عاد المخرج اللبناني سيمون أسمر إلى الأضواء من خلال مشاركته في لجنة تحكيم برنامج «ديو المشاهير» وعاد لإثارة الجدل بمواقفه وآرائه عن الفن والفنانين.
العودة لـ «صانع النجوم»، لا يمكن أن تمرّ بهدوء شخصيته، بل لا بد أن يصاحبها لهب كالنار التي أوقدها على الأرض لعشرات السنين، كي تحاكي نور نجوم السماء. سيمون أسمر تحدث كثيراً في حواره مع «الراي»، عن معظم نجوم ونجمات لبنان، فتطرق إلى أسماء كثيرة، تارة تناول تجارب شخصية مع بعضهم، وطوراً أعطى رأي المخضرم في حِرفة قولبة الفنان النجم.
المخرج العائد، وإن كان من خلال عضو لجنة تحكيم في برنامج، إلا أن له موقفاً من برامج الهواة الفنية الحالية، تحمله رؤية مبتكر هذا النوع من البرامج في لبنان والمنطقة العربية.
* تطل حالياً إلى جانب أسامة الرحباني ومنى أبو حمزة في لجنة تحكيم برنامج «ديو المشاهير»، ما الإضافة التي يمكن أن يقدّمها لك وجودك فيه؟
- البرنامج يقدّم لي التسلية بانتظار العودة إلى الساحة، علماً أن وجودي فيه ليس في إطار وظيفتي الفعلية، بمعنى أنه لا يمكنني الحكم على أشخاص لم يشاركوا فيه من أجل امتهان الغناء، بل في سياق مهمة معيّنة يغلب عليها الطابع الإنساني. وفي مثل هذه الحالة، ماذا يمكن أن أقول لهم، وهل يمكن أن أصحح صوتهم؟ ها هو صوتهم ولا يمكن أن يُصحح.
* هناك مَن يرى أن المشتركين يخافون من رأي أسامة الرحباني تحديداً. كيف تعلّق على هذا الكلام؟
- أسامة شخص أكاديمي، مثل أستاذ المدرسة. الفارق بين أستاذ المدرسة والناظر هو أن كليهما يفهمان في قوانين المدرسة ويساعدان التلاميذ، ولكن الناظر يحنّ على التلميذ أكثر لأنه يتعرّض للقسوة من الأساتذة، ولذلك فإن دوري أخفّ من الأستاذ في تَناوُل التفاصيل، وذلك كي لا يتأثّر المشتركون سلباً. وأسامة لا يمكن تغييره، لأن شخصيّته هي كذلك. أنا لا يمكنني أن آخذ دور أسامة، لأنني أعرف مسبقاً أنني لا يمكن أن أوجّه إلى المشتركين أي نقد لأن الغناء ليس مهنتهم المستقبلية، ولا يمكننا إلا أن نشكرهم لتضحيتهم لأنّهم أشخاص يعملون في مهنة معيّنة وناجحون فيها، ويمكن من خلال انتقادنا لهم أن نُفْسِد مهنتهم الأساسية.
* كنت أوّل مَن أتى بفكرة برامج الهواة، والكل يعترف بأن النجوم الموجودين حالياً على الساحة تخرّجوا من برامجك وفي مقدّمها «ستوديو الفن». في رأيك لماذا لا تُخَرِّج برامج النجوم التي تُعرَض حالياً نجوماً إلا في ما ندر؟
- «ستوديو الفن» ليس مجرّد برنامج هواة ومنوّعات، بل هو برنامج وطني وكان الهدف منه إغناء لبنان بنجومٍ من جميع الفئات. ويجب ألا ننسى أن ثلاثة أرباع مقدمي البرامج تخرّجوا منه. وكذلك الموسيقيون وقادة الأوركسترا، فحتى مَن لم يكونوا معروفين ساهم «ستوديو الفن» بشهرتهم. وبالرغم من أهمية إحسان المنذر، لكن أحداً لم يكن يعرفه. ومع كل القيمة الفنية التي يتمتّع بها زكي ناصيف، هل هناك مَن كان يعرفه قبل أن يطلّ في البرنامج العام 1972؟ هو كان منسياً وكان الناس يعرفونه من خلال بعض الأغنيات في الإذاعة. ونحن كان دورنا تلميع اللجنة واكتشاف الهواة ومواكبتهم ومساعدتهم على اختيار اللون الذي يناسبهم، وهذا ما لا تفعله اليوم محطات التلفزيون التي تبحث كلها عن التجارة.
* ميزة «ستوديو الفن» أن لجنة التحكيم فيه كانت تضم أكاديميين، بينما لجان التحكيم في برامج الهواة الحالية تضم نجوماً مغنين، وهناك مَن يرى أن البعض منهم مؤهّل والبعض الآخر ليس مؤهلاً لتقييم المواهب. ما رأيك بهذه الناحية؟
- هم لا يهمّهم إذا كان الشخص الذي يحكم على المواهب مؤهلاً أو غير مؤهل، بل أن يكون في اللجنة نجم يحبّه الناس. الهدف من البرنامج ليس تحقيق الشهرة لمغنٍّ، بل كل الأضواء تتركّز على اللجنة التي تلعب دوراً من خلال «تمثيلياتها وخلافاتها وأخبارها» بإزاحة الأضواء عن المغنين - المواهب الذين يحتلّون في الواقع المرتبة 2 في البرنامج، وهذا لا يجوز. عندما يقولون للمغني «أنت أهم صوت مرّ في البرنامج وأنت نجم آيدول» وبعد 4 أو 5 أسابيع، يجد نفسه خارج البرنامج. لماذا أعطوه هذا الأمل؟ هم أوصلوا الملعقة إلى فمه ثم سحبوها وأعطوها لغيره. لا يحق لأحد أن يفعل لك بشخص يبحث عن مهنة له. نحن لم نكن نركّز الأضواء على أحد ولم تكن اللجنة تقول لأحد «انت بتجنن»، بل كانت توجّه إليه النقد بهدف المساعدة، والنتيجة كانت توضع في مظاريف مقفلة، وكنا نقوم بما يساعد المشترك على أن يكون مجتهداً حتى اللحظة الأخيرة.
* مَن يلفت انتباهك من أعضاء لجان التحكيم في برامج الهواة الحالية؟
- لا أحد. لأن تقييهم ليس أكاديمياً.
* هل هذا يعني أن تقييم كاظم الساهر وصابر الرباعي وعاصي الحلاني وراغب علامة لم يكن جيدا؟
- أنا لم أتابعهم، وكنت أكتفي بمتابعة حلقتين ثم أتوقف بسبب وجعي على المشتركين.
* ألا ترى أن صابر الرباعي وكاظم الساهر أكاديميان؟
- ولكنهما لم يكونا يقيّمان المشتركين، بل يقولان «انت بتجنن وصوتك حلو وأنا أريدك في فريقي». أين هو التقييم؟ الإجماع على المشترك لا يكون عبر شخصين أو ثلاثة، بل على الأقل من 7 أو 8 أشخاص في اللجنة كي يكون هناك تنوّع في الأذواق، وتمثيل للشعب.
* هل نفهم أنك ضدّ وجود فنان في لجنة تحكيم؟
- هذا موقفي منذ زمن بعيد، في حال كان الفنان يزاول المهنة وليس متقاعداً. مَن هم في لجان التحكيم لا يزالون شباباً وليسوا في الستين أو السبعين ولم يَخِفّ وهْجهم، وكلهم نجوم مجتهدون ومتألّقون وفي المراتب الأولى. الإنسان هو إنسان، وحتى لو أنه لم يتعمدّ، فإنه في لا وعيه لا يمكن أن يختار الأفضل كي يصبح نجم الغد. يجب الإقلاع عن هذه الفكرة نهائياً. ولذلك، كل الذين وصلوا إلى الألقاب إما «ناصحين أو قصار أو بشعين». الصورة التلفزيونية يجب أن تكون حلوة كي تكون لدينا رغبة بالنظر إليها.
* لكن هناك مَن تخرّجوا من برامج هواة وأصبحوا نجوماً وبينهم ملحم زين؟
- ملحم زين مثل القمر.
* أنا أقصد أنه تخرّج من برنامج هواة؟
- يجب ألا ننسى أنه فاز بالميدالية الذهبية عن فئة محمد عبدالوهاب، وكذلك بكأس الجمهور في برنامج «كأس النجوم»، وهذا يعني أنه تم تقييمه قبل أن يتوجّه إلى برنامج آخر. مَن يفوز بكأس عبدالوهاب، من المؤكد أنه لا يغني «تشتك بمبم». عندما قدّم له الكأس الراجل جورج ابراهيم الخوري مع ثلاثة أشخاص في اللجنة، فهذا يعني أننا لم نكن نلعب.
* كيف تعلّق على ردّ راغب علامة بعد إطلالتك الاخيرة حين أكد أن والدته هي التي دفعتْ له المال؟
- ما قاله غير صحيح. عندما بدأ راغب في الثمانينات، كان يعرفني وإحسان المنذر، وكان يُحْضِر الأغنيات إلى بيتي ويُسْمِعني إياها وأختار بينها الأفضل، وجيراني في زوق مكايل يشهدون أنه كان يتردّد إلى بيتي وينام عندي. هذا أولاً، وثانياً الكلّ يشهد أنه كان يستبدل سيارته بسيارتي للذهاب إلى أماكن الحفلات التي يغني فيها، «مش عيب وأنا ما عم ربّحوا جميلة»، ولكنني «أربّحه جميلة بشغلة واحدة» وهي أننا كنا نقف في الحديقة عندما قال لي «ما فيّ كفّي والبلد واقف وإشتغل بـ 15 ألف ليرة بفاريا. ما عندك شي برا؟»، فاتصلتُ بصديق لي يملك مطعماً في باريس وقلت له: أريد عملاً لشاب متخرّج ومعه شقيقه يعزف على الغيتار و«بدن يكونوا آكلين شاربين نايمين»، فقال لي «توجد عندي غرفة مرتّبة فوق المطعم ومعها حمام»، فقلت له «حسناً، كم ستدفع له كل ليلة؟»، فأجابني «أنا لا أدفع للموسيقي عادة، لأنني أتعامل مع موسيقيين من داخل البلد وأدْفع لهم بحسب التسعيرة في فرنسا، ولكن بما أنه قادم من لبنان بشوف شو بِدْفعلوا، وأنا بدْفع للمغنّي 100 فرنك في الليلة». فقلتُ لراغب «جهّز الباسبور وأمّن فيزا عمل»، وتَواصل معه وسافر إلى فرنسا ثم عاد. لكن بناء على ردّه أقول لراغب «عيب» سواء باعت والدته أرضاً أو أساور من أجل «التيكيت»، فأنا لن أدفع ثمن بطاقة السفر من جيْبي، لأنه لم يدفع لي قرشاً واحداً بدل أتعاب على أي شيء، وإذا قال العكس فليقل لي متى وليُبْرِز الوصْل. راغب علامة ووليد توفيق هما الوحيدان اللذان اشتغلت لهما لوجه الله.
* لماذا؟
- لأننا لم نكن قد بدأنا العمل بشكل محترف، وكنا نسهّل لهما العمل من أجل تحقيق الشهرة فقط، وأنا كنت أفرح بذلك لأنهما تخرّجا من «ستوديو الفن». «ما حدا يهتّني منن انو دفع فرنك او أَحْضر لي هدية». عندما كنتُ أمرض كان وليد يحضر لي هدية، وهذه واجبات بين الجار والجار والتلميذ لأستاذه.
* اليوم تُعتبر إليسا من بين أهمّ نجمات لبنان، لماذا لم تؤْمِن بها كفنانة ولم تقدّم لها الدعم؟
- لم أؤمن بها لأنها عندما بدأتْ كان معي وائل كفوري وعاصي الحلاني ونوال الزغبي وماجدة الرومي، وكنت أركّز كل اهتمامي عليهم، ولم يكن لديّ وقت لها، لأن صوتها لم يكن مُقْنِعاً لأن تكون مغنية، ولكنها ذكية، لأنها اعتمدت أسلوب غناء فرنسواز هاردي التي كانت «توشوش توشوش وتغني عالواطي». ومع الوقت «ظبطت حالها» وصارت حلوة، عدا عن أنها متعلّمة، وهي ساعدتْ نفسها، بالرغم من صوتها الصغير. لكن إليسا ليست نجمة مسارح، بل نجمة اسطوانة. نجوم المسارح هم راغب علامة ووليد توفيق ونوال الزغبي ومادونا في أيامها.
* مَن هي الفنانة التي تعتبرها نجمة لبنان الأولى؟
- النجومية لا تتحقق بيوم أو يومين أو سنة وسنتين، ومن هم «منجّمين» اليوم وأغنياتهن ناجحة لا يمكن أن نعتبرهنّ نجمات لبنان. يوجد اليوم الكثير من النجمات، ولكن نجوميتهن لسيت ثابتة، ومن العام 1994 وحتى اليوم فإن الفنانة الوحيدة التي ثبتت نجوميتها من خارج «ستوديو الفن» هي نانسي عجرم.
* وميريام فارس؟
- ميريام تخرّجتْ من «ستوديو الفن» وهي ثبتت نجوميتها بالمثابرة. ميريام غنّت نحو سبع سنوات بشكل ليلي، والغناء الليلي هو بمثابة مسرح لأنه يجعل الفنان يعتاد على الناس وماذا يحبون. هو أهم مدرسة. إلى ذلك، فإنها تنوّع في غنائها، ولكن نجمة لبنان بالغناء والصوت وعدد الأعمال والقيمة هي نجوى كرم، وفي الوقت الحاضر هي وريثة الكبار.
* وبالنسبة إلى النجوم الرجال؟
- عندما نتحدث عن نجومية تمثّل لبنان، لا يمكن أن نتحدث عن نجومية أغنيات عادية، لأنها تعني تراجعاً في الذوق الفني. هناك فارق بين الأغنية اليومية الحلوة وبين الأغنية الثابتة التي تُرافِق الفنان في حاضره وماضيه ومستقبله. في الأغنية الثابتة أنا لا أجد أحداً. كان هناك ملحم بركات لأنه كان قيمة فنية، يَجمع بين التلحين والغناء والحضور المسرحي اللافت. هو ليس من المغنين الذين نملّ بعد سماع 4 أو 5 اغنيات منهم. وهنا أسأل لماذا اليوم يجمعون مغنييْن أو ثلاثة في الحفل الواحد؟ أحب أن أعرف الجواب.
* وبالنسبة إلى راغب علامة وعاصي الحلاني ووائل كفوري؟
- كلهم نجوم في صف واحد.
* ماذا تقصد؟
- كلهم بمستوى واحد ونجوم صف أول. عندما أتحدث عن نجوى، لا أتحدث عن ماجدة الرومي وجوليا والمغنيات اللواتي يقدّمن ريسيتالات فقط، بل عن المغنّيات القريبات من الناس. حتى فيروز التي تحيي حفلاً يحضره 15 ألف شخص، فإن نجوى ليست أقلّ منها قيمة، لأنه يمكن أن يحضرها 50 ألف شخص في 15 حفلة.
* وبالنسة إلى رامي عياش وملحم زين وفارس كرم، هل هم في نفس القائمة مع عاصي الحلاني ووائل كفوري وراغب علامة؟
- إذا لم يكونوا إلى جانبهم من الجهة اليمنى، فهم إلى جانبهم من الجهة اليسرى.
* ووائل جسار؟
- لا أعرف عنه شيئاً ولم أحضره في حفلة، ولكن من خلال لقاءاته على التلفزيون أجد أنه مرتّب، ولكنني أريد مغنّياً صاحب شخصية ينفرد فيها. أشعر بأنه خجول و«مش ماخد مجده كمغني». نوع أغنياته البطيئة والحزينة تمنعه من الانفجار.
* ومايا دياب وهيفاء وهبي؟
- مايا دياب تنافس إليسا لأنهما يقدّمان نفس نوع الأغنيات. وإذا استمرّت على نفس المنوال فإنها تأخذ مكانها بسهولة أو تسير إلى جانبها. خلال عامين، صارت مطلوبة للحفلات ليس لوحدها، وعندما يريدون فناناً وفنانة لحفل واحد (مشترك) يختارون مايا لأنها جديدة وحلوة ومتحرّكة على المسرح، كما أن صوتها مقبول.
* وهيفاء وهبي؟
- وكأن نجمها تَراجَع.
* هل تفضّل أن تتجه إلى التمثيل؟
- هي ليست مغنية في الأساس، وهي تقول إنها اعتمدتْ «ستيل» معيّناً. المشكلة أن الدول العربية لا تساعد، ولو أنها في أوروبا أو أميركا لكانوا أقاموا لها استعراضات كبيرة. حتى مايا دياب لو توافرتْ لها إمكانات يمكن أن تصبح عالمية.