أجمع المشاركون في ندوة «المسؤولية عن الخطأ الطبي»، على ضرورة إنشاء هيئة تحكيمية طبية مستقلة لفض المنازعات الطبية والتغطية التأمينية على الأطباء، مع وجود محكمة جزائية ونيابية.
وفتح معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية ملف الاخطاء الطبية، في ندوة أول من أمس، شارك فيها عدد من الجهات الحكومية وجمعيات النفع العام ومختصون بالقانون الجنائي والطب الشرعي والتحقيقات الطبية.
في البداية، تحدث استشاري القانون الجنائي للاعمال التجارية واسواق المال بكلية الحقوق بجامعة الكويت الدكتور حسين بوعركي، عن وجود دراسة قانونية لتشريع طبي يعالج قضية الاخطاء الطبية عند الاطباء، مطالبا بانشاء هيئة طبية مستقلة لتسوية المنازعات.
وأكد بوعركي انه وبعض الجمعيات الطبية بصدد الاتفاق مع قياديي وزارة الصحة، لتشكيل «لجنة صحية قانونية فنية، لمراجعة التشريعات الطبية، وإنشاء مركز لتسوية المنازعات ومحكمة متخصصة لتوحيد الاحكام القضائية».
وقال بوعركي «يجب ان يكون هناك قانون مستقل بالمسؤولية الطبية لتشعباتها المتعددة»، مبينا ان «من المعيب محاسبة الاطباء على قانون عفَّى عليه الزمن منذ اكثر من 57 عاما دون تطوير».
ورأى ان «غياب تنظيم تشريعي ينظم مهنة الطب، أدى إلى أن تعرض الطبيب لمساءلة غير عادلة، والمساءلة الجزائية هي المهيمنة، لانها تأتي بإجراءات تمس بشخص الطبيب، الامر الذي يهدد عمل ووجود الاطباء، لذلك يجب ان تكون المساءلة الجزائية بأضيق الحدود».
وأوضح بوعركي قائلا «يجب ان تكون الهيئة مستقلة تتوافر فيها الكفاءة الفنية حتى لا يتم التشكيك فيها من قبل ادارة الطب الشرعي بوزارة الداخلية، ولا وزارة الصحة، وان يتم توفير ضمانات الاستقرار لايضاح الافصاح والشفافية للاطباء، وقت وقوعهم بالخطأ او وقت تبرأتهم».
وبين ان «قضية الاخطاء الطبية التي يقع بها الاطباء ليست قضية قانونية، بقدر ما هي قضية مجتمعية باتت تقلق المجتمع الكويتي، بسبب تداعيات العمليات الجراحية التي تجرى داخل المستشفيات الحكومية».
وقال «اصبح لدى الأطباء هاجس كبير من تعرضهم للمساءلة على نحو يخل بالعدالة من وجهة نظرهم، وان ما يتعرضون له لا يتناسب مع الإجراءات القانونية السليمة»، مؤكدا ان «المسؤولية الجزائية بالكويت لا تبدأ الا بالاحوال غير الاضطرارية، ومتى ما ثبت ان العمليات غير اضطرارية، يمكن الحديث عن الخطأ الطبي»، مبينا ان «هناك مادتين بالقانون الكويتي تجرم الاخطاء الطبية، وهي القتل الخطأ والمادة 164 الموجودة بقانون الجزاء العام».
ولفت الى انه «في قانون الأطباء وطب الاسنان والمهن المعاونة، لا يوجد تجريم الا في مادة واحدة تتعلق بالتراخيص، ولا يوجد هناك اي تجريم او تنظيم للمسؤولية الجزائية، عدا نص عام في قانون الجزاء، على عكس القانون الاماراتي، الذي خصص قانونا مفصلا مكونا من 45 مادة، والقانون الفرنسي الذي خصص اربعة تشريعات للمسؤولية الطبية».
وبين ان «المشكلة التي تواجه الاطباء بالكويت ان الخطأ الطبي يترجم فورا الى جريمة قبل ثبوت الخطأ الطبي، ما يعد مخالفة لقرينة البراءة المفترض توافرها لاي متهم»، مؤكدا انه من الخطأ الاعتماد على تقارير ادارة الطب الشرعي لعدم اختصاصها.
من جانبه، اكد مدير ادارة الطب الشرعي واستشاري الطب الشرعي بالادارة العامة للادلة الجنائية بوزارة الداخلية الدكتور أسعد طاهر عدم وجود ثقافة لدى المجتمع الكويتي حول الفرق ما بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية.
وأضاف طاهر «اغلب الاخطاء في المستشفيات هي مضاعفات طبية وليست اخطاء، مبينا ان ادارة الطب الشرعي ليست جهة اختصاص، وانما التحقق من الاجراءات المتخذة من قبل الطبيب محل الشكوى، والتثبت من صحة الخطوات، للتأكد من مدى مخالفته للاصول الفنية المتعارف عليها عالميا».
وبين ان «عدد القضايا المدنية والجنائية المحالة الى الطب الشرعي تصل الى 450 قضية شهريا، يقوم على تشخيصها 15 طبيبا منهن 7 طبيبات»، مؤكدا ان «اجمالي قضايا المسؤولية الطبية منذ 2004 الى 2017 زادت بمعدل 900 في المئة، وان 90 في المئة من قضايا المسؤوليات الطبية لا تحتاج الى كشف طبي كونها ملفات علاج».
وذكر انه «ليس من الضروري ان ينتج عن كل خطأ طبي ضرر»، مشيرا الى «وجود قضايا متضاربة من المخجل التطرق لها»، مؤكدا ان «الكثير من أطباء التجميل يمارسون اعمالهم دون تراخيص صحية».
وقال «في قضية فلاح الصواغ وفي قضية اخرى بمستشفى الجهراء، تم إلقاء اللوم على عدد من الاطباء بعضهم هرب خارج الكويت، تخوفا من تحمل المسؤولية»، مطالبا الاطباء بضرورة شرح المضاعفات خطيا ومكتوبة للمريض قبل اجراء العملية.
من جهته، بين مقرر اللجنة العليا للتحقيقات بوزارة الصحة الدكتور مبارك الكندري، وجود 300 دراسة فنية بقسم الارشيف الطبي، تم اجراؤها، لاستبيان الفروقات ما بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية.
وقال ان جميع الدراسات اجمعت على ضرورة اجراء التحقيق من قبل لجنة طبية مختصة كل في مجاله، لدراسة الحالة والخروج بنتائج واضحة حول ما اذا كان السبب خطأ طبياً ام مضاعفات طبية.
وقال من «الصعب إلقاء القبض على الطبيب، وان تكون سمعته رهن حديث الدواوين وإهانة مهنته من خلال وضع (الكلابشات) بيده»، مؤكدا ان «لا احد يستطيع اثبات تعمد الطبيب بإضرار المريض وان الطبيب ليس آلة لعدم الوقوع بهامش من الخطأ».
وأيد الكندري المطالبات بإنشاء هيئة تحكيمية طبية لضمان حقوق الاطباء والمرضى، مع مراعاة خصوصية الطبيب، وايجاد تغطية تأمينية تؤمن تعويض الخطأ غير المقصود للمريض.