لملازمة منازلهم.
وأفاد المراسل عن خلو قرى وبلدات من سكانها، كما شاهد عشرات السيارات المحملة بالمدنيين مع حاجياتهم تغادر المنطقة.
ونزحت منذ بدء الهجوم الإثنين الماضي، وفقاً للمرصد، مئات العائلات جراء كثافة الغارات.
وخرجت محافظة ادلب، الحدودية مع تركيا، عن سيطرة القوات الحكومية منذ العام 2015. وتسيطر «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) منذ أشهر على الجزء الأكبر منها، فيما يقتصر تواجد الفصائل الإسلامية على مناطق أخرى محدودة فيها.
وتوازياً، انتهت عملية اجلاء عدد من المرضى من منطقة الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام قرب دمشق، مع خروج 13 حالة طبية حرجة ليل اول من امس.
وكانت العملية بدأت الثلاثاء الماضي بعد اتفاق بين القوات الحكومية والفصائل المعارضة، تم بموجبه اجلاء 29 مريضاً مقابل إفراج الفصائل عن عدد مماثل من العمال والأسرى كانوا محتجزين لديها، حسب ما أفاد المرصد.
وقال مصدر طبي محلي في الغوطة الشرقية، أمس، «تم اجلاء 13 مريضاً هم ستة أطفال وأربع نساء وثلاثة رجال» في اطار الدفعة الثالثة من الاتفاق.