حاضر فيهما الروائي إبراهيم فرغلي

«الجسد» ورواية ما بعد الحداثة ... ندوتان عن الأدب العربي في ميلانو

1 يناير 1970 09:09 ص
أقام الكاتب المصري إبراهيم فرغلي ندوتين في مدينة ميلانو، إحداهما في متحف الثقافات تحت عنوان «الجسد في السرد العربي المعاصر»، بينما أقيمت الثانية في الجامعة الكاثوليكية حول اتجاهات اللغة السردية في الأدب العربي بعد ألف ليلة وليلة.

في الندوة الأولى، تحدث فرغلي عن أبرز الكتابات التي تناولت موضوع الجسد في العالم العربي في الستينات وما بعدها مشيرا لبعض النصوص للكتّاب يوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس وليلى بعلبكي وكوليت خوري. ثم أوضح ان نجيب محفوظ عبر عن الجسد كوسيلة استخدمتها السلطات للقمع والإهانة الجسدية في رواية «الكرنك». وقام الكاتب عبدالرحمن منيف بتوسيع دائرة هذا الموضوع في روايتيه شرق المتوسط وشرق المتوسط مرة أخرى. وأيضا الكاتب المغربي الطاهر بن جلون في روايته «تلك العتمة الباهرة»، كما قدم نماذج عديدة لتناول موضوع الجسد لدى عدد آخر من الكتاب، موضحا أن بعض الكتابات الجديدة استخدمت موضوع الجسد كموضوع للإثارة ولفت الانتباه موضحا أن الإيروتيكا ليست إثارة جسدية بل محاولة لربط المعرفة بالنفس البشرية بالجسد، واستبدال فكرة الحوار كموضوع للتواصل أحيانا بالجسد باعتباره وسيلة التواصل.

وفي الندوة الثانية التي اقامها معهد دراسات اللغة العربية في الجامعة الكاثوليكية، قدم الناقد الدكتور وائل فاروق، أستاذ الأدب العربي واللغة في كليتي الآداب والعلوم السياسية، فرغلي باعتباره أحد رموز التجديد في الأدب المعاصر، وعرض موضوعات رواياته للجمهور الإيطالي. وقال فرغلي «إن موضوع الرواية المركبة أو الميتا رواية التي تعتمد على تداخل الحكايات ليست أمرا جديدا في تاريخ السرد، فهناك تجارب سردية غربية كثيرة في هذا الصدد. وذكر إنها ربما ليست كثيرة بشكل لافت في الرواية العربية المعاصرة لكن هناك تجارب مختلفة في هذا النوع، الذي يأتي في إطار محاولات تجديد الشكل التقليدي والكلاسيكي للنص السردي العربي».

واوضح أنه بشكل شخصي يلجأ لهذا النوع السردي لأنه لا يعتقد أن نقل الواقع يمكن أن يعتبر فنا، وأن النص الأدبي لا بد أن يعتمد على الخيال، خصوصا أن الواقع وكل ما نراه مزيف ولا يمكن أن يكون حقيقيا لأنه ملون بالإيديولوجيا، ودور الرواية أن تميط اللثام عن هذا الزيف وتكشفه، بالإضافة لأن الواقع المشوش والغريب وسريع التغير الذي نعيشه اليوم في العالم العربي وفي أوروبا وكل مكان لم يعد من الواقعي التعبير عنه بنصوص سردية منسجمة ذات بعد أحادي واحد، وبالتالي فالميتارواية تعبر أكثر عن الواقع المتشظي لما بعد الحداثة.

وضرب أمثلة من علاقة بنائه لأعماله مع البناء الشكلي لألف ليلة وليلة باعتبارها مجمع حكايات متجاورة ومتقاطعة، وباعتبار أن تيمة المؤلف المجهول أو الغامض تيمة مشتركة فيها موضحا أن الف ليلة وليلة كمؤلف اتسمت ولا تزال بغموض هوية مؤلفها او مؤلفيها.

وقال فرغلي: لكن النسخ المتعددة لألف ليلة تتفق على راويتها، وهي امرأة تأتي سيرتها في إطار النص الإطاري الرئيسي وبطله الملك شهريار والحكاءة - الزوجة (شهرزاد) وهي امرأة لم يتوقف الكثيرون عند مواصفاتها، فهي ليست امرأة لعوبا، ولكنها ليست امرأة تعرف بالحكمة أيضا فقط، بل هي تمتلك قدرا كبيرا من المعرفة، لأن الحكاية ليست مجرد خيال فقط، بل ومعرفة أيضا، وأنا شخصيا من المؤمنين أن الرواية كتاب معرفة أولا، معرفة بالنفس البشرية، أو بتفاصيل الحياة، أو حتى بالعلوم، فكما يقول رولان بارت لا توجد مسألة علمية واحدة لم يعالجها الأدب العالمي في لحظة من اللحظات.

وجرى نقاش بين الجمهور والكاتب حول الموضوعات المطروحة فتحت آفاقا جديدة للموضوعات محل النقاش.