الخاتم: «Baims» منصة تعليمية وصلت إلى 13 ألف طالب
رمضان: لخطة توعوية تغّير الثقافة بخصوص الوظيفة الرسمية
المشروعات المبتكرة ترفع طموح الشباب بعيداً عن الراتب الشهري
العيسى: «بوتيكات» أصبح مسوّقاً لأكثر من 40 ألف منتج
العنزي: «التجارة» راعت المشاريع التكنولوجية في التراخيص متناهية الصغر
تأسيس وترخيص 79 مشروعاً من هذا النوع منذ أغسطس الماضي
الجوعان: «المشروعات» يشهد إقبالاً على التكنولوجيا الناشئة لتأثيرها العالمي
وافقنا على تمويل العديد من المشاريع المتعلقة بالتجارة والخدمات الإلكترونية
على مدى سنوات طويلة، لم يكن طموح الكثير من الشباب الكويتي، يتجاوز عتبة الحصول على وظيفة حكومية، تضمن لهم راتباً عالياً، ومكافآت «دسمة» في بيئة فيها الكثير من المزايا والقليل من العمل.
الوظفية الحكومية شكّلت حلقة مفرغة للسواد الأعظم من الشباب والفتيات، الذين باتوا يبحثون عن كرسي في هذه الوزارة، ومكتب في تلك الإدارة، بينما ترزح ميزانية الدولة تحت أعباء ضخمة لتغطية أجور ورواتب بمليارات الدنانير سنوياً.
النفق مظلم جداً بإجماع مختلف المرجعيات الاقتصادية العالمية والمحلية، ولكن هذا لا يمنع وجود بقعة ضوء من شأنها أن تشكّل بارقة أمل يمكن التعويل عليها جدياً للخروج من هذه الدوامة.
من وجهة نظر العديد من التقارير العالمية، وفّر هبوط أسعار النفط فرصة ذهبية لدول الخليج للخروج من «مرض» الاعتماد على النفط، بما يؤدي إلى الإصلاح المالي، وضبط النفقات، وتنويع مصادر الإيرادات، بيد أن كل ذلك يندرج تحت بند الجهد الحكومي، في حين كانت جهود فردية من نوع آخر تقوم على مبدأ أخذ زمام المبادرة والانطلاق نحو أفق جديدة بعيداً عن الوظيفة التي تقتل الإبداع، وترهن الإنسان لراتب نهاية الشهر.
أمسك المئات من أبناء الجيل الجديد طرف الخيط من خلال خوضهم غمار تجربة تعتمد على الابتكار والمغامرة في آن معاً، قبل أن يحصد الكثير منهم ثمار جهودهم ملايين الدنانير الناتجة عن صفقات أخرجت مشاريعهم الصغيرة وتطبيقاتهم الإلكترونية من إطارها المحلي، وأدخلتها باب العالمية على غرار تطبيق «طلبات».
الأسباب كثيرة، والداوفع أكثر لخروج شباب الجيل الحالي من متاهة «الكرسي والمكتب»، وهو ما دفع 5 شباب نحو إنشاء محتوى تعليمي على هيئة منصة إلكترونية تحمل عنوان «baims».
مدير المحتوى في المشروع، عبدالله الخاتم، أكد أن المشروع بدأ برأسمال 6 آلاف دينار فقط، قبل أن يصبح خلال عام واحد صاحب قاعدة عريضة من العملاء تصل إلى نحو 13 ألف طالب وطالبة.
وأوضح الخاتم لـ «الراي» أن محتوى المشروع الحالي يتضمن دورات تعليمية في مجالات برمجة التطبيقات وتصميم المواقع، ناهيك عن برامج التعليم الجامعية، بينما راعى أن تكون بعض مواده مجانية والأخرى مقابل تعرفة رمزية.
التخطيط ووضع الإستراتيجيات لم يغب عن مؤسسي التطبيق، الذين يعتزمون إضافة كافة المواد التعليمية لمختلف المؤسسات التعليمية المحلية، وهو ما سيؤدي لرفع عدد الطلاب - العملاء إلى نحو 67 ألف طالب وطالبة.
ووفقاً للخاتم، تتضمن الخطط فرص التوسع الخارجي أيضاً، خصوصاً وأن التوسّع الأولي سيكون خليجياً بداية من السعودية، ومن ثم تغطية منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سيحوّل المشروع من مجرد شركة متناهية الصغر إلى كيان استثماري ضخم.
وأكد الخاتم أن «من عوامل نجاح المشروع أن تكون الفكرة مبتكرة، ونابعة عن وجود فرصة لنموها في السوق، أو بمعنى آخر وجود أصل أي نشاط اقتصادي، وهو الحاجة ليصبح المشروع آلية (إشباع) تلك (الحاجة) وهنا تبدأ أولى الخطوات».
وأكد الخاتم أن «baims» أصبح مستقبله المهني بعد التخرج، إذ إن حلم الوظيفة الحكومية المستقرة لم يعد يراوده، خصوصاً وأن الارتباط بالراتب الشهري لا يقارن بالخطوة التي شرع بها والتي تقود إلى صناعة الثروة، وتمتد إلى خلق وظائف للآخرين.
رمضان
الخبير الاقتصادي، محمد رمضان، يرى أن الدولة تحتاج إلى خطة توعوية كاملة لتغيير ثقافة أمن وأمان الوظيفة الحكومية، وإطلاق أفكار الشباب نحو التجديد والابتكار في مشروعاتهم الخاصة، وتحمل المخاطرة، وصولاً إلى قدرتهم على التعاطي مع بيئة الأعمال ورفع مستوى طموحهم نحو صنع الثروات من خلال العمل الخاص.
وأشار رمضان إلى أن توجّه الدولة نحو هذا الأمر سينعكس بصورة إيجابية جداً على الموازنة العامة، خصوصاً لجهة تقليل الإنفاق بصورة كبيرة على الباب الأول للمصروفات، الذي يُعنى بالمرتبات وما في حكمها، إذ يلتهم وحده نحو 54 في المئة من إجمالي قيمة مصروفات الموازنة، بحجم إنفاق يصل إلى 10.7 مليار دينار.
وشدّد على أن دعم فكر الشباب الكويتي تجاه صناعة الثروة بدلاً من الوظيفة الحكومية سيوفر على الدولة أوجه إنفاق متزايدة على باب المرتبات، مما يعطي القائمين على السياسة المالية للدولة حرية أكبر في توجيه الوفر في مصروفات ذلك الباب إلى أبواب أخرى تسهم بدعم أوجه الإنفاق الرأسمالي والاستثماري.
وبيّن رمضان أن المشروعات التكنولوجية الناشئة غيّرت مفهوم بعض الشباب تجاه سوق العمل، حيث أرست مبادئ جديدة لصناعة الثروة بدلاً من انتظار الوظيفة، إذ تعتمد على الابتكار والجهد الذاتي للمبادرين كركيزة أساسية، جعلتهم يتغلبون على عائق رأس المال اللازم للبدء بالمشروعات التقليدية.
وأوضح أن تلك النوعية من المشاريع يتوافر لها العديد من عوامل التميز والتنافسية مقارنة بغيرها، موضحاً أن غالبيتها لا تحتاج إلى أعداد كبيرة من العمالة، كما يمكن توسيع رقعتها الجغرافية بسهولة ودون تعقيدات كبيرة، وبالتالي يمكن تحويل نجاحاتها من النطاق المحلي إلى آخر إقليمي في وقت قصير جداً، خصوصاً وأنها تعتمد على التكنولوجيا وسرعة انتشارها وتسويقها، حيث تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في تسويق تلك المشاريع التي غالبا ما تكون على شكل تطبيقات يمكن استخدامها من خلال الهواتف الذكية، كما أن المشاريع الناجحة منها تحقق نمواً كبيراً جداً وبسرعة قياسية.
«بوتيكات»
من ناحيته، لم يكن المبادر، عبدالوهاب العيسى، يعلم مع بداية مشواره العملي، أن مشروعه التكنولوجي الناشئ «بوتيكات» سيحصد كل هذا النجاح.
فكرة المشروع بدأت من عمل العيسى السابق في الإعلانات الفردية للمشاهير، والتي لاحظ خلالها ارتفاع مبيعات ما يرتدونه خلال الإعلانات، لتأتي فكرة «بوتيكات» بهدف تسويق تلك المنتجات.
يقول العيسي إن «موقعه وتطبيقه الإلكتروني الذي أطلقه قبل عامين يختص بتسويق مواد التجميل والكماليات عبر الإنترنت، فيما ينتشر عملاؤه بدول الخليج الست»، موضحاً أن «المشروع كان نتاج ملاحظه بسيطة، نضجت لتصبح فكرة، قبل أن تتطور في وقت لاحق لشركة ذات مسؤولية محدودة، استطاعت خلال عامين فقط أن تكون مسوقاً لأكثر من 40 ألف منتج من منتجات التجميل، وأن تسجل نحو مليون طلب شراء من الخليج ككل».
ورأى العيسى أن نجاح المبادر في مشروعه يجب أن يكون مقرونا بالتخلي عن فكرة الوظيفة الآمنة والراتب الثابت، وأن يكون مؤمناً بصناعة الثروة ليرتفع سقف طموحه، ويطلق العنان لأفكاره المبتكرة، ويبدأ التنفيذ.
وذكر أن تقييم «بوتيكات» بعد عامين من التشغيل تجاوز بمراحل قيمة صفقة شراء موقع «طلبات» الذي بلغت نحو 50 مليون دينار، مبيناً أن ذلك ظهر بعد تلقي أحد عروض الشراء، إذ سجل التقييم المقدر حينها أعلى قيمة مشروع ناشئ بتاريخ الكويت.
وأرجع العيسى السبب في ذلك إلى سمات الابتكار والتخصص التي يتميز بها «بوتيكات»، والتي انطوت على فكرة مستحدثة ومتخصصة بمجال واحد راعت خلاله العديد من العادات والتقاليد، واحتياجات عملاء تلك المنتجات لتوفر فرصة ثرية بخيارات الشراء، مع مراعاة أن تكون آلية التسوق سريعة ومريحة وسلسة.
ولفت إلى أن المشاريع التكنولوجية الناشئة لا تحتاج إلى رأسمال بأرقام كبيرة في الكثير من الحالات، خصوصاً إذا كانت أفكارها مبتكرة، وتلبي حاجة العملاء بالصورة التي يريدونها، مشدداً في الوقت ذاته على أن تلك العوامل تعد أساساً في معدلات النمو، وكذلك الممول الأساسي لخططه المستقبلية.
وأشار إلى أن خطط «بوتيكات» للتوسّع في الوقت الراهن تنصب على منطقة الشرق الأوسط، بجانب دائرة عملها المنتشرة في الخليج.
العنزي
بدوره، يقول المتحدث الرسمي في وزارة التجارة والصناعة، محمد العنزي، إن المجال أصبح مفتوحاً أمام المبادرين الشباب في المشاريع التكنولوجية الناشئة من أجل العمل بصورة رسمية، وذلك من خلال الترخيص للأعمال الحرة متناهية الصغر، والتي يباشرون العمل فيها دون محل تجاري.
وذكر العنزي أن هذا النوع من التراخيص، متاح للمبادرين ممن هم فوق 21 عاماً، ما يفتح الآفاق أمامهم للعمل الحر بسهولة، مبيناً أن «التجارة» راعت في لائحة الأعمال الحرة متناهية الصغر نشاط المبادرين التكنولوجيين، فوضعت ضمن الأنشطة المسموحة، تصميم وبرمجة البرمجيات الخاصة (التطبيقات الإلكترونية)، وكذلك صيانة برمجيات، وتصميم صفحات المواقع، ناهيك عن تصميم المواقع الإلكترونية.
وكشف العنزي عن وجود إقبال متزايد على هذا النواع من التراخيص منذ بدء العمل بها وفقاً للقرار الوزاري رقم (330 لسنة 2017) الصادر في أغسطس الماضي، حيث بلغ عدد عمليات التأسيس والترخيص 79 عملية تنقسم إلى تأسيس 59 شركة، وترخيص 20 آخرين منذ صدورالقرار، يختصون بصيانة برمجيات وتصميم صفحات المواقع، وتصميم وبرمجيات خاصة (تطبيقات إلكترونية)، وترخيص عمل حر لتصميم المواقع الإلكترونية.
وبيّن أن القرار وضع الإطار القانوني لهذه المشاريع التي تعتمد على الإبداع الفكري، وذلك بما يتوافق مع متطلبات التنمية الاقتصادية، والتي يمكن من خلالها قياس الاقتصاد المبطن لهذه الأعمال، مشددا على أهمية تلك المشروعات لكونها تعتمد بالدرجة الأولى على أفكار مبتكرة من الشباب، ومن ثم جهودهم الشخصية لتتحول إلى كيان اقتصادي متكامل.
وذكر العنزي أن «التجارة» مستمرة في جهودها نحو المزيد من الدفع لعجلة التنمية الاقتصادية من خلال رعايتها لمثل هذه المشروعات، مشيراً إلى تشكيل لجنة مختصة داخل «التجارة» وبعضوية العديد من الجهات الحكومية ذات الصلة، وتضم أيضاً ممثلين عن القطاع الخاص لتلمّس السبل الكفيلة بتطوير هذه المشروعات.
ولفت إلى أن الجميع يسعى لدعم الاقتصاد عبر دفع عجلة تنمية هذه المشروعات، باعتبارها أحد المقومات الأساسية في الاقتصاد.
الجوعان
كشف رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، عبدالله الجوعان، أن الصندوق يشهد إقبالا من المبادرين على المشروعات التكنولوجية، مرجعاً السبب في ذلك إلى طبيعتها النوعية، وما تتمتع به من تأثير لا يقتصر على المستوى المحلي فقط.
وقال الجوعان لـ «الراي» إن هذه المعطيات تتيح المجال لتلك المشروعات من أجل النمو والتطور لتتحول من مشروعات صغيرة إلى كيانات اقتصادية عملاقة مؤثرة، مؤكداً أن الصندوق وافق على تمويل العديد من هذه المشروعات، والتي تتعلق جميعها بالتجارة والخدمات الإلكترونية، وتصميم المواقع على شبكة الإنترنت.
ولفت إلى أن أصحاب هذه المشروعات يتمتعون بمواهب متميزة وأفكار إبداعية في الصناعات التكنولوجية، ولذا فقد احتضن الصندوق عدداً من المشروعات التكنولوجية الناشئة، والتي بدأت بفكرة وتطورت إلى مشروعات صغيرة ومتوسطة من خلال أحد برامج الاحتضان.
وكشف عن نية الصندوق تكرار هذه التجربة بالشراكة مع الحاضنات في القطاع الخاص والجامعات والكليات، ولذلك فهو يسعى جاهداً لتذليل الصعوبات أمام هذه المشروعات، وخلق أدوات تمويلية أخرى لها، وتوفير البنية التحتية التي تساعد على الابداع والابتكار، وبناء الشراكات مع المؤسسات التكنولوجية العالمية لتأهيل وبناء قدرات المبادرين.
وأوضح الجوعان أن الصندوق يعمل في الوقت الراهن على تطوير برامج تمويلية وخدمات تدريبية تتعلق بالصناعات التكنولوجية مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، و «Blockchain» والشبكات الحاسوبية المترابطة.
وشدد «يأتي اهتمام الصندوق الوطني بهذا النوع من المشروعات باعتبارها إحدى ركائز الثورة التكنولوجية، كونها تتسم بالتغيير والديناميكية، خصوصاً وأنها في ظل الثورة والتطور المشهود بمجال صناعة التكنولوجيا، أصبح من المحتم علينا مواكبتها، كما أنها تُسهم وبشكل مباشر في خلق فرص عمل متوافقة مع بنية المجتمع وطموحات الشباب الذين وصلوا لدرجة وعي كبيرة في ما يتعلق بمميزات العمل الحر والاستثمار في المشروعات عوضاً عن القبول بالوظائف العامة».
10 آلاف باحث عن عمل
تشير البيانات الرسمية لديوان الخدمة المدنية إلى أن عدد الباحثين عن عمل وفق المستوى التعليمي، ومسجلين لدى الديوان يبلغ نحو 10.08 ألف مواطن ومواطنة، فيما يبلغ عدد فرص العمل الشاغرة نحو 11.9 ألف فرصة وظيفية مختلفة.
وفي هذا الإطار، يعتبر رمضان، أن عدم التوافق بين احتياجات سوق العمل ومؤهلات الباحثين عن وظيفة تناسب مؤهلاتهم يمثل أحد أسباب البطالة الاختيارية، إذ ينظر الراغبون في العمل إلى الأمر على أنه غير مناسب لطموحاتهم، وهو ما يتطلب استقطابهم عبر برامج متخصصة لبلورة طموحاتهم والخروج من نفق انتظار الوظيفة والراتب الآمن، لينضموا إلى قافلة صناع الثروة الجدد.
ملايين «طلبات» حفّزت الشباب
في فبراير من العام 2015، أعلنت شركة الإنترنت الألمانية العملاقة (روكت إنترنت) استحواذها على شركة «طلبات دوت كوم» الكويتية المختصة بتوصيل طلبات المطاعم مقابل نحو 150 مليون يورو، ما جعلها محفزاً أساسياً للشباب المبادرين.
وتقدم «طلبات» خدماتها إلى جانب الكويت في السعودية، والإمارات، والبحرين، وعمان، وقطر.
يُذكر أن «روكيت إنترنت» التي تطور شركات الإنترنت في مجال التجارة الإلكترونية، وتوصيل الخدمات على وجه الخصوص، أعلنت سابقاً عن ضخ استثمارات بقيمة 496 مليون يورو في الموقع الإلكتروني الألماني لتوصيل طلب المطاعم (ليفرهيلد).
كما اشترت «روكيت إنترنت» قبل أكثر من عامين 9 خدمات إلكترونية أخرى لتوصيل الطلبات في دول متعددة مثل إسبانيا، وإيطاليا، وباكستان، وماليزيا، وسنغافورة.
وتبلغ قيمة «روكيت إنترنت»، التي يديرها الأشقاء أوليفر ومارك وألكسندر زامفر في البورصة نحو 8 مليارات يورو.