رأي قلمي

عباءة الأفكار...!

1 يناير 1970 01:35 ص

هناك صنف من الناس، رغم أنه من جلدتنا وجنسنا، إلا أنه يلبس عباءة أفكار وقناعات متوافقة تماماً مع الصنف المغاير والمخالف لأصالتنا الشرعية، وهو الذي يستند بأحكامه وأفكاره وقناعاته إلى العقل، إذ يجعل له سلطاناً عظيماً من دون قواعد ومعايير تؤصل وتؤطّر ما يعتقد به من أحكام وشرائع.
إن هذا الصنف من البشر له رؤية خاصة به بما يتعلق بالإنسان، وهذه الرؤية تعتمد في تحليلها على أن الإنسان كائن بيولوجي يصدر عنه سلوك مشروط بالرغبة في حفظ بقائه مثله مثل أي حيوان آخر، وقد قال الله تعالى «ولقد كرمنا بني آدم»، لأنه يعتمد هذا الصنف في فلسفته على النتائج الظنية التقديرية، ومن منطلق هذه الفلسفة غير المنطقية يسعون لتشريع أحكام وقواعد تخالف وتضاد أحكام الشريعة الإسلامية، وهم على علم ويقين بضعف وتفكك تلك الأحكام، لأنها من وحي الحس والرغبة والعقل القاصر في أدائه أمام أحكام وحجج وبراهين يعجز العقل في كثير من الأحيان عن تفسيرها وتحليلها.
لقد تجرأوا على ثوابت واضحة وأخذوا بتفتيتها إلى أصغر وحدات ممكنة حتى تصل إلى إلغاء هذا الحكم الشرعي المُنزَّل من آلاف الأعوام كالحجاب وتعدد الأزواج للنساء وغيرها، كما أنهم يؤيدون القوانين الوضعية القاصرة حتى لو كانت هذه القوانين تخالف وتضاد الشريعة الإسلامية بل تعارض الأصول والجذور بحجة أنهم مع أي قانون يحقق مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين حتى لو كان هذا القانون يخالف شرع الله من الألف إلى الياء، ولكنهم تناسوا - المساكين - أن وعي الناس من متغيرات المجتمعات، فمن يؤيدك اليوم سيخالفك ويهاجمك غداً، ومن يصفق لك اليوم سوف يصفعك غداً، يريدون غربلة أحكام الدين بما تحكم رغباتهم وعقولهم المذمومة إن لم يحسنوا استخدامها بالشكل الصحيح الذي خُلقنا من أجله.
ختاما... علينا أن نحفظ تضاريس طريق الخارطة الربانية والتي هي منهاج الأصول والثوابت حتى نتمكن من العودة إلى تحقيق مبتغانا، هذه الخارطة التي لن ولم تزل بزوال الأشخاص والأزمان، وحتى يتوافق واقعنا مع مبادئ شريعتنا ولا نهلك في متاهات ومطبات التقنين عند هؤلاء، أصحاب الأفكار الدخيلة المشبوهة، والذين يستميتون لطمس تضاريس الدين المؤصل للفطرة السليمة في سبيل تحقيق رغباتهم المفتتة المعرضة للزوال قريباً بإذن الله بزوال أصحابها.

[email protected]
mona_alwohaib@