اكتمل أمس نصاب الموقف السياسي والروحي الجامِع في رفْضه قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل.
فبعد الموقف الرسمي الذي تمّ التعبير عنه على منبريْ القمة الإسلامية الاستثئنائية وجامعة الدول العربية بلسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، خرَج لبنان المسيحي - المُسلم بصوتٍ واحِدٍ مثّله رؤساء الطوائف الذين أعلنوا رفض قرار ترامب مطالبين بالرجوع عنه، ومعتبرين أنه يسيء الى ما ترمز اليه مدينة القدس «وهو مبني على حسابات سياسية خاصة ويشكل تحدياً لأكثر من 3 مليارات شخص»، وداعين «المرجعيات السياسية العربية والدولية للعمل معاً بغية الضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار الذي يفتقد الى الحكمة التي يحتاج اليها صانعو السلام الحقيقيون».
وجاء هذا الموقف في ختام القمة الروحية التي انعقدت في مقر البطريركية المارونية في بكركي وتَخلل جلستَها الافتتاحية كلماتٌ خطفتْ الأنظار من بينها مداخلةٌ لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الذي وصلتْ به الإشادة بموقف رئيس الجمهورية الى حدّ تسميته بـ «محمد ميشال عون»، قائلاً: «تَبيّن أن مَن يمثّل المسلمين هما جبران باسيل وميشال عون ومن يمثّل النصارى نبيه بري وسعد الحريري»، ومؤكداً «ميشال عون يمثّل اللبنانيين وأنا أسمّيه الإمام ميشال عون».
كذلك كانت كلماتٌ لكلٍّ من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الذي وصف قرار ترامب بأنه «جائر بحق الفلسطينيِين والعرب والمسيحيين والمسلمين، ومُخالِف لقرارات الشرعية الدولية»، ولمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أكد ان «القدس ليست قطعة أرض بل هي قضية العرب»، وأيضاً لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الذي اعتبر «ان كلمة الحق ان الشعب الفلسطيني له الحق في أرضه وفي قدسه ودولته».
وبعد الجلسة المغلقة التي أعقبتْها مأدبة غداء، صدر عن المجتمعين بيانٌ انطلق من اعتبار قرار الرئيس الأميركي «جائراً ويزجّ الشرق الأوسط في دورة جديدة من دورات العنف التي عانى منها كثيراً»، لافتاً الى ان «القدس موقع التقاء للرسالات التوحيدية كافة»، ومشيراً الى «ان تغيير هذه الصورة النبيلة للقدس وتشويه رسالتها الروحية من خلال هذا القرار والتعامل معه كأمر واقع، يسيء الى المؤمنين، ويشكل تحديا لمشاعرهم الدينية وحقوقهم الوطنية، ويعمق جراحاتهم التي تنزف حزناً ودماً بدلا من العمل على معالجتها بالعدل والحكمة، تحقيقاً لسلام يستجيب لحقوق الأطراف جميعاً، وخاصة الشعب الفلسطيني المشرّد منذ أكثر من سبعة عقود».