المصارف الإسلامية باتت تشغل حيزاً واضحاً بالاقتصاد العالمي

النشمي: لإنشاء هيئة شرعية عليا لدى «المركزي»

1 يناير 1970 10:07 ص
  • فداد: بحوث
    وتوصيات «شورى الفقهي»
    أصبحت مرجعاً
    لطلبة العلم

    الشامري: تعليمات حوكمة الرقابة الشرعية ستحدث نقلة نوعية

دعا رئيس مؤتمر «شورى» الفقهي، العميد الأسبق لكلية الشريعة، الدكتور عجيل النشمي، إلى إنشاء هيئة عليا شرعية لدى بنك الكويت المركزي، تعتمد على الشرعية في المحاسبة المالية، وتكون هي المعيار الذي يحكم إطلاق الفتوى.
وأوضح النشمي خلال مؤتمر «شورى» أن «المركزي» أصبح لديه قناعة بضرورة إنشاء هيئة للرقابة الشرعية على البنوك الإسلامية، مشيراً إلى أن قانون الصكوك المزمع إصداره يحتاج إلى رقابة شرعية، لضرورة وجود أداة لتطبيق المعايير.
ولفت إلى وجود مقترحات حول هيئة شرعية مستقلة تصدر عنها قرارات موحّدة لدرء التناقض والتعارض في الآراء الفقهية، في ظل تباينها في المنتجات المالية الإسلامية بين كل بنك أو دولة، في حين أن بعض البنوك تقدم التمويل بشروط مشددة، وأخرى بالحد الأدنى من الشروط.
ووصف النشمي «التورق» بأنه «شعرة بين النظام الإسلامي والربوي»، مبيناً أن منتج التورق يعد وسيلة تمويل سريعة، مؤكداً ضرورة إصدار البنوك المركزية قراراً يقضي بإيقاف التورق لدى البنوك الإسلامية، كونه إحدى الأدوات المصرفية الأقرب إلى الربا، قد تؤثر سلباً على الصيرفة الإسلامية، مع ترك المجال للبنوك التقليدية لتأخذ طريقها في هذا المجال.
ورأى أن التوسّع في التورق سيؤثر سلباً على مستقبل الصيرفة الإسلامية، لاسيما في التورق العكسي الذي يتمثل في اقتراض المؤسسات المالية بنظام التورق، بدلاً من إدارة الأموال، وهو ما يٌعد خطراً على المؤسسات المالية، مشيراً إلى إقرار المجمع الفقهي والرابطة الفقهية العالمية منع التورق، لافتاً إلى أن عُمان أوقفت التعامل بالتورق.
ونوه النشمي إلى أن المجمع الشرعي والفقهي أصدر معيارين لمواجهة تمويل مشاريع التنمية في المنطقة، وهما الصكوك و«السلم»، إذ إن «السلم» يتعلق بالبلدان التي تتنامى مشاريعها الزراعية، فيما يأتي معيار الصكوك مهماً للشركات والمؤسسات المالية على اعتبار أنه تمويل طويل الآجل.
وبينما أكد أن الصكوك أصبحت من الأوسع تطبيقاً في العالم الإسلامي، ذكر أن البنوك التقليدية فتحت نوافذ واسعة في التمويل انطلاقاً من الصكوك، لأنها تعد عملية تجميع لرؤوس أموال ضخمة، ومن ثم يتم طرحها لتمويل مشروع بعينه.
وفي شأن التحديات بقطاع الصيرفة الإسلامي، اعتبر النشمي أن النمو السريع الذي حققته الصناعة في أقل من 50 عاماً، أدى إلى بلوغها مرحلة التنافس الكبير مع البنوك التقليدية.
وطالب البنوك الإسلامية بضرورة الالتزام والبقاء على المنهج الشرعي السليم، كونه يمنحها الميزة التي تبنى على قواعد المشاركة بين رؤوس الأموال في أكثر من 50 معياراً وأداة مالية، في حين لا تجد البنوك التقليدية إلا أداة واحدة في عملها، وهي الإقراض والاقتراض بالفائدة، ولذلك فإن المؤسسات المالية الإسلامية من بنوك وشركات معنية بترك الربا ومحاربته، بما تقدّمه من بدائل مشروعة، وواجبها الأول تجنيب المجتمع أكل الربا من خلال البدائل الحلال.
وذكر أن «الإسلامية» احتلت حيزاً واضحاً في الخريطة الاقتصادية العالمية، وتخطت مرحلة التخوف والتردد ودخلت مرحلة التعايش مع البنوك التقليدية، واجتازتها بنجاح، فأثرت ولم تتأثر سلباً، وتسير حالياً في مرحلة المنافسة، واستقطاب رؤوس الأموال حتى بلغ وعاء أموالها المأمول في 2018 نحو 3.4 تريليون دولار.
في المقابل، يبلغ حجم أصول البنوك الإسلامية 1.2 تريليون دولار، والصكوك 280 ملياراً، والصناديق 51 ملياراً، والتكافل 28 ملياراً، إذ تجاوز عدد تلك المؤسسات 400 بنك ومؤسسة في أكثر من 86 دولة.
ولفت إلى أن «التورق» و«السلم» المنظمان، و«التورق العكسي» ستأتي على المصرفية الإسلامية بالنقض، وتهدد مستقبلها وتنفي تميزها الشرعي، وستلتقي في الطريق مع البنوك التقليدية في المضمون دون المصداقية.
وذكر أن المؤسسات الإسلامية لو التزمت بمعيار التورق لهيئة المحاسبة والمراجعة رقم (30) والخاصة بضوابط التورق لكان حداً مقبولاً، فالشرطان المعلومان أن «التورق» ليس صيغة للاستثمار أو التمويل، وانما أجيز للحاجة بشروطها، لذا على المؤسسات ألا تقدم على التورق لتوفير السيولة لعملياتها، بدلاً من بذل الجهد لتلقي الأموال عن طريق المضاربة، أو الوكالة بالاستثمار أو إصدار الصكوك والصناديق.
من جهته، أكد ممثل البنك الإسلامي للتنمية، الدكتور الغياشي فداد، أن المؤتمر حافل بقضايا في غاية الأهمية والدقة، لها صلة مباشرة بعمل المؤسسات الإسلامية، لافتاً إلى أن بحوثه وتوصياته أصبحت مرجعاً مهما لطلبة العلم في مختلف الجامعات.
وبين أن الظروف الحالية في غاية الصعوبة، الأمر الذي يحتاج إلى تبني مبادرات راشدة بالشراكة مع المؤسسات للإسهام في تعزيز التوجه الذي يعني بالاهتمام بالاقتصاد الإسلامي ومؤسساته على المستوى الكلي، ويخدم التنمية الاقتصادية.
بدوره، لفت مدير إدارة التدقيق الشرعي الداخلي في بنك الكويت الدولي، الدكتور محمد الشامري إلى أن النهضة المالية الإسلامية لابدّ لها من اجتهاد فقهي جماعي سابق للفعل، يتسم بالأصالة من حيث المصدرية والمرونة.
وأوضح أن المصرفية الإسلامية في الكويت تعيش مرحلة مهمة في تاريخها، ففي مطلع هذا العام سيتم تطبيق تعليمات حوكمة الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية والصادرة من «المركزي»، والتي ستحدث نقلة نوعية في البنوك الإسلامية، وهذا يستدعي مزيداً من التطوير على المستوى المعرفي، والاهتمام بإعداد كوادر مؤهلة تستطيع مواكبة هذه التطورات وحاجات سوق العمل.