في مكتبه بآخر الممر بوزارة التجارة والصناعة، ينتظر الوزير خالد الروضان العديد من الملفات الاقتصادية التي عليه أن يتناولها بعناوين المواجهة.
فبين الجزء الموروث، والجزء الجديد الذي يحتاج إلى قرارات حاسمة وسريعة، من أجل تحسين بيئة الأعمال وزيادة معدلات النمو، وجذب الاستثمارات، علاوة على ملفات شعبية برسم القرار الجريء، على الروضان أن يقلّب جميع الصفحات التي تساعده في المساهمة بتحقيق رؤية الكويت المتقدمة تجارياً.
ليس سراً أن الروضان بات يعرف جيداً كلمة السر لهذه الملفات، بحكم أن الرجل نجح خلال الأشهر الـ 11 الماضية في فتح غالبيتها، لدرجة أنه يدرك تماماً أن مشوار الإصلاح لا يزال يحتاج إلى المزيد من الإجراءات التطويرية ومزيد من الخطوات العملية.
ولعل أبرز الملفات الشعبية الساخنة التي تنتظر قراراً من وزير «التجارة»، تسعير العمالة المنزلية، فبعد تشكيله لجنة لبحث المقترحات، ودراسة تصورات المكاتب وشركة الدرة والاستماع لرأي قطاع حماية المستهلك في الوزارة، يترقب الجميع خطوة الروضان، متسائلين «هل سيستخدم حقه القانوني وإقرار تسعيرة ملزمة لجميع المكاتب ما لم يتم التوافق قريباً على إقرار سعر مناسب؟».
تعزيز ترتيب الكويت في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال هو الآخر من الأولويات الملحة بالنسبة للروضان، فرغم أن ترتيبها في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، تحسّن 6 مراكز لتصبح في الموقع 96 بين 190 دولة، مقارنة مع الترتيب الـ 102 في تقرير 2017، كما شهدت ارتفاعاً في رصيدها وفق «مقياس القرب من الأداء الأفضل» وذلك كنتيجة مباشرة لتفعيل الأجندة الوطنية لتحسين بيئة الأعمال (برنامج تحسين)،
إلا أنه يظل على الوزير تبني مجموعة من الإصلاحات، من بينها الاستمرار في تقليص عدد الإجراءات والأيام، وكذلك المضي قدماً في خفض كلفة بدء الأعمال.
علاوة على ذلك، فانه رغم الأثر الإيجابي لتفعيل قرار الروضان في شأن إنشاء النافذة الواحدة الوطنية، وتعميم الاستخدامات الإلكترونية «أون لاين» في المعاملات، وما نتج عنها من تسريع في إجراءات تأسيس وتسجيل الشركات، إلا أن الواقع يتطلب تعميم التجربة وميكنة جميع قطاعات الوزارة.
عملياً، نجحت الوزارة خلال الفترة الماضية في ميكنة بعض القطاعات مثل التموين، وطلبات عقد الجمعيات العمومية، وتأسيس الشركات وغيرها، لكنها لم تنجح في تعميم التجربة على جميع قطاعات الوزارات الأخرى، لتتخلص نهائياً مما يعرف باسم الدورة الورقية التي لم تعد تناسب طموح الوزارة والمطلوب منها مستقبلاً.
وإذا كان الجميع يعترف بأن طريق الإصلاح لتحسين بيئة الأعمال مازال طويلا، ويتطلب تعاوناً متواصلاً بين الجهات الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص، والمجتمع المدني لإتمام أولويات الإجراءات المعتمدة في الأجندة الوطنية لتحسين بيئة الأعمال، إلا أن الطريق ستطول أكثر ما لم تنته «التجارة» قريباً من الاستكمالات الإجرائية والقانونية المطلوبة.
وعلى سبيل الرصد، هناك قوانين اقتصادية ينتظرها مجتمع الأعمال، في مقدمتها الإعسار وتنظيم عمليات الإفلاس التي عرفها الجميع بالمشاريع التي لم تتحول إلى قوانين منذ سنوات، إضافة إلى تعديل قانون الشركات، وحماية المنافسة، وصندوق المشروعات الصغيرة، والمعارض العقارية وغيرها من المشاريع التي من شأنها إعادة هيكلة البيئة القانونية المحلية، بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الحالية.
أيضاً، هناك ملف العربات المتنقلة، فبعد إنجاز لائحة السيارات المتنقلة والعربات المقطورة، ينتظر مستثمرو هذا القطاع العديد من التوضيحات بخصوص إتاحة الفرصة لأعمالهم.
في الوقت نفسه، يفرض ملف حماية المستهلك نفسه بقوة على أجندة الروضان، سواء لجهة تطوير القطاع، أو لزيادة جرعة التوعية، أو حتى تعزيز مفهوم الحماية سواء للتاجر أو المستهلك، وقبل ذلك تفعيل قانون هذا القطاع.
وبالطبع صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة يحتاج إلى المزيد من الدفع، فبعد إعادة تشكيل إدارته، لا يزال مستثمرو هذا القطاع بحاجة أكثر إلى مزيد من الإنفاق من رأسمال الصندوق بمرونة أكثر، وبآلية من الواضح أن الإدارة الجديدة تعرفها جيداً، وتستعد لإطلاقها لكنها تحتاج إلى دعم أكثر لتسهيل أعمالها ودورها.
وعلى خط موازٍ، يبرز ملف استكمال التفاهمات مع الجهات الرقابية وفض التشابك بينهم على رقابة الشركات، وإنهاء أزمة الشركات التي خسرت غالبية رأسمالها، وما إذا كانت ستُمنح فرصة ثانية أم لا.
إلى جانب ذلك، هناك ملف مستثمري المنطقة الحرة، وقرب انتهاء عقودهم في 2018، حيث الحاجة الملحة لاتخاذ قرار سريع في شأنه، بدلاً من تقاذف الملف بين أكثر من جهة تجد نفسها متورطة في حلّ مشكلة معقدة منذ 2007.
وبالطبع يتذكر الروضان أن مكتب وكيل الوزارة الذي لا يبعد عن مكتبه سوى أمتار قليلة، لا يزال شاغراً، في وقت لا يزال فيه ملف تسكين شواغر الوظائف الإشرافية «حامياً».